اسألوا دار السبتي
دار السبتي هي نموذج لدور البورجوازية المغربية في عهد الاستعمار, بمدينة وجدة أصبحت الآن معلمة أثرية تملكها الجماعة الحضرية .تستغل أحيانا كقاعة للأنشطة الثقافية. أو الترفيهية .أما في فصل الصيف, فتتحول إلى قاعة للأفراح ,والأعراس تكترى بأزيد من 10000درهما لليلة الواحدة .
إن ظاهرة القاعات المخصصة للأفراح, والأعراس, لم يعرفها المجتمع ألوجدي إلا منذ سنوات قليلة .إذ كانت الأعراس والأفراح بصفة عامة تقام في دور أصحابها ,مع استغلال دور الجيران .إذ كان المجتمع ألوجدي يبدي تكافلا اجتماعيا في الأفراح, والأقراح على السواء.إذ تجد الجار يضع داره, بما فيها, ومن فيها, تحت تصرف جاره,مع مساعدته في خدمة الضيوف ,حتى يخيل إليك , أن الفرح هو فرح الحي كله وليس فرح فلان.ولكن مع اتساعا الأحياْْْْْْْْْْء , وارتفاع كثافتهم السكانية, و تغير تركيبتهم السكانية ,وظهور طبقة بورجوازية متأثرة بالعقلية الغربية, انتفى التكافل الاجتماعي أو قل .وبدأ الناس يفكرون في كراء دور واسعة ومجهزة لإقامة أفراحهمْْْ بعيدا عن الحي .إلى هنا قد يبدو الأمر عاديا .فالتطور الفكري, والاجتماعي ,والاقتصادي حتما يؤدي إلى ظهور ظواهر اجتماعية تتحول بدورها إلى عادات, أو أعراف اجتماعية. ومع مرور الزمن تتمكن من المجتمع فيعتبرها البعض من الدين, والبعض الآخر يعتبرها مروقا, وخروجا عن الدين.وهنا يبدأ الصراع بين ما هو ديني, وما هو عرفي, تقليدي, ويظهر دعاة الإصلاح ليعيدوا التوازن إلى المجتمع .وهذا أمر وارد,وطبيعي .ولكن الغير طبيعي, هو لعبة الداعية المزدوجة.فهو يصرخ في الناس من على المنبر, أن يلتزموا السنة في أعراسهم ,فلا اختلاط, ولا غناء فاحش, عبر المكبرات, حتى الفجر, ولا رقص ماجن, ولا عري, ولا إسراف وتبذير ولا إذاية للجيران…وهذا أمر محمود يشكرون, ويؤجرون عليه, إن شاء الله.
ولكن الذي أنكره عليهم قولا بلا فعل, ومشيا بوجهين, وخشية للناس دون خشية الله.ترى بعضهم إذا أراد تزويج ابنته أو ابنه, يقوم بحفل ديني متواضع في داره, يتلى فيه كتاب الله وتعطى دروسا في الموعظة. (غالبا ما يكون موضوعها الزواج,) يدعو له الجيران, والمسنين ,وبعض الأهل, والأصدقاء.وينتهي الحفل, ولسان حال صاحبه يقول :أرأيتم هكذا يكون نموذج العرس الإسلامي,الذي طالما حدثتكم عنه.وينفض الجمع مباركا لصاحبنا .وتنفرد به الزوجة, والأبناء والنفس, والشيطان, ويبدأ الصراع الغير متكافئ.
تريد أن تجعلنا معرة بين الأهل, والجيران ؟هذه فرحة العمر, التي لا تتكرر,كل الناس يفرحون بأبنائهم ,وأنت تريد أن تحول فرحنا إلى مأتم ؟وتعرض الأسماء على مسمعه ,فلان ,و فلان…كلهم فرحوا بأبنائهم أليسوا هم مسلمين ؟
ويصرخ المسكين صراخ المغلوب على أمره, إلا مزامير الشيطان لا تقرع في داري أبدا , فهذا أمر لا يحدث أبدا,ولن أحضره أبدا.
أنت فرحت بطريقتك,مع أصدقائك,ونحن سنفرح بعيدا عن دارك, وعن أعين الناس الذين يعرفونك.اكتري لنا دار السبتي .ويرضخ المسكين ,ويتم العرس, في دار السبتي, بالطريقة التي يريدها الشيطان, ومن ورائه الزوجة, والأبناء.ويتوارى هو عن القوم, كأن الأمر لا يهمه.ألا يعلم هذا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم :{ذو الوجهين لا يكون عند الله وجيها}ألم يقرأ قوله تعالى:{يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون, كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون}{أتخشون الناس والله أحق أن تخشوه إن كنتم مومنين}.
Aucun commentaire