الله عز وجل أدرى بمصالح النساء أم الخلق ؟؟؟؟
من مقتضيات الإيمان أن يعتقد الإنسان جازما غير مرتاب ولا متردد بأن الله عز وجل أعلم بمصالح الخلق ذكورا وإناثا منهم . ولا يمكن لمن يؤمن بالقرآن الكريم أن يمر بقوله تعالى : [ قل آنتم أعلم أم الله ] ثم تحدثه نفسه بعد ذلك بعلم وفهم مع علم الله تعالى أو فوق علمه.
لقد استرعى انتباهي النقاش الحاصل بين السيد رئيس المجلس العلمي المحلي لمدينة وجدة والسيدة وزيرة التعاون والأسرة في موضوع آية النشوز حيث وردت كلمة [ فاضربوهن ] التي رفضتها السيدة الوزيرة ، ولم تقبل من السيد رئيس المجلس العلمي تناولها وهو يفتي من استفتاه في أمر نشوز زوجته.
كان من المفروض ألا تثار قضية من هذا النوع في مجتمع يدين بدين الإسلام ، ويؤمن بأن القرآن الكريم هو كلام الله عز وجل الذي لا يأتيه باطل من بين يديه ولا من خلفه، لأن من مقتضيات الإيمان التصديق بالأمر والإذعان له. فمن آمن بأوامر الله تعالى فقد صدقها ، ومن صدقها ألزمته بالضرورة.
فإذا كان الله تعالى هو الخالق العالم بشؤون خلقه والمدبر لها فقد اقتضت حكمته معالجة حالة من حالات النشوز بنوع معين من العلاج يكون بنوع من الضرب حدده الشرع وفق ضوابط معينة صيانة للحياة الزوجية من التفكك. فالله تعالى لم يخلق النساء والرجال من حيث طبيعتهم النفسية على منوال واحد بل هم أصناف من حيث هذه الطبيعة. ولعل اختلاف البنية الجسمية يساهم في الطبيعة النفسية حيث نجد أصحاب البنيات الجسمية القوية سواء كانوا رجالا أم نساء في الغالب أميل للاندفاع في الحالات الانفعالية ، كما أن أصحاب البنيات الجسمية الضعيفة في الغالب أميل للخضوع. وقد نشاهد في بعض مواقف الزحام مثلا الأقوياء يندفعون ويتدافعون في حين يبتعد الضعفاء بسبب ضعفهم. فالله عز وجل الذي جعل الاختلاف سنة ماضية في خلقه قرنها بالتنوع في هذا الخلق لهذا فلا غرابة أن تتنوع أحوال الخلق تتطرفا واتزانا. فالنشوز الذي تعرفه بيوت الزوجية أمر طبيعي في حياة البشر يحصل بحكم اختلاف الطباع النفسية التي تعزى لاختلاف بنيات الذكور والإناث الجسمية . فالزوج بحكم بنيته الجسمية القوية قد يندفع في حالة الخلاف مع زوجته فيفكر في حسم هذا الخلاف باستعمال قوته الجسمية عوض قوته العقلية ، والله تعالى الخالق البارئ المصور تدارك استعمال الزوج لهذه القوة الجسدية الطبيعية بشكل عشوائي فقننها وجعل لها ضوابط إذ رغبه أولا في استعمال القوة العقلية عن طريق تقديم النصح أو الوعظ لزوجته التي تختلف معه في أمر ما مما يدخل ضمن ما يسمى شرعا النشوز. وبعد ذلك رغبه في استعمال القوة العاطفية عن طرق الهجر الذي لا يناسب علاقة المودة التي جعلها الله بين الزوجين. ولعل الخلاف الذي لا تنجح القوة العقلية والعاطفية في حسمه يحسم بالقوة السبعية " نسبة للسبع " وهي قوة فطرية طبيعية في ذكور البشر ولكن الله عز وجل قيد استعمال هذه القوة بقيود ،وإلا لو كان الضرب المقصود في آية النشوز مطلق الضرب لكان ذلك معناه تعريض حياة النساء للخطر بسببه لأن القوة الجسمية للرجال كافية للقضاء على النساء. لهذا كان ضرب آية النشوز نوعا من التأديب لتعود الحياة الزوجية إلى طبيعتها عوض أن يوضع لها حد ، وهي بهذا أخف الضرر كما يقال. فلو أن امرأة عاقلة محبة لزوجها وبيتها وأطفالها خيرت بين ضرر وآخر لهداها عقلها إلى الأخف منهما.لهذا لا يمكن لامرأة عاقلة أن تنهي الحياة الزوجية لمجرد وقوع خلاف ، وهو واقع لا محالة بسبب الاحتكاك اليومي مع شريك حياتها المختلف عنها بالضرورة ، أو بسبب استعمال زوجها لقوة عقلية أو عاطفية أو حتى جسمية في بعض الحالات. وقد يمارس الزوج قوته العضلية ضد زوجته وهو لها محب كأشد ما يكون الحب ، وذلك في حالة غضب تجعل عاطفة الغضب أقوى من عاطفة الحب لوقت وجيز تماما كما تمارس الزوجة الضرب على أبنائها في حالة انفعال وغضب وهي أشد حبا لهم ، بل قد تضربهم بدافع الحب والخوف عليهم كما هو الحال عندما يحاولون الاقتراب من خطر يهدد سلامتهم. فكذلك الزوج قد يضرب زوجته وهي تعرض الحياة الزوجية للخطر بسبب نشوزها بعد استنفاذ الوعظ والهجر.
والغريب أن ينكر البعض الضرب عندما يتعلق الأمر بجانب الحياة الزوجية ولا يرى مانعا في استعماله في جوانب أخرى من الحياة البشرية. فالضرب ظاهرة بشرية تستعمل لعلاج بعض الانحرافات التي تعرفها حياة البشر. فكل المجتمعات تمارس العنف وفق ثقافاتها ومعتقداتها. فنحن نشاهد مثلا ممارسة الضرب خلال مظاهرات حتى في أرقى العواصم العالمية حيث تعمد ما يسمى بقوات مكافحة الشغب لضرب الناس لغرض تفريقهم أو منعهم من الشغب ، بل قد يتجاوز الأمر استعمال الضرب إلى استعمال وسائل أخرى قد تكون أخطر من الضرب كاستعمال الرصاص المطاطي أو القنابل المسيلة للدموع أو خراطيم المياه القوية…. فيكون استعمال القوة في مثل هذه الحالات مبررا لأن حالات الشغب تستوجبه. وتكون الدولة المستعملة لهذا النوع من العنف أحرص على مصالح من تمارسه ضدهم في حالات معينة إذ لو يترك الحبل على الغارب تكون النتائج وخيمة.
والغريب أن ينكر الضرب في حالة حدوث النشوز في بيت الزوجية من طرف البعض، علما بأن النشوز عبارة عن خطر يهدد الحياة الزوجية ، ومواجهته شبيهة بمواجهة الشغب المهدد للأمن العام في المجتمع. فإذا ما أجزنا استعمال القوة من أجل الأمن العام لزمنا أن نجيز استعمالها من أجل الحياة الزوجية المهددة بالنشوز في بعض الحالات.
وأخيرا أستغرب من السيدة الوزيرة وهي صاحبة مؤهلات أهلتها لتتبوأ منصب وزارة ذات أهمية قصوى ألا تميز بين مفهوم الضرب في آية النشوز ، وبين العنف الأعمى الذي يمارس ضد النساء ليس باسم الدين كما جاء في رد السيد رئيس المجلس العلمي المحلي بوجدة ، وإنما تحت تأثير السكر أو التخدير ، وبسبب الجهل المطلق بالدين عند بعض الرجال. ولا يعقل أن تصدق امرأة عاقلة في مستوى السيدة الوزيرة أن عالما في مستوى السيد رئيس المجلس العلمي الذي كان ضمن فريق إعداد مدونة الأسرة التي تعد مكسبا للمغرب يمكنه أن يؤيد العنف ضد النساء من طرف السكارى والمخدرين والجهال . ولا يعقل أن تكون مرجعية هؤلاء في ممارستهم للعنف ضد النساء دينية وبتشجيع من العلماء أمثال السيد رئيس المجلس العلمي.
2 Comments
الأخت الفاضلة شهرزاد الأندلسي، السيدة الوزيرة لها مؤهلات سياسية أما الثقافية و العلمية فهناك الكثير من العلماء نساء و رجالا أعلم منها و من غيرها … و هي تعبر عما يخالجها من كره ضد السلام إنها التربية التي تلقتها و شربت منها طوال السنوات التي عجز فيها علماؤنا الأبرار عن أخد أماكنهم … و أمام هدا السكوت ما زال ما زال … الله يجيب الرجاله …
-ان النقاش الدائر بين الاستاذ م بن حمزة و السيدة الوزيرة نزهة صقلي ساهمت وشائل الصحافة في تضخيمه. فالسيد م بنحمزةاصدر فتوى في شان اية النشوز انطلاقا من رؤيته و بالمناسبة هناك عشرات الفتاوى المتعلقة بهذه القضية الى درجة ان بعضها يناقض البعض الاخر.. والسيدة الوزيرة علقت على هذه القتوى …والمسالة تدخل وبكل في اطار حرية التعبير و الراي والراي الاخر.. وتعليق السيدة الوزيرة لا ينتقص من مكانة الاستاذ م بن حمزة العلمية بصرف النظر هل نتفق او لا نتفق مع اجتهاداته