تعقيب على تصريح رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بخصوص رفضه الدعوة الموجهة اليه لكونه يعتبران لجنة تعديل مدونة الاسرة تعد خارج السياق التشريعي
ذة.سليمة فراجي .
بعد استماعي لتصريح السيد رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في إطار حوار صحفي يتعلق بجلسة العمل التي ترأسها ملك البلاد والتي خصصت لمناقشة مراجعة مدونة الأسرة بعد أن قدمت الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة تقريرًا إلى الملك يتضمن أكثر من مائة مقترح تعديل، وذلك بعد إتمام مهامها ضمن الأجل المحدد
خصوصا فيما صرح به من كونه رفض الدعوة الموجهة اليه لكونه يعتبران اللجنة المعينة تعد خارج السياق التشريعي
للوهلة الاولى نستنتج انه عبر عن رأي يمكن فهمه ضمن إطار النقاش الديمقراطي حول فصل السلط ، وصلاحيات التشريع المنوطة بالبرلمان ،
لكنه في الوقت نفسه يتجاهل بعض الخصوصيات الدستورية والثقافية للمغرب، فيما يتعلق بمسألة مدونة الأسرة خاصة الاطار الدستوري لصلاحيات الملك بصفته “أمير المؤمنين”، وهو الضامن لاحترام الشريعة الإسلامية، التي تعد مرجعًا رئيسيًا في التشريعات المتعلقة بالأحوال الشخصية مثل مدونة الأسرة
دستور 2011 منح الملك دورًا تحكيميًا
وضامناً لوحدة الأمة واستقرارها، وهو ما يمنحه شرعية دستورية في توجيه النقاش حول قضايا حساسة تمس الهوية والثوابت الدينية
ولئن كان البرلمان هو المؤسسة التشريعية الرئيسية في البلاد، ويملك الصلاحية الدستورية لمناقشة وإقرار القوانين ، غير أن العمل على مشاريع قوانين كبرى، مثل تعديل مدونة الأسرة، يتطلب استشارة لجان مختصة ومراعاة التوازن بين الشريعة والتزامات المغرب الدولية
دور الملك هنا ليس تشريعيًا بالمعنى الضيق، بل توجيهي وتحكيمي لضمان التوافق المجتمعي والديني انطلاقا من كون مدونة الأسرة ليست مجرد قانون مدني؛ بل هي منظومة أحوال شخصية ذات جذور دينية واحتماعية
في هذا السياق، فان استقبال الملك للجنة من اجل طرح مقترحات إصلاحية ينسجم مع دوره كـ”أمير للمؤمنين” لضمان احترام الشريعة الإسلامية، خصوصًا أن هذا النوع من القوانين يتطلب مرجعية دينية وأخلاقية
لذلك فان موقف رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان المعبر حسب قوله عن مبادئ ومرجعية جمعيته يعكس قلقًا مشروعًا حول مبدأ فصل السلطات ودور البرلمان الذي يملك وحده عصمة التشريع وهو نقاش مسلم به ديموقراطيا
لكن من الثابت ان هذا الموقف يتجاهل الخصوصية المغربية، حيث للملك دور مؤسساتي محوري في قضايا تمس الثوابت، بما في ذلك الدين
كما أن رفض آلية اللجان أو التشاور يُعتبر قفزًا على أهمية النقاش التشاركي في تطوير التشريعات الحساسة
لذلك فانه إطار التكامل بين المؤسسات فان دور الملك في هذا السياق لا يتعارض مع صلاحيات البرلمان؛ بل هو دور توجيهي لضمان التوازن بين المرجعية الدينية والمتطلبات التشريعية الحديثة. البرلمان سيظل الجهة التي تصادق على النص النهائي ولكن بعد الاستماع إلى نبض المجتمع وما للنقاش التشاركي من اهمية
استقبال الملك لاعضاء من اللجنة ومواكبة عمل اللجان المختصة
يعكسان حرصًا على إشراك جميع الأطراف (علماء الدين، الأكاديميين، الجمعيات الحقوقية، وغيرهم)، مما يعزز جودة التشريع وشرعيته
وينم عن احترام الخصوصية المغربية اذ لا يمكن تجاهل أن المغرب يتميز بخصوصية تجعل الملكية والمؤسسات الدستورية الأخرى مكملتين لبعضهما البعض في قضايا ترتبط بالدين والمجتمع ،
من هذا المنطلق تتجلى اهمية التوازن اذ يجب أن يكون النقاش حول مدونة الأسرة متزنًا، فلا يُطغى عليه الجانب الحقوقي فقط، ولا يُحصر في الجانب الديني التقليدي، بل يُراعى فيه التوافق بين الأصالة والتحديث
، الملك يساهم بدوره التوجيهي والتحكيمي في مسألة حساسة كمدونة الأسرة، لكن البرلمان هو الذي سيصادق على التعديلات التي سيتقدم بها النواب بما يضمن احترام الأدوار الدستورية لكل مؤسسة
لذلك فخلافا لما استنتجه رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فان اللجنة المعينة لا تعتبر خارج السياق التشريعي كما جاء في تصريحه ، لكن عكس ذلك فان الفصل 42 من الدستور يعتبر الملك الحكم الأسمى بين المؤسسات الدستورية من بينها البرلمان و له اختصاصات مرتبطة بالمجال الديني باعتبار الملك امير المؤمنين ورئيس المجلس العلمي الأعلى، الذي يتولى دراسة القضايا التي يعرضها عليه.
ويعتبر المجلس الجهة الوحيدة المؤهلة لإصدار الفتاوى المعتمدة رسميا، بشأن المسائل المحالة عليه، استنادا إلى مبادئ وأحكام الدين الإسلامي الحنيف، ومقاصده السمحة
Aucun commentaire