بيان حقيقة بالمفرد،أم طمس لحقائق بالجملة؟
بيان حقيقة بالمفرد،أم طمس لحقائق بالجملة؟
ردا على ما جاء في مقال السيد النائب الإقليمي لنيابة وجدة أنجاد تحت عنوان » بيان حقيقة » -والذي تفضل موقع وجدة سيتي بنشره يوم 22/2/2009-،غير عابئ بالإشارة النبيلة المتمثلة في تعليق الوقفة الاحتجاجية تعبيرا عن حسن نيتنا ،نجد أنفسنا مضطرين للكشف عما تضمنه مقال السيد النائب من مغالطات، وتأويلات مغرضة لمضمون البيان الذي أصدره المكتب الجهوي على هذا الموقع بتاريخ 21/02/2009، ولعل أول ملحوظة يمكن أن يستشفها المتتبع لهذا الأمر هو أن يتقدم السيد النائب بوصفه سادنا للشأن التربوي والتعليمي بالجهة، ويفوض قلمه الرقمي لسانا لحال غيره من المسؤولين الإقليمين بنيابات الجهة، وفي هذا ما فيه من نزوع لركوب صهوة « الزعامة »، وهوس بسلطة « القيادة » المستحلمة.
إننا لا ننكر على السيد النائب الإقليمي مشروعية الرد على البيان المشار إليه آنفا بقدر ما نلفت انتباهه إلى أنه من أبجديات تدبير الاختلاف في الرؤى والمواقف أن يلتزم الطرف « المدعى عليه » بحدود المقاربة الموضوعية، وتجنب التظاهر ب » كفاءة » قراءة ما ظهر وما بطن، وتنصيب » الذات » بصيغة المفرد للحكم المطلق، وانتزاع الكلمة من الغير/الزملاء النواب، وفي هذا ما فيه عودا على بدء من طمس لحقائق بالجملة، وهذا بيان بذلك امتثالا لقوله عزوجل » قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين »:
– صدر السيد النائب مقالته، بحكم مسبق قبل أن يقول أي كلمة في الموضوع، هكذا بصيغة مطلقة مجانية تصادر على المطلوب: » ببيان يحاول تمرير خطاب مغلوط لا أساس له من الصحة « .فهو إذن يجرد البيان جملة وتفصيلا من أي صحة ممكنة، ويصف خطاب البيان بكونه مغلوطا، قصدا منه بهذا المسلك السوفسطائي أن يؤسس في دواخل المتلقي لقناعة/مقدمة فاسدة، قبل أن ينبري في إنشائيته المدرسية لاستصدار استنتاجات فاسدة بالضرورة.
وهذا الأسلوب في تطارح قضايا من هذا القبيل يفتقد لأبسط شروط الموضوعية، وينم عن جهل مطلق بقواعد الحجاج المنطقي، كما تعلمنا من الأدبيات الديكارتية الفرنسية. ولنفترض جدلا أن معطى البيان بهذه الصفة لا قيمة له، فلماذا أثار حمية » الزعيم » على حد تعبير بعض الظرفاء؟ ولماذا لم يتحل السيد النائب المحترم بالحكمة القائلة « إذا نطق السفيه فلا تجبه/ فخير من إجابته السكوت
– يذكر صاحب الرد » أن تدخل عضو من المكتب النقابي من ذوي النيات الحسنة من أجل إيجاد حل في إطار ما تسمح به القوانين دفع بالنقابة إلى مطالبة وجدة سيتي بتأجيل نشر بيانها إلى حين، كما قررت النيابة تعليق ردها » وهنا يمكن للقارئ اللبيب أن يستشف النية المبيتة لصاحب الرد في تمزيق الجسم النقابي بمثل هذه الأساليب المؤسسة على ثنائية النية الحسنة/ النية السيئة، أو هذا معنا/ وذاك ضدنا، من باب سياسة (فرق تسد).هذا المنزع يتأكد أيضا في قول النائب » اتصلت بي مجموعة من المفتشين لاستنكار الأسلوب والصيغة التي جاء بها البيان » هكذا من دون أن يجيب عن سؤال:
ما الهوية النقابية لهؤلاء، وأين تم ذلك، وكيف؟؟؟ وهل هؤلاء أعجز من أن يعبروا بأنفسهم عن مواقفهم/مواقفه المزعومة، ولعل هذا النوع من الكلام يصدق عليه مغزى المثل العربي القائل » من يشهد للعروس سوى أمها »، وللقارئ الحصيف استحضار مثل شبيه…؟؟؟
الغريب في الأمر أن يتحدث مسؤول بلهجة كمن يملك ضيعة، ويتكرم على مستخدميه بما جادت به أياديه، وليمعن القارئ النظر في مثل هذا الكلام الذي جاء في بيان حقيقته: » وتعزيزا لدور هيأة التفتيش و ضعت النيابة رهن إشارة السيدات والسادة أطر التفتيش جميع سيارات المصلحة لتسهيل تنقلاتهم وتأدية مهامهم وكذا جميع الموارد المادية المتوفرة وأشركت ممثليهم في تبويب الميزانية المخصصة لهم قصد تجهيز وتأثيث مكتبهم وكذا في إعداد وتنظيم دورات التكوين المستمر « . فمثل هذا الكلام يفهم منه أن نيابة وجدة أنجاد جاءت بأمر عجب على عهد المسؤول الجديد، إذ وفرت للمفتشين ما وفرته من تسهيلات- هذا إن كان الواقع يشهد لها بذلك- بينما هذا حق منصوص عليه قانونيا في التشريعات المنظمة، وبقرار وزاري لا بفضل أي أحد، بل إن واقع الحال يشهد في جل النيابات على التفاف بعض النواب على هذه الوسائل، وتسخيرها في غير ما وضعت له. ومن باب التدقيق في الكلام لقد وضعت الوزارة، وليس النيابة رهن السادة المفتشين وسائل لتيسير المهام التي يقومون بها، منها وسيلة التنقل ، ومستلزمات العمل المكتبية، و طالبت السادة النواب بتوفير مفتشيات مجهزة… ولكن أين الواقع من كل هذا ؟
لقد مر على هذه القرارات ما يربو عن ثلاث سنوات ولازالت المطالب تراوح مكانها، وهذه من مفارقات الزمن المغربي حيث تتضاعف البيروقراطية خارج مركز القرار في غياب المراقبة التتبعية الملزمة، وفي غياب الافتحاص الدوري لما يصرف من اعتمادات في هذا الشأن . وبما أن الشيء بالشيء يذكر ، نسائل السيد النائب عن الأسلوب التشاركي الذي ارتضاه في تدبير ملف التكوين المستمر، فهل له الجرأة لكي يكشف عن الاعتمادات المالية المرصودة، وكيفية ترجمتها عمليا وواقعيا إلى حاجيات؟؟؟ من دون أن يكتفي بمثل هذه الصيغ الفضفاضة التي تقول كل شيء ولا تقول شيئا » وكذا جميع الموارد المادية المتوفرة » ولنستحضر جميعا ، ما صرف على الدورة التكوينية الأخيرة لفائدة بعض الأساتذة الذين استهدفهم التكوين من مختلف الأسلاك التعليمية: تغذية+ ملف كرطوني من النوع الرخيص جدا، ومنه القديم الذي أعيد استخدامه+ ثلاثة أوراق بيضاء+ قلم أزرق جاف+ تعويضات التأطير، ناهيك عما شاب التكوين من ارتجال من حيث الاستدعاءات، وغياب برمجة زمنية مدققة. وليستطلع السادة الأساتذة ممن تلقوا التكوين عن هذا الأمر. وإن كان هناك من مجهود مادي أو معنوي بذل فهو بفضل السادة المفتشين، والسادة الأساتذة أنفسهم ممن قاموا باستنساخ الوثائق اللازمة، وتوفير الحواسيب النقالة، والتنقل بوسائلهم الخاصة… فكيف والحالة هذه يتحدث السيد النائب عن تدبير تشاركي للتكوين المستمر، وأين هي الاعتمادات المرصودة بمختلف تركيباتها لمستلزمات التكوين المستمر: المحروقات، تعويضات التأطير ، أو التنقل والإقامة، واقتناء أدوات المكتب والاستنساخ، والإعلاميات ؟؟
إن لعبة « التدبير التشاركي » يفهمها السيد النائب عمليا بتصريح عام عن مقدار الاعتمادات المرصودة التي لا تخفى على أحد، لكن الشيطان يكمن في التفاصيل كما يقال، أو بعبارة أحد المتكلمين » الكم معلوم والكيف مجهول » .
–عطفا على ما سبق في شأن مطمح » الزعامة المستحلمة » بقول السيد النائب بالحرف « واستطعنا بحمد الله أن نؤسس لنوع جديد وجيد من العلاقات المبنية على الاحترام المتبادل وأداء الواجب وصون الحقوق والقطيعة مع بعض السلوكات غير المحمودة في مجالات عديدة وما يزال المشوار طويلا » في هذا المقتطف من بيان حقيقة السيد النائب المحترم تصوير أخاذ لمسؤول أشبه بالمهدي المنتظر الذي جاء ليطهر نجود حاضرة وجدة التعليمية من الفساد، ويملؤها عدلا بعد أن غصت جورا، وإلا لا معنى لمثل هذه المفردات، والعبارات المجلجلة ( واستطعنا بحمد الله- صون الحقوق- القطيعة مع بعض السلوكات غير المحمودة- لازال المشوار طويلا) وإذ نحيي فيه هذه » الفانطازيا » بلغة خيالة المغرب الشرقي، ونشد على يديه بحرارة التبريك والمؤازرة، ونهمس في أذنيه كما همس سلفا في آذاننا » وعند جهينة الخبر اليقين » وما جهينة سوى واقع الحال، الذي لا يحتاج إلى بيان ؟؟؟
–يكاد ينفي السيد النائب عن هيئة التفتيش، أو بالأحرى عن ذوي النيات غير الحسنة، كل جدية في التعامل مع القضايا الجوهرية التي شكلت أبرز محاور البيان/ موضوع التجمع النقابي لهيئة التفتيش بالجهة، عندما يقول » وكان حريا بالنقابة أن تعلن للرأي التعليمي موقفها من تلك القضايا التي تستأثر باهتمام الأسرة التعليمية إن كانت فعلا تسعى للانخراط بفعالية في إنجاح مسلسل الإصلاح » وهذا ما توحي به عبارة » إن كانت فعلا » وفي هذا تعريض مجاني بالهيئة، وتجرؤ غير مسبوق من أي مسؤول سابق لإهانتها عن طريق التلاعب بالكلام. وهنا يبدي السيد النائب تناقضا صارخا بين زعم احترامها أو بالأحرى احترام بعضها من ذوي النيات الحسنة، أو ممن تربطه وإياهم علاقات الود والاحترام المتبادل، وبين هذا التعريض.
وههنا نسائله : من فوض لك حق التشكيك في نوايا الهيئة، وموقفها من الإصلاح؟ مع العلم أنه تم تدارس مختلف القضايا الإصلاحية المستجدة، في الجمع الذي عقدته النقابة بمقر الأكاديمية يومه 07/2/2009 ، ناهيك عن انخراطها الفعلي الواجب، بمختلف نيابات الجهة في أجرأة مسلسل الإصلاح، وحسبك أن تستفسر زملاءك النواب الذي فوضت نفسك للتحدث نيابة عنهم. فمن والحالة هذه يتحامل على من، أيها النائب المحترم؟؟؟
– يرى صاحب بيان الحقيقة أن الخلاف الواحد والأوحد مع النيابة – على حد تعبيره- يتمثل في صرف تعويضات التنقل ، وفي هذا اختزال صريح للمشاكل المشار إليها في الفقرات السابقة على كثرتها، ولعله من خلال ذلك يتغيى صرف الأنظار عن جوهر الخلاف الذي هو ملف التفتيش برمته في مختلف أبعاده التدبيرية، والتربوية، والمالية، والعلائقية، والإيحاء بأن هم الهيئة الأوحد، وشغلها الشاغل هو التعويضات عن التنقل، مع علمه المسبق ، وهو المفتش الأسبق، ولا يزال كذلك بوضعه الاعتباري القانوني، أنها تعويضات هزيلة لا قيمة لها بالمقارنة بتعويضات أطر موازية في قطاعات حكومية أخرى، أو بموازاة مع تعويضات من يتقلد منصب المسؤولية الإدارية في قطاع التعليم نفسه، ولعله لا ينكر ذلك بدليل وصفه لنقطة الخلاف بكونها مفتعلة.
وبما أنها كذلك فما الداعي لإيلائها كل هذه الأهمية، والحرص على تطبيق القانون بحذافره في حقها، وما القصد من التذكير بالمسطرة القانونية المتعلقة بصرفها؟ فهلا امتلك السيد النائب الشجاعة اللازمة- على حد تعبيره دائما- وهو المهدي المنتظر وتفضل من على هذا المنبر، ونور الرأي العام بالمساطر المتبعة في صرف مختلف الاعتمادات المرصودة للنيابة الإقليمية، وعززها بكيفية صرفها عمليا وبلغة الأرقام لا بلغة مصطلحات بلا ضفاف؟ وههنا كذلك لا نهمس في أذنيه بل نصدع بالقول إن السادة المفتشين المفتشين أسمى من أن يسيل لعابهم أمام تعويضات طالما تأففت واستخزيت منها قبل أن تقطع وادي التفتيش إلى بر النيابة، ولعله صرف لك منها ما صرف جزافيا آنئذ. ثم إن المسطرة التي أنت بصدد عرض بنودها تتعارض وما جاء في المذكرة الوزارية رقم 114، التي لا تربط التعويض بالتنقل من عدمه، بل تنص بالحرف على ما يلي » يحدد الغلاف المخصص لتعويضات التنقل بشكل يتناسب مع ما تتطلبه الحركة المنتظمة للمفتش(ة) استنادا إلى عدد المؤسسات وعدد الأطر التي يشرف عليها المفتش(ة) ، وطبيعة المنطقة وشساعتها ، وحسب ما يتطلبه برنامج عمل المفتش(ة) ؛ سواء تعلق الأمر بالعمل التخصصي الفردي والجماعي ، أو بالعمل المشترك والمهام المرتبطة بتنظيم التفتيش إن على مستوى مناطق التفتيش ، أو المناطق التربوية ، أو الأقاليم أو الجهات » وحتى مع حجية أن المذكرة الوزارية قد لا تنسخ المرسوم الوزاري السابق عليها، فكان بالأحرى وزملاءك النواب أن تراسلوا الوزارة في هذا الشأن مادام التوجه ساريا نحو إعادة هيكلة التفتيش، وتفعيل الوثيقة الإطار لتنظيم التفتيش ، ناهيك عن استشراف أجرأة المشروع رقم 16 في المخطط الاستعجالي، إذا كنتم فعلا بصدد إحداث قطيعة مع بعض السلوكات غير المحمودة. فمن يا ترى والحالة هذه – مادمت تصر على أن المذكر 114 غير ملزمة لك -، وأنت المنتدب من قبل من أصدروها- يتلاعب بمسؤولية السهر على تطبيق القوانين المنظمة لهذا الأمر…؟؟؟
وختاما السيد النائب المحترم، يجدر التأكيد، وأنت سيد العارفين لماضيك النضالي، ما كانت الاحتجاجات يوما في عرف الديمقراطية وسيلة للمساومة، وإنما سبيل للتعبير عن الموقف الحر المستقل عن التبعية، و ليس المستقيل، وإلا لتم اعتبار تاريخ النضال ماضيا وحاضرا، وبمختلف الواجهات، تاريخ مساومات رخيصة من أجل انتزاع حقوق هزيلة. حفظنا الله وإياك من تكريس واقع حال المفتشين، لأن دار النيابة دار زوال، فلنؤسس لثقافة الحوار الديمقراطي، ولبناء جهاز تفتيش فعال وشفاف من أجل الصالح العام، بعيدا عن منطق الثنائيات والإقصاء، ومنطق الكيل بمكيالين، ومنطق الزعامة المستحلمة، ومنطق « الفنطازيا » ولتكن عبرتنا جميعا نحن المفتشين من قول شاعر الأندلس: لكل شيء إذا ما تم نقصان/ فلا يغر بطيب العيش إنسان/ دار الزمان على دارا وقاتله/ وأما كسرى فما آواه إيوان. والسلام على من سمع ووعى، وعمل بما وعى.
2 Comments
حسبي الله ونعم الوكيل. أحاوركم بكل أدب و تأبون إلا أن تحاجوني بدونه وتفترون. أما الحقيقة فهي مرة ولا يستسيغها إلا قوي. وفي مقالكم تجريح وإساءة لا تليق بمقامكم. وللقراء أن يحكموا
نعتذر لكافة الأطراف عن نشر كل التعليقات المتعلقة بهذا الموضوع ، نظرا لما تميزت به من انزلاقات جعلتها تحيد عن الحوار الهاديء والبناء
مرة أخرى نغتذر لكل الأخوة الذين ارسلوا تعليقاتهم