تاريخ سهل أنجاد وثقافة سكانه (23)
تاريخ سهل أنجاد وثقافة سكانه (23)
ذ: الفيلالي عبد الكريم
نظرات في عامية أهل بسيط أنـﯕاد.
يُطلق على المتداول من الكلام اليومي بين الناس من أجل التعبير عن أغراضهم الآنية اسم لهجة أو عامية، وتُبايِنُ اللهجاتُ اللغةَ المكتوبة في بعض المظاهر لأن اللهجات تميل إلى الاقتصاد في القول والاختزال واختلاس الحروف، وهذه ظاهرة عامة تعرفها أغلب اللغات.
والتباين بين الفصحى والعامية لا يقتصر على العربية فحسب، إذ يؤكد كثير من المهتمين بالدراسات اللغوية أن ظاهرة الازدواجية لا تخُصُّ اللغة العربية وحدها، يقول عبد العلي الودغيري: «ظاهرة ثنائية الفصحى والدارجة (أو العامية كما تسمى في أغلب البلدان العربية) من الظواهر المعروفة في اللغة العربية، وهي ليست خاصة بهذه اللغة وحدها كما يُتوهم، وإنما توجد في كثير من اللغات الأخرى ولو بنسب متفاوتة. فكلما طال الأمد وتوالت الحقب على استعمال لغة من اللغات الإنسانية، واتسعت رقعة انتشارها، وتعددت شعوب متكلّميها ومجالاتُ استخدامها، برزت هذه الظاهرة»[1].
وهذا التباين ليس بالمستوى نفسه بين جميع جهات المملكة المغربية، ففي الجهة الشرقية قبائل قريبةٌ لهجاتُها من الفصحى، ومن بين هذه القبائل سكان بسيط أنـﯕاد القاطنون بضواحي وجدة[2]، وبني ﯕـيل (شبه رحل) بالنجود العليا وهي قبائل موجودة بين وجدة وفـﯕيـﯕ.
وأشير إلى ملاحظة وردت في مجلة « دفاتر التربية والتكوين » تؤكّد على وجود علاقة وطيدة بين العامية الحسّانية وعامية سكان بني ﯕـيل إذ جاء فيها: «حتى وإن فكرنا في استقرار الرُّحّل سعيا لحل إشكال التمدرس، فلابد أن تحيى ثقافتهم في المجتمع وتُتَوارث لأنها جذر من الجذور الأساسية التي تربطنا بتربة هذا الوطن، المتنوعة والخصبة. إنها وحدتنا في تنوعنا، كما وقفنا على ذلك ونحن في ورشة اللغة والثقافة بحيث اتضح أن أكثر من 80 في المائة من المصطلحات المستعملة في اللغة الحسانية، هي نفسها في عامية بني ﯕيل شمال شرق المملكة. أليس هذا دليل على وحدتنا إن كانت وحدتنا تحتاج إلى دليل»[3].
[1] ـ لغة الخطاب الإعلامي بين الفصحى والعامية. عبد العلي الودغيري. ورقة قدمت إلى ندوة أكاديمية المملكة المغربية. الرباط. 2010. اللغة العربية في الخطاب التشريعي والإداري والإعلامي في المغرب (م س). ص:211.
[2] ـ كانت قبائل أنـﯕاد إلى حدود الثلاثينيات من القرن العشرين رحّلا ، بينما ظل أبناء عمومتهم من بني ﯕـيـل يعيشون رحلا خلال مواسم الرعي.
[3] ـ مدرسة الترحال. محمد بيوض. دفاتر التربية والتكوين. المجلس الأعلى للتعليم. عدد 8/9 . يناير 2013. ص:146.
Aucun commentaire