القطران او L,huile de cade
محمد شحلال
يعتبر القطران من المواد التي تدخل في ثقافة بلدتنا منذ القدم،وقد اعتاد الناس أن يتعايشوا مع هذه المادة لأنها ،،تطهر ،،ماء القرب وتكسبها نكهة خاصة.
كانت ربات البيوت يصنعن القرب من جلود الماعز كوسيلة أساسية لحفظ الماء،لكن هذه القرب لا تفي بالغرض الا بعد معالجتها بالقطران أو العسل الحر كما يسميه البعض تجنبا ،؛للشرور،،التي يوحي بها اسمه الحقيقي !
كان في البلدة أشخاص قلائل يمتهنون حرفة انتاج القطران الصعبة،لذلك كان الناس يقتنونها من السوق الأسبوعي الذي تفد عليه هذه المادة من ضواحي بلدة دبدو،حيث يتوفر نوع من أجود شجر العرعر الذي يستخلص منه.
أما مرتادو السوق،فكانوا ينجذبون نحو جرس بائع الماء(الكراب)صاحب الزي المتميز والكؤوس النحاسية ليستمتعوا بماء القربة المعلقة على كاهله والمنسم بنكهة القطران،والتي كان يعبئها عدة مرات في اليوم من مياه عين،،ملكونة،،التي نضبت بشكل مأساوي.
خلال يوم السوق الأخير،كان القطران من بين الأغراض التي حرصت على اقتنائها امتثالا لعشق هذه المادة التي احرص على الاطمئنان بوجودها في الجرة التي ارتوي منها.
لقد برز في السنوات الأخيرة شاب من دوار،،أولاد الخير،،اكتسب مهارة صناعة قطران ممتاز ،وضع حدا لأنواع القطران المزيف الذي يروجه بعض من يبرعون في تزوير كل شيء.
لا يقل ثمن اللتر من هذه المادة المحلية عن 30 ده يبرره، الشاب بالمتاعب التي يكابدها من أجل انتاج اللتر الواحد.
لقد كشف لي المنتج بعض تفاصيل حرفته،حيث أوضح بأن يده لا تمتد الى شجر العرعر الحي،بل يقتصر على انتزاع قواعده الميتة،وهو ما يتطلب مجهودات مضنية،ثم يعد وسائل التقطير التي تحتاج الى صبر وتحمل لقوة الدخان المنبعث من الخشب الميت.
والى جانب ظروف الاشتغال الصعبة،فان صانع القطران لا يسلم من ترصد حراس الغابة الذين لا يترددون في ترتيب ذعائر خيالية في حقه بدعوى تدمير شجر العرعر !
ان الشاب مقتنع تماما بأهمية الحفاظ على شجر العرعر، الذي يشكل أهم غطاء نباتي في منطقة ،،اولاد الخير،،ولذلك يصرح بشرفه بأن مادته الأولية ،هي الجذور التي فقدت الحياة منذ زمان،والمعروفة على صعيد القبيلة بمصطلح،؛ثيفنكاش أو الكمار (الكاف معجمة)،وهي ذاتها التي كان يستعملها المرحوم ،،البقال،،في مخبزته لينتج خبزا دخل سجل تاريخ القبيلة بأكملها.
ان الحديث عن مادة القطران التي يقبل عليها كل المغاربة،هو الرغبة في لفت الاهتمام لامكانية تثمين هذا المنتوج ببلدتنا ليعمل ممتهنوه في اطار القانون ،خاصة وان المادة الاولية متوفرة،ولا تشكل خطرا على البيئة،اما الملاحقة والمتابعة،فانهما لن تزيدا الناس الا انتقاما من اليابس والأخضر،لا سيما في ظل البطالة المتفشية التي استباحت الغابة فصارت تعرف تخريبا منهجيا يفقد البلدة اخر ما ظل يصون تميزها.
تحية لهذا الشاب الذي ينفرد بانتاج وتسويق قطران حر وبكل مواصفات الجودة.
Aucun commentaire