Home»Régional»محمود درويش فراقك كفراق وطن

محمود درويش فراقك كفراق وطن

0
Shares
PinterestGoogle+

سجل… انا عربي ورقم بطاقتي خمسون ألف واطفالي ثمانية وتاسعهم سيأتي بعدصيف فهل تغضب؟! أه يا دموع تتحشرج بالقلب ، فكلما اسدلت ستارة سوداء ، وكلما تجاوزنا صفعة قاسية من الزمان ، دثرتنا أهازيج الفرح بدموع أصبحت تسري في وادي قاحل هجرته طيور النورس ، وألحان الصباح وتغريبة المساء ، تسمعنا نحيب ونحيب ، نحيب من الفجر للفجر ، ومن المساء للمساء ، نحيب لا زال يحمل خيمة ثائرة باسم " أنا عربي " خيمة أوتادها من حبر بلون الدم ، وبداخلها طفلٌ يغني لفلسطين ، صرخ وصدح بالآه مع كل تغريبة شوق وشجون تبحث عن لحن يعزف موسيقاه الحزينة في بهاء الدار الواسع … سجل… انا عربي … واعمل مع رفاق الكدح في محجر واطفالي ثمانية اسلّلهم رغيف الخبز والأثواب والدفتر من الصخر ولا اتوسل الصدقات من بابك ولااصغر امام بلاط اعتابك فهل تغضب ؟! أراك وأن تسجل هويتنا تهاجر مع طيور العنقاء ، تلوح لنا بالبقاء بصوت حاني تحلم فلسطين في سماء توشحت بالسواد وبالآه ، وبالفراق ، ونحن نـأمل بعيون شاحبة ، صامتة لا ضوضاء حولها سوي نبضات قلب تعزف سمفونية ألم ، وتشدو لحن قاسي على أوتار قيثارة الفاجعة …..

الآن الآن بدأنا نرتل سجل أنا عربي ، ونرتل معها قداس في كنائس تقرع أجراسها حزنا ، ومساجد تكبر مآذنها بكاءاً ، ونحن نبحث عن لوحة مزتانة بألوان زيت الزيتون ، وقصيدة كتبت بحبر الأرض . فماذا سنسجل اليوم يا فارسنا المرتحل ونحن نعيش في ضوضاء الغربان ؟ سرقوا منا كل شيء ، حتى أنت سرقك الفراق منا ، كما سرق سيمفونية الحب لشهرزاد التي احتضنتها في قصائدك وعشقتها في ثورتك ، وصاحبتها في سفرك وترحالك ، وغربتك وفراقك . سجل برأس الصفحة الأولى أنا لا اكره الناس، ولا اسطو على احد ولكني… اذا ما جعت، آكل لحم مغتصبي حذار… حذار… من جوعي ومن غضبي آه أيها الوجع الذي اغتصبتنا مئات المرات ، فاليوم اغتصبتنا باشد قسوة ، فكيف سنآكل اللحم ونشبع الجوع ونخفف الغضب ، ونحن أُغتصبنا من فراقك ؟ لم تترك لنا في الدار سوي وجعاً يجثم على وجعنا ، وغضباً يتمرد على غضبنا ، وصخور تتآوه ألماً عليك . أفتقدناك أيها المحمود درويش … افتقدناك ونحن ننبش في قصائدك عن وطن كبير يتسع للوجودية التي بحثت عنها دوماً ولا زلت تبحث حتى توقف قلبك دون عناء في هيوستن ، وأنت تسجل لنا ثورة ووطن وقضية …. افتقدناك ……….

محمود درويش شاعر الوطن والقضية والمقاومة ، ريشة لم تسقط أبداً بل صنعت ثورة تحديثية في الشعر العربي الحديث مزج به الحب بالوطن ، والثورة بالإنسان ، والقضية بالأدب ، ثورة أنبتت لنا الآه مع الفرح كما كان غسان في أم سعد وعائد غلي حيفا …… إنه اليوم والميعاد الذي أعدتنا به لسنوات نستذكر غسان ونفتقد محمود درويش الإنسان ابن الجليل الأعلي ذو السبعة والستون عام الذي هاجر مع أسرته إلى لبنان بعد تدمير قريته سنة 1948م ولكنه عاد ليعيش هموم الأرض ويتذوق القهر ويحتضن زنزانة العدو ويشارك القيد قصة بقاء ووجود ، ويغادر مرة أخري ليبدأ رحلة العودة لأم حنون …. فقيدنا ….. وشاعر ثورتنا محمود درويش : استطاع أن يسجل لنا حقبة تاريخية من الصراع الأدبي و بمعركة الوجود واللاوجود التي خاضها شعراً وأدباً مع الاحتلال ، ليمتص كل ما هو جديد في التجريب الشعري الحديث ويسخره في المسار السياسي النضالي ليبلور لنا تجربة فريدة متميزة عن جل الشعراء الذين عاصروه من شعراء النضال والكفاح والمقاومة ، ويبقي محمود درويش خلاصة فريدة لحدثاً ثقافياً فريداً مع كل ديوان أو قصيدة يطلقها . هضم التاريخ والفلسفة والأديان والأساطير ، وحرر الشعر الفلسطيني من وطأ الأيديولوجيا وبراثن التقزيم ، ليجعل منه ثورة ووطن تتسع للجميع ، نعيش بها وتعيش فينا ، ونسافر معها مع أبجديات ثائرة بريشة شاعر ثائر . فارسنا … وفقيدنا محمود درويش : الفارس الذي ترجل اليوم التاسع من آب وهو على فراش المرض ليغادرنا ويترك الحزن لنا ، والذكري فينا ، وقلوب مفجوعة مكلومه لم يعد لها زاد يشبع جوعها ، أو ماء يطفئ عطشها إنه فارسنا الذي استجمعت كل قواي لكي أرثيه فلم أستطع أن أقف لحظة أمام جسده المسجي .. فذرفت الدموع وتاهت الكلمات ، وتلعثم اللسان ، وتمرد القلم …. ونزف القلب … وارتحلت مع أحزاني لأستقر في قاموس الذكري ونبدأ من جديد بالبحث عن محمود درويش الرحمة للشاعر الأديب المناضل محمود درويش ، والعزاء للأم المكلومه فلسطين سامي الأخرس 9/8/2008

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. صالح هشام . استاذ
    17/08/2008 at 21:35

    اقول لصاحب المقال : اخي سامي عزاؤنا واحد في رحيل الشعر العربي الملتزم ..في رحيل دلك الهرم الذي حمل رسالة الوطن العربي من طنجة الى الخليج في الوقت الذي عجز على حملها الحكام العرب .رحل محمود درويش لكن ايمكن ان ترحل قصائده ؟ ستظل بنات افكاره تطارد كل انسان عربي تشبع بثقافة الشاعر لا المتشاعرين الذين اصبحت تغص بهم اماكن الليالي الحمزاء في زمن تناسلت فيه الهزائم العربية وتنامت كالطفيليات في زمن القحط والجفاف… في زمن لم يعد فيه للشاعر مكان ..في زمن تتوق فيه الاعين وتجري فيه الافئدة وراء بنات العري والانحراف الخلقي ..غاب الشاعر ..رحل محمود درويش .سقط القناع عن القناع فما بكاه العرب وما نعاه العرب وما اعترف به العرب وكيف لهم بذلك في زمن صمت فيه الاذان وغاب الحس الشعري .نعاه العرب في شريط اخباري باهت خجول في هذه القناة اوتلك.اختصروا حياته المليءة بالكفاح القومي في اشرطة اخبارية .فهلا كرموه كما كرمهم .فهلا بكوه كما بكاهم ؟ كيف لهم ذلك وقد استلوا شوكة من خاصرتهم .كيف لهم ذلك وقد تخلصوا من لسان شاعر طالما احرجهم في قصائده . طالما عوراتهم . اعتقدت وانا اتلقى خبر وفاة الشاعر منذلك الشريط الاخباري الخجول في قناة الجزيرة ان القنوات العربية ستتوقف عن البت وتخصص على الاقل ولو ليلة واحدة لتكريم الشاعر .لكن هناك ما هو اهم من محمود درويش فهناك الصخب ..هناك الضجيج ..هناك الاجساد العارية.. فلا مكان لك يا محمود في هذا الفيض من القنوات العربية ..لامكان لقصائدك ..فلم يعد هناك من يفرق بين الابيض والاسود… فتكريم الشاعر اعتراف بفضله علينا وعلى الاجيال التي ستاتي بعدنا .. لايسعني اخي سامي الا ان اقول لك عزاؤنا في شعره في نضاله في تاريخه في كل شيء يذكرنا بدرويش : الحرم الجامعي ..جلسات الاصدقاء .. حصار بيروت ..مديح ظله العالي في بحة صوته الجهوري …في انفعالاته وهو يصدح كبلابل فلسطين …سيعيش فينا درويش وسنعيش شئنا ام ابينا …سنذكره..ستذكره الاجيال ..فالتاريخ يقرر بعدم موت العظماء ..و درويش عظيم فهو مراة تاريخنا المهزوم .. مراة مستقبلنا التي تغطي هزائمه عن هزائم ماضينا ..فلنا الله من قبلك ومن ومن بعدك. يا محمود يا فقيد الثقافة العربية والشعر العربي …فتعازينا الحارة للاستاذ سامي الاخرس الذي هيأ لنا هذه الارضية ..لكل عشاق محمود درويش ..لكل مثقف عربي يجل ويحترم هذا الشاعر/الظاهرة . ……….

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *