بدر المقري
أن نخص هذه الحلقة بالتعريف بالشيخ محمد سعيد الزموشي (1904-1960) و بالشيخ محمد خير الدين (1902-1993)، إبان إقامتهما بمدينة وجدة (1956-1962)، فلأن مخاطر طمس الذاكرة الجماعية والمشتركة بين المغاربة والجزائريين محدقة بالجميع. ولعل الأحق في رحاب أخلاقيات المعرفة، التنبيه على أن مقاربات حفظ الذاكرة الجماعية والمشتركة، إنما تفضي إلى مقاربات تحصين مكونات الهوية الجماعية والمشتركة.
ترى ماذا أعددنا لهذه الألفية الثالثة، التي أصبحت بامتياز ألفية (حروب الذاكرة) ؟
إن تعريفنا المقتضب بالشيخ محمد سعيد الزموشي و بالشيخ محمد خير الدين، إنما هو كشف لغطاء معرفي يعتبر مضمرا وخفيا في تاريخ مدينة وجدة وذاكرتها، باعتبار وجدة قاعدة خلفية لثورة التحرير الجزائرية (1956-1962).

فإذا كانت الاهتمامات، على ندرتها، قد انصبت على الدور الفعال الذي لعبته ثكنة (العربي بلمهيدي) في (حي كولوش) بوجدة، باعتبارها علامة بارزة على الدعم المغربي للأشقاء الجزائريين (1956-1962)، فإن المغيب من ضمن مغيبات كثيرة، هو احتضان مدينة وجدة رموزا معرفية جزائرية نوعية.
ومن تلك العينة، الشيخ محمد سعيد الزموشي والشيخ محمد خير الدين رحمهما الله تعالى، باعتبارهما ممثلين لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين بمدينة وجدة، ما بين 1956 و 1962.
ومحقوق بنا في هذا السياق، التذكير بأن الشيخ عبد الحميد بن باديس (1889-1940)، أسس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، في ماي 1931. وقد كان شيخ علماء مدينة وجدة، الحاج العربي بن الحبيب سيناصر الحسيني (1863-1932)، في طليعة علماء المغرب الذين ربطتهم علائق وصلات بجمعية العلماء المسلمين الجزائريين. وقد حالت الإدارة الاستعمارية الفرنسية دون أن يكون علماء وجدة ممثلين في تدشين الشيخ عبد الحميد بن باديس والشيخ محمد البشير الإبراهيمي (1889-1965)، مدرسة (دار الحديث) بتلمسان، يوم 27 شتنبر 1937.
وقد نشرت سنة 1990، معطيات حول تفويض علماء وجدة حق تمثيلهم في تدشين (دار الحديث) بتلمسان، للعلامة محمد إبراهيم الكتاني(1907-1990).

وقد اختصرت التعريف بممثلي جمعية العلماء المسلمين الجزائريين بوجدة (1956-1962)، كالآتي:
1- الشيخ محمد سعيد الزموشي: ولد رحمه الله في الجزائر سنة 1904، وتوفي بمدينة وجدة يوم 13 شتنبر 1960. وقد دفن رحمه الله بمقبرة (سيدي المختار)، ثم نقل رفاته إلى مقبرة (عين البيضاء) بوهران، يوم 5 يوليوز 1964. وليس هناك أدنى شك في أن تفاصيل مسار الشيخ محمد سعيد الزموشي بمدينة وجدة، ما بين 1956 و1960، خليقة بدراسة توثيقية موسعة تعتمد على شاكلة خاصة، ما تبقى من أرشيف لدى أسرته في وهران.

2- الشيخ محمد خير الدين: ولد رحمه الله في الجزائر سنة 1902، وبها توفي يوم 10 دجنبر 1993. وما قيل في مسار الشيخ محمد سعيد الزموشي بمدينة وجدة، ينطبق على مسار الشيخ محمد خير الدين بها، ما بين 1956 و 1962.

إنه ليس هناك أدنى شك في أن مما يوفي حقوق هذه الذاكرة الجماعية المشتركة ما بين المغاربة والجزائريين، هي أن تحتضن مدينة وجدة برمزيتها التاريخية الباهرة، متحفا يوثق تلك الذاكرة ويقيها من الطمس والنسيان.

بدر المقري
(محمد إبراهيم الكتاني- عبد الحميد بن باديس- البشير الإبراهيمي الصورة الأولى : )
(الصورة الثانية : محمد سعيد الزموشي)
(الصورة الثالثة : محمد خير الدين)