هزينا َلَكْريدي من البانْكة وبْنِينا الَحْيُوطْ بالياجور وما جْبرناش باش نْكامْلو ، واخّا هاكداك راحنا ساكنين، ولكن ما عندنا باش نخلصوا البانكة…البانكة بغات تْسِيزي لِنا الخَرْبات نتاعنا…  » يشتكي الصّادق امحمدي البالغ من العمر 38 سنة ربّ أسرة وأب لخمسة أطفال القاطن بحي النجد 3 بسيدي يحيى بالمحاذاة مع السوق الاسبوعي لسيدي يحيى، ثم يضيف موضحا « الدولة هي اللي قالت لنا خوطو من البانكة لكريدي…وحنا دروك ما عندنا باش نخلصو… ».

كان الصادق الذي كان يتحدث بصدق عن معاناته وهمومه وقلقه عن وضعيته ووضعية أسرته من ضمن أكثر من 40 مواطنا  من ساكن  حي النجد بوجدة في نفس الوضعية والمأزق بل الورطة التي أجبروا على الغطس فيها، كان أغلبهم نساء نفذوا وقفة احتجاجية أمام مقر ولاية الجهة الشرقية عمالة وجدة/أنجاد صباح يوم الجمعة 6 فبراير الحالي حاملين صور جلالة الملك محمد السادس والأعلام الوطنية، للجهر بالقهر مادين بالنجدة، طالبين الحماية من بطش الأبناك التي قررت استرجاع قروضها عبر عملية الحجز القانونية، بعد أن عجزوا عن أداء الأقساط الشهرية. » أما أنا فمشكلتي هي عجزنا عن أداء الأقساط الشهرية لاسترجاع القروض البنكية البالغة 14 مليون سنتيم موزعة على 24 سنة بقسط شهري يبلغ 1000درهم والفائدة مرتفعة جدّا » تقول رحمة العابدي ذات ال25 سنة، ربّة بيت وأم لثلاثة أطفال، ثم تسطرد قائلة والدموع تغالبها  » عطانا سيدنا قطعة انتاع الأرض فيها 70 متر…بنيت غير النصف، غير الحيوط هما اللي واقفين…ما عنديش باش نكمل…قالوا لنا سيرو هدمو وخوذو من البانكة وحنا تعاونوكم…منين خذينا ما لقينا حتى واحد يعاونا…قالو لنا نجيبولكم السيما والرملة والحديد، وماجابو والو… ». لقد توصل عدد كبير من سكان حي النجد باستدعاءات تخبرهم بالموضوع وتنذرهم بواجب الوفاء بديونهم تجاه البنك القارض وإلا…

هؤلاء السكان الفقراء المهمشون تم ترحيلهم من « دوار الزركة » بسيدي يحيى ومن دواوير أخرى بأحياء مهمشة بوجدة في إطار برنامج محاربة دور الصفيح  ومشروع إعادة إسكان قاطني دوار سيدي يحيى وإنجاز المرافق الاجتماعية الأساسية وحي النهضة ومشروع التأهيل الحضري لمنطقة بوعمود بوجدة  مع المرافق الاجتماعية الأساسية ومشروع حي النور بوجدة،وكذلك في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بعمالة وجدة انجاد لمحاربة الإقصاء الاجتماعي والفقر والهشاشة بعمالة وجدة/أنجاد، وتم منحهم بقعا أرضية بحي النجد 1و2و3 ، بعد هدم أكواخهم وعشّاتهم ومنازلهم المصنوعة من الطوب والطين والزنك والكارطون بالأحياء العشوائية ، ومكنتهم الدولة بضمانتها من الاستفادة من قروض بنكية للبناء. وبالفعل حصل أغلبهم على مبالغ مالية تراوحت ما بين 8 و 15 مليون سنيتم للواحد موزعة على سنوات تصل إلى 25 سنة، يؤدي المقترض للبنك ما بين 700 و1100 درهم، مع العلم أن جلّ هؤلاء السكان عاطلون أو يشتغلون بأنشطة لا تكفيهم حتى للاستجابة إلى متطلبات العيش اليومي. استبشر هؤلاء السكان خيرا لما تدخلت الدولة لمساعدتهم لكن يبدو أن الأمر غير الذي كانوا يتوقعونه. لقد نفذت القروض ولم تكتمل المساكن بل نصبت الجدران ومُدّت السقوف، وطلبت السلطات في شخص قائدها من أصحابها تزيين واجهات المنازل حتى يستفيدوا من شبكة الكهرباء، فكان ذلك. ودخل هؤلاء إلى مساكنهم ليحتموا بها وهي تشبه المنازل خارجيا والجحور داخليا، وحاول هؤلاء السكان المغلوبين على أمرهم والمقصيين من الشغل والمهمشين من المجتمع في بداية الأمر التعامل مع البنك وتسديد مبالغ القروض الشهرية والوفاء بديونهم، لكن عجزوا عن ذلك عجزا تاما بعد أن عجزوا عن ضمان قوت يومهم، بل منهم من عجز حتى عن التداوي وعلاج مرضه. لقد عجز كل المتظاهرين المحتجين عن مواجهة البنك الذي هدد بالقانون وقرر مباشرة إجراءات حجز المساكن، وتأكد لهؤلاء المساكين المقهورين أنهم سيكونون عرضة للأزقة والشوارع هو وأسرهم وأطفالهم وعجزتهم، وندموا على أكواخهم التي رحلوا عنها بعد أن صدقوا من وعدهم بالمنازل العصرية والحدائق والدكاكين ودور الشباب ومراكز تعليم الحرف والمهن وتعزيز أنشطة الصناعة التقليدية المحلية أنشاء وتنظيم تجارة القرب و…و…. »لو كان غير يخليوني ندير واحد الخيمة أنا ووليداتي ، والله يهنيهم بالدار… » تقول سيدة أرملة أم لأربعة أطفال دون أن تستطيع التحكم في دموعها أو شهيقها، ثم تضيف « مات لي الراجل أسيدي وخلالي 4 انتاع اليتامى وهاذي 7 أشهر ما خلصتش البانكة…منين نخلصها وأنا ووليداتي ما جبرناش ما ناكلو… ».

كان كل واحد من هؤلاء المحتجين يحاول شرح وضعيته وتسجيل تصريحاته متمنيا أن تصل الشكايات إلى المسؤولين علَّ قلوبهم ترقّ ومشاعرهم تتحرك ويقومون بما يجب أن يقوموا به لدفع التهديد وتبديد القلق وزرع الطمأنينة والأمن السلام في تلك البيوت الخربة الجائعة والمريضة التي قال ساكنوها أنها لا تشبه حتى الأكواخ الدافئة التي هُجِّروا منها ولا تقيهم من الأمطار التي تتسرب عبر الجدران من الأجور والسقوف الاسمنتية الباردة…كان كل واحد يصرخ بهمومه،ويكشف عن دواخله ودواخل أسرته وأسرار بيته… »أنا اللي هزيت لكريدي  للأسرة ديالي…عطاوني 14 مليون ونخلص 100 ألف فرنك في الشهر…النهار الأول جاو عندنا بالحلوة والكاطو وطلبو منا باش نمشيو ندِّيو لكريدي من البانكة وخرجونا من ديورنا…منين ماقديناش نكملو قالو لنا عَدْلو غير الفاصاض باش نعطيوكم الضو..الداخل غير ياجور …آجي وتشوف… « ،تصرح الزهراء الرحماني عازبة معيلة للأسرة ثم تضيف قائلة « بغو يسيزيو الدار…علاش…علاش… خلاونا وحدنا…ما عندناش باش نخلصو البانكة…سبع سنين وبّا خدام مع الدولة نتاع سيدي يحيى عساس على الموتور…حتى دورو (ريال) ما عطاوهلو ودروك راه مريض في الفراش…ما لقيناش باش نشريولو حتى كنينة(حبوب الأدوية) » ثم تزيد من الصراخ « بّا مريض وأنا ما خداماش…حنا متاعفرين غير مع الخبز وتاي…ما جبرناش ما ناكلو غادي نخلصو البانكة…جينا هنا للعمالة طالبين حقنا ». وتقسم ربّة بيت أم لأربعة أطفال اكبرهم بالغ من العمر 16 سنة، أنها لم تستطع حتى جمع مبلغ مالي لشراء أضحية عيد الأضحة فما بالك بجمع القسط الشهري الواجب أداؤه للبنك. لقد أُجْبِر بعض هؤلاء على إخراج أطفالهم من المدرسة وتشغيلهم في العربات المجرورة بالحمير، ومنهم من سلك طريقا آخر لا داعي لذكره لضمان بعض العشرات من الدريهمات لسد جانب من المتطلبات اليومية والمستعجلة…لقد تم استقبل أربعة ممثلين عن السكان منهم ثلاثة نساء من طرف ممثلي والي الجهة الشرقية عامل عمالة وجدة انجاد ووعدوهم بالنظر في الأمر وإخبارهم فيما بعد… »حنا طالبين منكم غير باش يحيدو عينا هاذ الشي ديال لكريدي ما قدينالوش…حنا متقاتلين مع الزمان غير في العشا أو الغذا…راحنا ولينا اللور… ».

وحضر إلى عين المكان عبدالعزيز أفتاتي برلماني العدالة والتنمية الذي تتبع الملف ونقله إلى البرلمان وصرح « حقيقة أن الدولة قامت بمجهود كان بالمقاييس الموضوعية  للكن غير كاف لأن هؤلاء السكان يعتبرونهم كأنهم كتلة منسجمة لهم دخل قار والحالة هو أن هؤلاء لا دخل قار لهم وهو أقل بكثير من السميك (الحد الدنى للاجور). صحيح أن ضمانات الدولة مكنتهم من الحصول على قروض لكن تلك القروض بأقساط شهرية مرتفعة بالنسبة لمداخيلهم… ». ثم يوضح أن بعض هؤلاء حتى في حالة توفرهم على دخل يقارب السميك فكيف سيعيش يومه وهو يؤدي 1000 درهم للبنك، متسائلا ماذا سيفعل بما تبقى له. وسبق أن وجه البرلماني أسئلة شفاهية وكتابية في البرلمان إلى وزير المالية خلال السنة الماضية مطالبا إيجاد معاملة خاصة وبرنامج خاص يناسب ظروفهم الخاصة إذ لا علاقة لهم بالطبقة المتوسطة ولا بالرنامج الموجه لأصحاب الدخل المحدد في الحد الأدنى من الأجور.وأكد على أن من واجب الدولة أن تقوم بمجهود في اتجاه الأبناك على سبيل المثال إعادة الجدولة والتمديد…  

ويبلغ عدد الأسر المعنية ببرنامج محاربة السكن الصفيحي على المستوى عمالة وجدة 1800 أسرة استفاد إلى حدود الساعة من بقع أرضية 1000 أسرة منها 600 أسرة بسيدي يحيى 100 أسرة مهددة بفيضانات وادي إسلي ، و100 ببسيدي زيان بالمديبنة القديمة وطريق العونية و250 بسيدي إدريس و170 بالزكارة. وتجل هذه العملية في إطار البرنامج الوطني لمحاربة السكن الصفيحي البالغ عدده على المستوى الوطني 300 ألف أسرة منها 100 ألف من الدور الآيلة للسقوط. وقد تم هدم 83 ألف من منازل الصفيح وتم تعويض أصحابها…