محمد بربوش
في إطار العلاقة التي تربط المغرب بفرنسا من الناحية الاجتماعية، وفي إطار الشراكة المبرمة بين جمعية فضاء العمل التطوعي التي كنت كاتبها العام حينها، ومنظمة الخدمة المدنية العالمية فرع فرنسا (SCI). اقترحت على أعضاء المكتب المسير السماح لي بأخذ هؤلاء الشباب الأجانب في جولات سياحية تعريفية بالمنطقة الشرقية وببعض ربوع المملكة المغربية بما فيها الصحراء المغربية.
وضعنا برنامجا سوية، أي مع هؤلاء الشباب تشجيعا لمبدأ التشارك، وتحقيقا لتواصل أفضل، فتم الاتفاق على تسمية البرنامج ب » ويكاند بمدينة » فضم البرنامج جولات سياحية بالمدن التالية: وجدة – تافوغالت – زكزل- السعيدية- بركان- الناظور- الحسيمة- فاس- مكناس- الرباط- الدار البيضاء- مراكش- مرزوكة.
كانت تجربة فريدة من نوعها، وقد حققت أهدافها، رغم الاختلاف على مستوى الأعراف والتقاليد واختلاف اللغات، لقد عشنا حقيقة ما قاله سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ).
ومن أجمل ما تحقق في إطار هذا التجانس والتواصل المغربي الفرنسي من خلال هذه السلسلة من الرحلات السياحية والاستكشافية بالنسبة لهؤلاء، هو تعرفهم على المغرب والمغاربة بكل ما يمتازون به من صفات وأخلاق وعادات وأعراف وثقافة شعبية أصيلة، تقول السيدة « باتريسيا »:  » لم تطأ قدمي هذا البلد الجميل منذ تسع سنوات، أشعر الآن بأنني قمت بصلة رحم مع جزء من عائلتي ». وتقول الطالبة « سيلفيا »:  » المغرب هو البلد الذي تأكل فيه طوال اليوم. حيث يقولون لك « kouli benti، أنت لم تأكلي شيئًا » ، بينما كنت تشربين 3 أكواب من الشاي، وتأكلين 4 ملاوي، والزيتون البلدي، وقد التهمت طبقا من اللوبيا أو طاجين دجاج مشوي مع الزيتون والحامض ».
هذا هو البلد الوحيد الذي تجد فيه على الطاولة ثمانية كؤوس من أجل شخصين، والوجبة الواحدة يمكنها إطعام 20 شخصًا. تأكل كل ساعتين حتى ولو لم تنته بعد من اللقمة التي مررتها الى فمك ويقال لك « سنأكل قريبًا » » يقول « الطالب برنارد ».
أما « كاترين » فعقبت قائلة: « في المغرب، يُطلق على الجميع اسم khoya ، benti oula khty دون معرفة بعضهم البعض. لقد وجدت عائلة ثانية، نساء يعشقن بعضهن البعض ويحبونني كشقيقة لهن أو ابنتهن. يتعاملون معك كأنك « ملكة جمال فرنسا »، بينما في فرنسا أنت بعيدة كل البعد لتكوني كذلك! عندما تأكل في المطعم، تأكل بجوارك 8 قطط، وعندما تطل على الجانب الآخر تلمح حوض استحمام على سطح المدينة القديمة..في الحي هناك رجل يصرخ حووووت « houuuuuut » في الساعة التاسعة صباحًا، إنه ليس مجنونا، بل هو رجل يبيع أسماكه للجيران. استيقظت في الساعة الخامسة صباحًا، لقد سمعت المؤذن وهو يدعو للصلاة، وفي منتصف الليل كان هناك رجل يقطع حطبه بمنشار كهربائي. في المغرب نجد عدم المساواة في الثروة ولكن لدينا الكثير لنتعلمه من كرم ضيافتهم وإنسانيتهم. المغاربة شعب يضحك في الشوارع، وهو يلعب بالعصي أو البصل عندما لا تسير الأمور على ما يرام. لكن هذه هي الطريقة التي أحب بها المغرب، برائحته المبهرة والمبالغ فيها والمزاجية كذلك.