في البدء كانت الثقافة …

إذا كانت مدينة وجدة قد قطعت بحق أشواطا مهمة في مجال التأهيل الحضري في زمن قياسي، حيث الساحات الجملية، والنافورات الرائعة، والمناظر الخلابة، والإنارة ذات الأشكال المختلفة، والأشجار المتناسقة، والمركبات الثقافية المنتشرة هنا وهناك … كل هذه الإنجازات غير المسبوقة تستحق التنويه والإجلال والإكبار. ومن حق أبناء مدينة وجدة أن يفتخروا بها أيما افتخار. لكن لابد أن تواكب هذه النهضة الشاملة حركة ثقافية وفنية تعيد لمدينة وجدة مجدها الثقافي والعلمي والفني، وتعطي لتلك الإنجازات العظيمة روحا متجددة…
ولعل المعرض الذي احتضنته  ساحة 9 يوليوز يعيد لهذه المدينة العريقة بعض الجوانب المشرقة التي أفلتت منها.

وهي مبادرة لا يملك كل غيور على مستقبل مدينة وجدة إلا أن يباركها ويثني على مبدعيها ثناء جميلا.
إن المتجول في تلك الأروقة على بساطتها وتنوعها يتمنى أن تصبح هذه الساحة الجميلة وغيرها من الساحات فضاءا ثقافيا وفنيا بامتياز.
لا تملك وأنت تتجول في « رواق المقاومة » إلا أن تعجب بتلك الآثار المعروضة والتي إن دلت على شيء فإنها تدل على المجد التاريخي المغربي الذي صنعه أبطال وطنيون صادقون، عظم عليهم أن يروا بلدهم لا ينعم بالتحرر والتقدم والنماء.
كما تستحضر من خلال الآثار العلمية الغنية التي عر ضتها كلية الآداب والعلوم الإنسانية بوجدة، وكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط الدور الفعال الذي أسهمت فيه بحظ وافر ولا زالت تسهم الجامعة المغربية.
مثلما تشعر أيضا وأنت تتجول في أروقة المكتبات الخاصة أن أصحابها راضون كل الرضا على هذا الصنيع …

أما المثقف الوجدي فهو يعلم أكثر من غيره مدى حاجة المدينة إلى مثل هذه المبادرات الكريمة التي تجعل من مشاريع التنمية مجالا خصبا ومتنوعا ومتكاملا.
لكن في البدء كانت الثقافة.

الدكتور عبد القادر بطار