Home»Régional»وجدة: مدينة و هوية

وجدة: مدينة و هوية

0
Shares
PinterestGoogle+

وجدة: مدينة و هوية
للمدن دور مهم جدا في تكوين شخصياتنا كأفراد و جماعات, و تعتبر المدينة فضاء صقل للهوية الفردية و كذلك الجماعية بالدرجة الأولى. و عليه, فالموقع الجغرافي للمدينة, مناخها, عدد سكانها, المستوى الثقافي لهذه الساكنة, المؤسسات الدينية و الثقافية و الإدارية و السياسية الموجودة بالمدينة, الأسواق و الدروب و الأحياء و الملاعب و الحدائق كلها محددات لشخصية ابن المدينة و للمقيم بالمدينة و للهوية الجماعية لقاطنة هده المدينة.
إن وفود الناس الذين كانوا و مازالوا يحجون إلى مدينة وجدة من كل حدب و صوب شكلوا عبر الزمن شريحة مهمة من غير أبناء المدينة الذين سوف تتحدد بعض معالم شخصياتهم الناضجة بهذه المدينة. فعلى سبيل المثال, بعد مضي زمن عن مغادرة المدينة تبقى الشخصية متأثرة بالكثير مما أصابها و علق بها من أثار التأثر بثقافة المدينة وبلغتها.
إن الطالب, أو العامل, أو الموظف أو حتى الزائر الذي يأتي وجدة و يتنقل ما بين أحياءها سواء منها حي القدس, حي لازاري, الحي الجامعي, حي بودير, سيدي يحيى, و بالطبع واد الناشف حيث توجد المحطة, و كل من الشارع و وسط المدينة و باب عبد الوهاب و الحديقة و غيرها من الأماكن غالبا ما يتأثر بهذا الجو العارم بالصخب و الحركة و اللغة التي تحمل كلها طابعا شرقيا محضا.
إن باعة كران الذين يظهرون كل مساء بعرباتهم و تحوم حولهم طوابير من الشباب الذين يتناولون هذه السندويتشات الفريدة من نوعها مع كؤوس من باريدة, و المقاهي و المطاعم الشعبية التي تقدم الشاي على الطريقة الوجدية, و معقودة و صحون من اللوبيا و ساندويتشات من البودان, و العدد الهائل من الأسواق التي تعرض فيها منتجات من كل نوع و تملؤها أصوات نداء الباعة, كلها تشكل عبر تلاقحها جوا شرقيا ممزوجا و خاصا لا يكاد يتواجد عبر ربوع المملكة إلا بهذه المدينة الشرقية طبعا, وجدة.
ومن معالم التأثر بالهوية المدينية ما يمكن ملاحظته لدى الكثير من الناس ممن درسوا أو عملوا بهذه المدينة. فلدى الطلبة الذين درسوا بالجامعة بوجدة, أو حتى لدى الموظفين أو العمال الذين اشتغلوا لمدة بالمدينة, إحساس و علاقة بالمدينة غالبا ما يعجز المرء عن تفسيرها إلا بكونه يحفظ بذاكرته تجربة مع هذه المدينة التي مازال تأثيرها واضحا في بعض نواحي شخصيته. و كلما أتيحت له الفرصة زار المدينة شوقا و حنينا إلى الأيام التي احتضنته فيها هذه المدينة حيث كان يجول و يتنقل و يتفاعل مع كل شيء بها. و بذلك تبقى وجدة, كما هو الشأن لدى كل المدن, مدينة و هوية في نفس الوقت, إلا أن طابعها الشرقي تفتقده باقي مدن المملكة و هي خدمة خاصة و جليلة تهديها المدينة لكل من زارها.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *