Home»Enseignement»المدرسة والأسرة: واجهة مركزية في الإصلاح وتعميق التماسك في لحمة المجتمع

المدرسة والأسرة: واجهة مركزية في الإصلاح وتعميق التماسك في لحمة المجتمع

0
Shares
PinterestGoogle+

المدرسة والأسرة:

واجهة مركزية في الإصلاح وتعميق التماسك في لحمة المجتمع

فائزة السباعي

مفتشة مركزية بوزارة التربية الوطنية

استحضارا للبعد الاجتماعي في منظومة إصلاح قطاع التربية والتكوين, يرفع الدخول المدرسي الحالي شعار"الأسرة والمدرسة معا من اجل الجودة" كمدخل يصبو الى إنضاج الفعل الاجتماعي بكل تجلياته في صميم الحياة المدرسية , ذلك أن فك العزلة عن المدرسة, وتكسير سياجات التهميش والإقصاء حولها, من أهم الاوراش التي ينكب عليها فكر التجديد, وتستهدفها مواقف التغيير.

وان كل من حتمية الترابط الجدلي ومنطق التعايش الاجتماعي بين مكونات المجتمع الحيوية ,يبرزان عمق الروابط التي تجمع بين المدرسة والأسرة كمؤسستين اجتماعيتين يتواجدان بشكل حاسم ومتداخل في عمق المشهد المجتمعي, ليتقاسما معا, وظيفة البناء الاجتماعي لشخصية الإنسان المغربي ,وليحددا ملامح هويته الوطنية والعالمية.

انه واقع ملزم بضرورة مد جسور التواصل بين الطرفين،وهي كينونة ثنائية قابلة للترجمة على ارض الممارسة بفعل قوة التعاون وروح المبادرة, وتجسيد مثل وقيم الاندماج والتكامل والتعاطف والتطوع والتآزر, فلا جدل في كون الأسرة تحتل موقع النواة الأم المحتضنة للتنشئة الاجتماعية لا بنائها.

إلا أن استمراريتها ومشروعيتها تلك ,لا تتجذر ولا تنضج ,إلا بوجود المدرسة كمؤسسة نظامية تضمن الامتداد الحقيقي لها, وتسهر على تكوين ورعاية الأجيال بكل طاقاتها المنتجة , بجانب تنوع صيرورة التكوين التربوي فيها , وتعدد أبعادها التربوية والاجتماعية والسيكولوجية والروحية والقيمية والفكرية المعرفية والثقافية الحضارية . كما أنها تتولى مهام تطوير واكتساب النشء للكفايات المهنية الملائمة لانتظارات المجتمع, بعد انقضاء أطوار التكوين.

بذلك يصبح أمر تجسير العلاقات, ولحم الفجوات بين المدرسة والأسرة تعاقد اجتماعي ملزم بطبيعته المتداخلة والمتكاملة , انطلاقا من وحدة المصير ووحدة الرهان, كلاهما معا في خدمة التنمية البشرية ببلادنا.

كما أن وحدة الغايات والوظائف والادوار دعوة أكيدة وملحة لانكفاء مساحة القطيعة والتنافر, وانحسار الهوة الفاصلة بينهما لزمن غير هين.

وان مدخل الأبواب المفتوحة للمدرسة الوطنية الحديثة ,إضافة نوعية أخرى الى رصيد الذاكرة في الإصلاحات التي يشهدها الشأن التربوي, من اجل الارتقاء بجودة اداءاته المختلفة المدرسة والأسرة معا.

أن الإصلاح يرنو الى مدرسة وطنية جذابة ومحفزة , تفكر بهموم المجتمع, وترسخ مكتسباته الثقافية ,وتستلهم غاياتها من مشروعه الحداثي الديموقراطي المأمول. أنها دينامية جديدة نوعية لتطوير نظمنا التربوية , وترقى الى تجاوز أنماط التعليم الإلقائي المركز على المضامين والمقررات الدراسية , بإقرار نهج تربوي أكثر منهجية ,ومداخل بيداغوجية أكثر مرونة, وتمحور حول شخص التلميذ كقطب للاهتمام في الفعل والمبادرة, بالتركيز على الإشكاليات التنموية الاجتماعية, كموضوعات معرفية جوهرية ,في تحديد المادة الدراسية المطروحة للبحث.

إنها مدرسة بناء للفكر النقدي المسؤؤل ,لإعداد مواطن قادر على فهم واقعه , وتخطي تحدياته ,والاندماج بايجابية في صلب التحولات الاجتماعية الهادئة, والتفتح بمنظور حضاري أصيل على مد الثقافة الكونية…تلك إذن ,هي مدرسة المبادرة الذاتية للتلميذ. والحقل الحقيقي للتجارب, والفضاء الأمثل للبحث والإبداع ,والمنبر المحفز لمسائلة الذات المنتجة لديه عن طريق بيداغوجية التعلم, ومؤسسة التعليم الاجتماعي الداعية الى بناء العلاقات الجماعية بكل مقاييس الدمقرطة والتعايش.

إلا انه مسؤولية معكوسة , فالأسرة مدعوة أيضا لتاطير هذه الاختيارات عن طريق المقاربة التشاركية ,والتخلي عن موقفها التقليدي تجاه المدرسة المتصف بالحياد, والملاحظة الخارجية المتحفظة,والاستقبال الآلي لنتائج التقويم الجزائي . كما أنها مدعوة الى إعادة النظر في أساليب التربية الأسرية ذاتها , لتتناغم مع هذه الآفاق والتصورات, استجابة لروح العصر وطرح التغيير فيه.

وتعتبر جمعيات أمهات وأولياء التلاميذ الشريك الحيوي في صلب القرارات الإستراتيجية للمدرسة, كتدبير الإيقاعات , وتمويل البنية التحتية ومختلف المشاريع , واستشراف المستقبل ,وتقويم الاداءات وتكييف الصعوبات والحد من المعيقات الهدامة كالهدر, والفشل ,والعنف المدرسي. كما أن استدماج هذا التشارك يحيلنا على تعدد الآليات والسبل, من برامج دراسية جهوية وإقليمية,ومشاريع تربوية,وتدبير الفضاءات التربوية ومجالس التدبير ومنتديات الإصلاح.

بذلك , يكون العبور الحقيقي الى التغيير تكامل مع الآخر, خارج النظرة المؤسساتية الضيقة للذات , ولا ينضج إلا بتواجد كل من المؤسستين الفاعل بقوة , الواحدة منهما في قلب الأخرى ويبقى دور هيئات المجتمع المدني عامة والإعلام خاصة, أنجع القنوات للتركيب الواقعي بين هذه الأبعاد على مستوى التفكير والفعل والمبادرة, إخصابا لروح الاندماج, وتحسيسا بجدوى وحيوية هذا النوع الوازن من التعاقدات الاجتماعية الرفيعة.

بذلك يتعدى رهان التغيير المنشود هذا الآفاق المختزلة للشعارات المناسباتية العابرة ,والمرتبطة براهنية الأحداث والمواسم, الى المفهوم الواسع للدعامة المركزية في حمولة الإصلاح التربوية, لترجمة مشهد آخر قوي ناطق بفعالية التلاحم والتوافق الاجتماعي من اجل مجتمع حداثي منسجم ومتماسك. فائزة السباعي مفتشة مركزية بوزارة التربية الوطنية

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

  1. احمد سالم
    19/09/2006 at 11:39

    لقد ظلت العلاقة بين المدرسة والاسرةمطلب الطرفين ،الا أن هذه العلاقة لم تعرف تطورا ملموسا يفعل دور الاسرة خاصة عبر جمعيات الآباء ،هذه الاخيرة التي يكاد دورها يغيب الا في مناسبات كالتسجيلات أ, انتخاب الهياكل أو ترميم المؤسسات،ان تغييب دور ه الجمعيات وعلى الرغم من المذكرات الوزارية ناجم بالاساس على قصور في فلسفة التدبير التي تعرفها مؤسساتنا ،بدءا من الوزارة ووصولا الى الوحدة المدرسية ،ان الشعارات والمذكرات تطوى بمجرد قراءتها ليعود مسؤولونا يشتغلون بمعرفة اللاوعي التي تجدرت ولن نزيلها الا بفعل التكوين المستمر وفتح اوراش تتولى أمرها كل من المؤسسة والجمعيات.

  2. أوعثمان
    05/10/2006 at 00:33

    إن من يقرأ المذكرات الوزارية يبدو له أننا في بلد أوربي إلا ان الواقع يشبه الصومال بل أدنا من أفغنستان

  3. علمي علي
    18/05/2007 at 23:55

    أشكر الأخت على الأفكار القيمة التي وردت في هذا النص وأشير ردا على تعليق أحمد سالم أن القصور يشمل أيضا أعضاء جمعيات الأباء فالبعض يغيب منذ تكوين المكتب والبعض الآخر يعتبر الجمعية مشروعا مذرا للدخل …. كما أركز على أن النجاح لن يتحقق إلا بقناعاتنا وبانخراطنا الكامل كآباء وكمواطنين مسؤولين عن مستقبل ومصير الحياة في هذا الجزء من العـــالم .
    كعضو في جمعية آباء منذ سنتين في ثانوية تأهيلية شرعنا في إنجاز حدائق بفضاء المؤسسة , وأطرنا أنشطة بيئية وصحية …. في البداية تعرضنا لمضايقات وعراقيل من عدة أطراف ومنهم مدير المؤسسة كما أننا تلقينا مقاومة شديدة من أطراف كانت مستفيدة من وضعية الركود والجمود التي كانت سائدة. لكن دعمنا من أطراف أخرى جهوية ومركزية وهذا الدعم أدى إلى تغيير كثير من المواقف وإزالة العديد من الصعوبات …..وتشجيع العديد على الإنخراط بعد إزالة الخوف الذي يسكن في ضمائهم والوضعية عموما في تحسن مستمر بشهادة كل الأطراف . .وبعد مرور سنتين حققنا الكثير من المنجزات منها حديقة مركزية حدائق ثانوية , مشروع الري بالتنقيط داخل المؤسسة …….وفي المستقبل القريب سننجز مشتلا ومشروع جمع واستغلال مياه الأسطح .
    فلا يسعني إلا أن أقول انخرطوا واعملوا بجد وأخرجوا هذا المشروع من مكاتب الإدارة إلى وقائع في الميدان . اعطو معنا للحياة فطاقة كل منا فريدة وهامة للنهوض بهذا البلد الغالي ولصيانة الشباب من الانحراف واليأس .

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *