الفطور والعشاء من الكماليات عند الأطفال العرب
الفطور والعشاء من الكماليات للطفل العربي *** سامي الأخرس
كثيراً هي الصور التي يمكن أن تراها عبر شاشات التلفاز ، وكثيرة هي الدموع التي لو تجمعت بمجري مائي واحد لتحولت لنهر من أكبر أنهار الكرة الأرضية ، وأشد الأمواج حرارة من نيران الآلام والعذاب ، كثيرة هي مشاهد الألم التي يمكن أن تحولك لبركان ثائر ينفجر غيظاً وألماً ، أو يحولك لكتلة صخرية لا تتأثر بعوامل الطبيعة .
هي نفس الصورة ، ونفس المشهد القديم الجديد ،الذي يطل برأسه من فلسطين ، ومن لبنان ، ومن العراق ، ومن السودان ، ومن أفغانستان ، ومن كل مكان أنت تجد نفسك معنياً بمشاهدة ما يدور في فضائه الجغرافي ، وتعيش محلقا في سمائه .
ثلاث مشاهد درامية عبرت عن إبداع خيالي لكاتب السيناريو وأثارت غرائزه وشهواته للاستلقاء شاخصاً صوب السماء ، ورسم كل ما يوحيه له خياله واسع الأفق ، كاتب وجد نفسه فجأة من أبدع الكتاب .
ابتدأ المسلسل الدرامي في عراقنا الحبيب عندما عرضوا علينا مرأياً وسمعيا وقراءة مسلسل الأسلحة الكيماوية وتواصلت حلقاته حتى التقط الفأر قطعة الجبن واقتسمها بين أقرانه جنوباً وشمالاً ، ومنح جزءً منها للفأر الأسمن والأكبر الذي يتربص بالجوار ، تفتت قطعة الجبن المتماسكة ولوثتها أسنان القوارض التي أضحت تعاني من السمنة وهي تشبع وتروي شهواتها من قوت الأطفال ،ودموع الثكالا ، وأنين المختطفين ، وحولت نهري دجلة والفرات لبحر من الدماء والدموع .
ولم ينتهي بعد مسلسل العراق الذي تحول من أسلحة كيماوية لمحاكمات الدجيل والأنفال والثأر الطائفي ن تشتد وتتواتر حلقاته فوق الجثث المتناثرة في أزقة بغداد والممثل لا زال يعيش بكل حواسه المسلسل الدرامي . والفاعل مجهول ولما لا وهو يهبط من السماء ويصعد إليها بعدما يشبع ويرتوي من غزواته التي جسد اسمي بطولتها بخطف وزارة كاملة .
ولكوننا بدأنا نشعر برتابة وملل من مسلسل العراق ، ولنتجاوز هذه الحالة أو ليجدد نشاطنا ونتمتع بالمشاهدة ، أطل علينا المسلسل اللبناني ، بلاد الأرز ، بحلقات المحكمة الدولية التي ولا بد أن نستكمل حلقاتها بنفس الحماسة وبصمت كما استمتعنا بمسلسل العراق ، حتى نجد لبنان يغرق وسط ديمقراطية المحكمة الدولية التي لم تهب رياحها الفعلية بعد ن ولم نعرف من أين ستهب علينا بديمقراطيتها ، فكما عشنا بديمقراطية الفئران العراقية ، يترائي لمسامعنا حفيف الأفاعي تتجه صوب لبنان ، الذي يبدو قسم مسبقا لجنوب وشمال ووسط .
ومن هناك يشترك الممثل الفلسطيني في رسم سيناريو آخر متمثل بحكومة الوحدة الوطنية التي ومنذ ثمان شهور يضيء لها أطفال فلسطين الشموع ، وبزوابعها تطفئ أي أمل لأن تقاد شمعه تنير النفق المظلم ، فما ستفعل هذه الحكومة ؟!! في ظل دماء تنزف من عدوان متواصل من الاحتلال الصهيوني ،ودماء تنزف بين الأخوة ، واستفراد الحوار بين القطبين الأكبر مع تجاهل باقي فصائل الفعل الوطني التاريخية ، واستنهاض قوي استعراضيه لا تفقه سوي التهديد والوعيد .
وما بين حلقات المسلسل المشترك بإنتاج فلسطيني – لبناني – عراقي تحول أطفال العرب لجوعي مقهورين ، قوتهم الدموع والآهات ، وتحولت وجبات الإفطار والعشاء عند معظمهم إلي كماليات ، وشطبت من الضروريات .
أضحي الطفل العربي يعاني من فقر الدم ، في الوقت الذي يعاني به قادتهم وزعاماتهم من تخمة وكروش منتفخة ، قادة وزعماء لم تطأ أقدامهم شوارع الوطن لينعموا بما ينعم به أطفال الأمة ، أملها ومستقبلها .
فما الفرق إذن إن مت بكاتم صوت ، أو بانفجار مفخخة ، أو مسموما ، أم جوعا ؟!!! إذا كان الموت هواية .
ولما نتباكي وننعي أنفسنا بحسرة وألم ونحن أموات لم نواري الثري بعد ، فالأموات لا تتباكي علي الأموات ولا ترثوها .
فيا وطني العربي يا أعظم الأوطان ….. يا نبض القلب وشريان يحمل الدماء
يا وطني العربي يا أكبر الأوطان ….. لم تعد تألمنا أهات الأطفال
يا وطني العربي يا أغلي الأوطان ….. كفانا الرقص علي ألحان الفضائيات
سامي الأخرس
Aucun commentaire
الأستاذ الفاضل سامي الأخرس،،، أهلا وسهلا بيكم، مشاركتكم القيمة شرفت صحيفة اوجدةستي وشرفتنا ،،، سيظل رهان التغيير منصبا على أعناقنا مادام ثورة القلم والقلب والقالب لا تكتمل إلا بالوطن والشعب الذي سيظل سيد الفرسان رغم مآمرات الأعداء،،، لكم التوفيق والتحية الخالصة