Home»Régional»من أشواك الصيف

من أشواك الصيف

0
Shares
PinterestGoogle+

يتميز فصل الصيف، عن بقية فصول السنة ، بما يحمل من جديد في حياتنا الاجتماعية فهو فصل الحركة، فمن عائد الى ارض الوطن من ديار الغربة لزيارة الأهل والأحباب ، الى مغادر بيته نحو وجهة اختارها لقضاء عطلته، الى ملازم لبيته مكتف بحركته المحدودة داخل المدينة . وفصل الصيف – اجتماعيا – هو اب الفصول ،دون منازع، اذ فيه تقام الأفراح على اختلاف مناسباتها وتتكون حلقات الترابط الانساني على أوسع نطاق في بلدنا ، كما تعرف الأسواق حركة متميزة ، ينتظرها التجار والحرفيون وغيرهم بفارغ الصبر. ونرجو الله ان يديم علينا نعمه. وفي المقابل يفرز هذا الفصل العديد من الظواهر السلبية التي تتنافى والسلوك الحضاري الذي يفترض وجوده في الحياة المدنية المعاصرة ، واكتفي بالأشارة الى واحدة منها ، لشيوعها الواسع . انها ظاهرة استعمال مكبرات الصوت في افراح الصيف.
ودون الخوض في ما يتعلق يالأفراح وطقوسها ، أقف عند استعمال الصوتيات في الحفلات وفي فضاءات اسطح المنازل –غالبا – وبحجم صوتي عال جدا قد يقض مضاجع الناس في شعاع دائرة يصل الى مئات الأمتار، دون مراعاة شعور الآخرين ، وفيهم المريض المسن والطفل الرضيع والعائلة المفجوعة في هالك لها والعامل الذي سيباشر عمله في وقت مبكر..الخ
اتساءل: أين يصنف هذا السلوك الاجتماعي المتكرر طيلة ليالي الصيف في هذا الحي او ذاك؟
أما آن الأوان لتغيير هذه الصورة الشائنة في مجتمعنا ؟
ان الحياة الاجتماعية المدنية المتحضرة تقتضي احترام قوانين وأعراف التعايش الاجتماعي داخل فضاء مكاني محدود ، والحرية الحقيقية توجب احترام حقوق الغير ، وليس التمادي في تجاوز الحدود تحت شعار : انا حر وافعل ما أشاء . أليس الاحتفال على النحو المزعج الذي نعيشه اعتداء على حقوق الغبر، في حق الراحة للعامل ، في حق الحزن للمفجوع ، في حق السكون الذي يراد للعليل…الخ
ان الكل يعلم ان القوانين المسطرة في هذا الباب تمنع مثل هذا السلوك ، ولكن لا أحد يجرؤ على تطبيقها ، اذ من غير اللائق افساد اجواء الفرح على الناس ، هكذا يتم تبرير الابقاء على الحال
ولو وصل الأمر بأحدنا الى الشكوى لرد خاوي الوفاض ان لم ينهر او يعنف ، فما لم يعتدى عليك جسديا ( وهناك دم ) فأنت قضولي ، ويجب ان " تدخل سوق راسك " ولا شأن لك بالآخرين.. وبعد كل هذا نتحدث عن الحداثة والمعاصرة والألفية الجديدة ..بل ونتسابق مع غيرنا ممن هم وراء البحار في بعض فضلات وقشور الحضارة..
لا جدال في ان من حق المواطن ان يحتفل بمناسباته ، ولكن شريطة احترام الغير ، فماذا لو تم ايقاف مكبرات الصوت في وقت معين من الليل ، اليس المستفيدون من الموسيقى هم الحاضرون فقط ، والاصوات العادية للآلات كافية لاسماعهم ، فلم يتم ازعاج غير المدعويين ممن هم في بيوتهم يكيلون اللعن والشتم للمزعجين ، ويتضرعون الى الخالق ألا يبارك لمن يعذبهم، يتقلبون باحثين عن غمضة عين . ألا تفكر بلدياتنا في اقامة قاعات للحفلات بأسعار مناسبة ، يستهدف الخدمة الاجتماعية قبل الربح والاتجار.
ان نشر صوت وفرضه على الغير يعد اعتداء على حقه ، ويندرج ضمن اشكال التلوث البيئي لا في الليل وحده وانما في كل الأوقات . ونحن نحيا هذا التلويث في حياتنا اليومية في الشوارع والأسواق ، حيث تختلط الاصوات وتتنافس في الشدة ، ولا احد يراعي الآخرين ، وانما همه الترويج لبضاعته او ارضاء ذوقه الشخصي…فالى متى سنبقى على حالنا ونتوهم اننا نعيش حياة متحضرة ونحن نرتكب من الأفعال المشينة ما يصنفنا ضمن مجتمعات قد خلت ولم نعد تهم الا باحثي الانتروبولوجيا وتاريخ ع الاجتماع.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

  1. عمر
    16/07/2006 at 23:07

    جزاك الله أخي عبد الكريم خير الجزاء على هذا المقتل الذي تنبه فبه أكثر من طرف على تحمل مسؤوليته أمام الخالق والمخلوق .فعلا إن الصيف يمر علينا جحيما نظرا للحرارة المفرطة والأبواق المزعجة ولا أحدا يرحم فإلى الله نشتكي ألمنا وعذابنا ومنه نطلب الإنصاف لنا.

  2. ould oujda
    18/07/2006 at 22:38

    جزاك الله أخي عبد الكريم خير الجزاء

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *