تاريخ سهل أنجاد وثقافة سكانه (10)
تاريخ سهل أنجاد وثقافة سكانه (10)
الأستاذ: الفيلالي عبد الكريم
النص الخامس: الزناتي خليفة بني يزناسن.
- رواية محمد بن رحال[1] سنة 1889.
«في بداية الهجرة؛ أثناء اجتياح إفريقيا من قبل القبائل العربية: بنو هلال وبنو سليم .. تحالفت قبائل بني يزناسن مع جميع الزناتيين على ردّ هجوماتهم المتكررة. وفي غياب نصوص تاريخية، تسرد الرواية الشعبية إنجازات القائد البربري أبو سعدي خليفة في مواجهته لذياب بن غانم القائد الهلالي.
ما يثير الاهتمام فعلا هي تلك الصراعات المضخمة في الحكاية، التي يُبرزُ فيها كل أمير الحيل والخدع الحربية الخاصة بقومه.
مثال من بين الألف: يملك ذياب عدة أفراس أصيلة، خاصة البيضاء منها، والتي بالكاد تضاهيها الريح في سرعتها، وبفضل هذه السرعة التي لا تقاس يكون راكبها مقداما، ما من عمل يجلب له الفخر يستحيل عليه.
عراقيل كثيرة لم تمنع الزناتي من الدخول في محاولة هائلة؛ جرب الزناتي خطة محكمة، تكلّفه عزته وكبرياءه، لكن لابد من القيام بذلك.
حلّت ابنة زناتي وزوجته في موكب شرفي عند ذياب، صاحب الكرم سليل الخيمة الكبيرة، استقبلهما بحفاوة، وفي اليوم الثالث رغبتا في العودة، فطلبتا منه فرسه المفضلة.
التصرف حذق من قبل الزناتي، إذَا منح ذياب لهما الفرس هَلَك، وإذا رفض لحقه العار وافتضح أمره، ولن يكون جديرا بقيادة قبيلته.
ولكن لن يكون جديرا بقيادة الهلاليين، إذَا لم يكن بو مخيبر قد تنبأ وعالجه مسبقا، وهكذا باكرا غرز ذياب إبرة حادة في ركبة
فرسه وجرّعها مخدّرا جعلها منهكة.
لما سحب ذياب الفرس أمام ضيفتيه كانت في حالة يرثى لها، ورغم إلحاحه فقد رفضتا أخذها. أليست عاجزة عن السير وتُحْتَضَر؟
بل قررتا قبول الفرس السوداء التي تأتي في المرتبة الثانية بعد الفرس البيضاء، ولكن السوداء هذه ستنال الصف الأول بعد الموت الوشيك للبيضاء.
استجاب ذياب لرغبتهما، لكن في الرسالة التي كتبها إلى خصمه (الزناتي) من أجل فضح محاولته المنحطة، وضع داخل الرسالة الإبرة الخادعة.
سأل زناتي: ماذا يعني هذا؟
قيل له: إن الأمير يحذرك بأن تحضر كفنك، لذا أرسل إليك الإبرة كي تأمر بخياطته؟
بعد فترة قُتل زناتي في أرض الزاب»[2].
النص السادس: رواية بني زناسن الراهنة:
- رواية الأستاذ محمد أوراغي (رحمه الله) عن والده.
«كان الزناتي خليفة قائما على أمر الأمازيغ والعرب في جبل بني يزناسن. وكانت بين الفينة والأخرى تقام ضده ثورات ومحاولات اغتيال. غير أن شدة تحصنه بقصره بأعلى الجبل حال دون التمكن منه، لم يكن للقصر سوى باب واحد، وكان الزناتي يحتفظ بحجارة بالقصر كلما حاول الخصوم صعود الجبل ليصلوا إليه ألقى عليهم تلك الحجارة فيهزمهم.
اهتدى الأعداء إلى حيلة كي يتسللوا إلى القصر، إذ اختبأ بعض المقاتلين في أكياس (غرارة) الحبوب التي كانت تقدم له كل سنة أثناء البيعة.
استطاع الأعداء الوصول إلى أعلى القصر، قبل تنفيذ الخطة لاحظت الخادمات أن بالأكياس بعض الفراغ فأخبرن الزناتي الذي تنبه للحيلة، فركب فرسه واجتاز سور القصر…».
[1] ـ ولد محمد بن رحال بندرومة سنة 1857 كان والده من وجهاء المنطقة، ومحمد بن رحال من ذوي الثقافة المزدوجة، توفي سنة 1928. ينظر: الاستعمار والصراعات الثقافية في الجزائر. عبد القادر جغلول. ترجمة سليم قسطون. دار الحداثة. ط: 1. 1984. ص: 39.
[2] ـ – A travers les beni snassens. Mhammed ben Rahhal. bull. s. g. a. d’oran. 1889. P 9-10.
2 Comments
لمن وضع الخريطة عليه ان يصححها لانه لا توجد قبيل بهذا الاسم في المنطقة الشرقية .بل الاسم الحقيقي هو اهل انجاد وهم مجموعة من القباءل تستوطن سهل انجاد كما هو الحال باهل وادي زا بتاوريرت ومن هذه القباءل على سبيل المثال بني درار و بني يزناسنو لمهاية وبني وكيل وولاد عزوز واولاد ناصر والقياطين وهناك من يضيف اليه اولاسيدي جابر (بني بوحمدون )….الخ وهذا حتى لاياخذ الناس الخريطة بانها انتاج علمي مدروس وهناك فرق كبير على اية بين انجاد واهل انجاد
أثارت انتباهي في المقال الخريطة المرفقة به ، المتعلقة بالمجال الطبيعي الذي تستغله قبيلة أهل أنكاد. فالحدود بين هذه القبيلة وغيرها من قبائل سهل أنكاد تظل في كل الحالات تقريبية باستحضار مختلف المعايير الإدارية ـ الترابية والجغرافية والإثنية ، والحال أن الخريطة التوضيحية المشار إليها مبالغ في حدودها واتجاهاتها بشكل كبير.سواء في الشرق أوالغرب أوالشمال أوالجنوب ، وتبرز هذه المبالغة في اعتبار وإدراج غير منطقي وعلمي لمجالات تاريخية ومراكز قروية ومعطيات طبيعية لقبائل محاذية وربطها بأراضي قبيلة أهل أنكاد ، بينما هي توجد في الواقع ضمن تراب قبائل محاذية لها بعضها أقدم تعميرا للأرض وأكثر مساحة ، كما تدل على ذلك المصادر القديمة وحتى الوثائق الإدارية والأبحاث المعاصرة.. ونظرا لعدم انضباط الخريطة لهذه المعايير أثناء عملية التحديد ، رغم اتفاقنا على طابعه النسبي على مستوى الاتجاه أو المساحة ، فقد بدا مجال القبيلة أكثر من حجمه في الواقع الجغرافي والإداري . وإذ ننوه هنا باجتهادات ومجهودات صاحب المقال في البحث في موضوع شائك مثل هذا ، نأمل أن يتم الانتباه إلى الملاحظات الكرتوغرافية التي أثرناها حالما تتاح فرصة عرض الخريطة مرة أخرى بشكل أكثر موضوعية . كما تجدر الإشارة أننا لم نقدم ملاحظات مفيدة حول المتن في انتظار أن نتابع كل حلقات المقال .