منذ أشهر تتبعت برنامجا على إحدى القناتين الرسميتين المغربيتين، واعتقد القناة الثانية وكان ضيوف البرنامج مجموعة من الكفاءات المغربية الشابة كل يبدع في مجال تخصصه بجانبهم ضيف عزيز على كل المغاربة الكادحين والعاطلين إنه وزير التشغيل السيد المنصوري .. !!
ما لفت انتباهي في البرنامج قصة احد الشباب المستضافين هناك ، وهو حاصل على شهادة الدكتوراه في مجال البيولوجية على ما أتذكر أو في اختصاص قريب منها الشاب عندما عاد إلى ارض وطنه من كندا وهو يحمل شهادة الدكتوراه من أجود الجامعات الكندية عاد المسكين وهو شغوف إلى تنمية بلاده ومساعدتها على النهوض والتقدم . لقد قدم طلبا للجهة المختصة للحصول على رخصة إقامة مختبر فقوبل بالرفض لان شهادته الكندية لا تعادل الشهادة المغربية أو درس في جامعة غير معترف بها في المغرب حسب زعم المسئولين عن طلبه ، .لست ادري إن كان التعليم في المغرب أفضل من نظيره في كندا .. أو أن المغرب يدرس لأبنائه برامج أكثر كفاءة وجودة ..وما أريد أن اعكسه بهذا النموذج ، هي العراقيل التي تواجه عددا هائلا من الطاقات المتميزة في كل الوطن العربي .. ونحن عندما نرى ذلك الزحام والكتل البشرية المصطفة أمام السفارات والقنصليات الأجنبية ندرك حقا الخطر الذي يواجه البلدان العربية فالحروب التقليدية والاستعمار التقليدي لم يعد هو المهدد الوحيد فالاختراق الثقافي واستنزاف الكفاءات بحد ذاته استعمار واستغلال مجحف ..
وكلنا يدرك ما معنا العيش في وسط جاهل دون قيادات اقتصادية واجتماعية وثقافية …الخ تتمتع بالحكمة والقدرة فذلك يظهر كل أشكال التخلف والعجز والى ما هنالك من الأزمات..ويزكي مفهوم الرجل الغير المناسب في المكان الغير المناسب أيضا وانتشار المحسوبية والزبونية ..
وإن كانت قلة قليلة من هذه العقول ، وغالبا ما تكون قلة ميسورة تكافح ، وتعاند جهل المسئولين وتكابد كل الأضرار من اجل التنمية وخلق مجتمع متقدم ، فان الكثيرين للأسف يحزمون حقائبهم ويقصدون اقرب قنصلية أجنبية تقدم لهم كل الإمكانيات وتفتح لهم أفاق الإبداع وما أكثر هذه الدول التي تتطلع شوقا إلى عمالة جنوبية رخيصة الثمن وذات كفاءة عالية ..
عندما أقرت وزارة الداخلية مشروعا بخصوص تنظيم الهجرة إليها ، شدني إلى خطاب الوزير نيكولا ساركوزي عندما قال ( سنسمح للفنانين والطلبة المتفوقين والعلماء بالقدوم إلى فرنسا ) حينها فقط أدركت كم هي مهمة كفئاتنا العربية ليت المسئولينن يتدبرون هذه التصريحات التي اعتبرها تنزلق بغير إرادة لان أصحابها لو أدركوا ما يقولون لما تفوهوا بذلك لكن لحسن حظهم العرب لا يتدبرون ..فليولوا ما شاءوا ..لهذه الأسباب يهاجر الشباب العربي ذو الكفاءة طبعا ..