أمسكت الليلة قلمي لأفض به بكارة بياض صفحتي، وأمتطي صهوة الكتابة عن المرآة الفلسطينية التي دونت بدمائها ونضالها أمجاد الماجدات، نساء أرض الرباء رمز الصمود والكفاح، فلك سيدتي تحية إجلال وتكبير يا صانعة الرجال، يا زوجة الأسير، يا راعية الأيتام والمسننين، يا أم الشهيد.
يزداد هاجس خفي لدي وأنا أتحدث عن المرأة الفلسطينية خوفا أن لا أوفيها حقها
لقد واجه الشعب الفلسطيني على مدار 58 سنة أبشع أنواع القسوة، التشريد، الإبعاد، التجويع، القتل، التهجير والحصار… الخ أما تلك الإنسانية التي تخلت عن أقراطها وجواهرها وراحتها وعانقت المعانات والسلاح دفاعا عن وطنها وهوية شعبها. هي تلك الأم التي حملت جنينها، أنجبته وكبرته حتى أصبح شابا يانعا فأقسمت عليه برحمة الآباء والأجداد والكتب السماوية أن يخرج ولا يرجع إلا مرفوعا على الأكتاف. تلك الشابة التي تزينت بحزام ناسفة وترقبت لحظة الشهادة كما كانت تنتظر بشغف ليلة دخلتها. هي تلك الباقة من الورد والياسمين التي القي بها في غياهب سجون العدو ظلما وعدوانا.هي مستودع ألوان المعانات والظلم أمام مرأى وسكوت العالم.
* شاركت في العمل العسكري والتدريب الميداني في القواعد لحركات التحرير الفلسطينية، التي أنجبت العديدات منهن مثل:
 شادية أبو غزالة التي استشهدت أثناء إعداد عبوة ناسفة سنة 1968
 ليلى خالد التي فجرت طائرة كانت متوجهة إلى تل أبيب بعد إرغام ربانها على النزول بمطار دمشق ثم فجرتها بعد إخلاء ركابها سنة 1969
 دلال المغربي التي استولت على حافلة جنود ثم فجرتها حيث وصل عدد القتلى اليهود إلى 50 مقابل استشهادها رفقة تسعة من فرقتها الفدائية سنة 1978
 لمياء معروف، دارين أبو عيشة، زهرة سعيد حسن، عطاف عليان، إلهام الدسوقي، آيات الأخرس، وفاء إدريس، عندليب طفافة واللائحة طويلة.
* شاركت في العمل الأدبي والسياسي وبجذوة فكرها استطاعت أن تتوهج وترسل ضوءها وشررها في مختلف الاتجاهات العقلية والوجدانية والإنسانية، قاتلت ولا تزال تقاتل بقلمها من أجل نصرة قضية أرضها المقدسة مثل: فدوىا لطوفان، حنان عشراوي، راوية شفا، جميلة صيدم، دلال سلامة، إنتصار الوزير… الخ
*شاركت في العمل التنظيمي، في لجان التعليم الشعبي، في الاقتصاد المنزلي، في المؤسسات الخيرية لتربية الأيتام ورعاية المسنين.
* قامت بدور جبار وشاق ألا وهو تربية الأجيال وحثهم على الدفاع عن حقهم المغتصب واسترجاع وطنهم السليب و عدم التهاون في تقديم الغالي والنفيس من أجل ذلك.
*نالت نصيبها من الإعاقة، القتل، الإبعاد، السجن، الشهادة
* هربت الأموال لداخل فلسطين
* شاركت في الإغاثة والتمريض والتطبيب
* حملت السلاح في وجه العدو
* أمنت الملجأ والأكل والخدمات للكوادر
* قاطعت منتجات العدو، قاومت الحصار من خلال أعمالها الإنتاجية
* هربت السلاح والذخيرة للفدائيين
* نالت نصيبها من القصف، تدمير البيوت، إطلاق الرصاص المباشر عليها، الاغتيال، شضايا القصف أثناء عمليات الاحتلال والتدمير
* نالت قسطها الوفير من سياسة الحواجز حيث اضطررن للولادة في العراء وأمام الملأ بسبب منعهن أو العرقلة، أو التأخير في تقديم الخدمات مما أدى إلى موت العديد من الأجنة.
* تفاقمت حالات الإجهاض المقصودة بسبب الغازات المسيلة للدموع، الخوف، الضرب من قبل قوات الاحتلال، أو الولادة في البيوت

في الأمس القريب ببيت حانون خضبت الأرض بدمائها الطاهرة وهي في أحلى وأجمل وأرقى صورها الصامدة، الصبورة، الشجاعة، المناضلة، الأبية المجاهدة…. لم تهتز عزيمتها أمام أي عدوان أو ممارسات التنكيل أو السلاح الفتاك. ومنذ بداية العمل الوطني والجهاد ضد الاحتلال لم تنأى عن تقديم التضحيات تلو الأخرى والعطاء المستمر دون كلل أو ملل والذي لا ينضب من أجل
وطنها المقدس فهي تعيش معانات شعب بأكمله، أجل علقت عليها الآمال من طرف
الأمتين العربية والإسلامية لأنها هي من رفعت رأسهم الذي دفنوه في الذل والهوان بسبب هرولتهم ومساعدتهم وتنسيقهم مع الصهاينة.

المرأة الفلسطينية استطاعت بكل ما تحمله من أفكار خص باء ومتزنة الوصول نحو القضايا السياسية، الاجتماعية، والثقافية، واحتلت مكانة خاصة في جل الأنشطة، حيث طورت وأبدعت في أدائها بشكل رصين ومحكم ومتناسق مع المهام والمسؤوليات المنوط بها والتي تسعى دائما أن تكون إلى جنب الرجل. الرئيس الراحل أبو عمار رحمه الله كان من اشد المناصرين والداعم الأساسي لقضيتها.
لا أغلو إذا قلت أنني لم أكفيها حقها من خلال هذا الموجز، بالرغم أنني لا ولن أعترف للحكومات أن هم من غيروا وجه التاريخ رغم أسمائهم التي تملأ صفحات كتبه، بل المرآة الفلسطيــــــنية والتي تظل صور تضحياتها وصمودها وشموخها معنا أينما أحللنا وارتحلنا.

عن رسول الله " ص « قال: لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من جانبهم، إلا ما أطاب هم من لأواء ( الأذى ) حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك….. قالوا أين يا رسول الله، قال: المقدس وأكناف بيت المقدس ( رواه الطبراني ورجاله، وعبد الله ابن أحمد )

20/11/2006 صباح الشرقـــــــــــي