صدر عن مطبعة الجسور بمدينة وجدة ديوان لشاعر من شعراء أبناء الجهة الشرقية ، بعنوان إيقاعات نشيد العشق ضمنه قصائد تغطي حقبة مهمة من حياة صاحبه تفوح عبق أمكنة من المغرب ، من الشمال الشرقي والغرب والجنوب ،كان لها الأثر البالغ في حفز الشاعر على ذكرها والتغني بآلامها وأحزانها، وقارئ الفاتحة (فاتحة النشيد) يدرك مدى عمق المعاناة والألق في التعبير عن الماء وانسيابه من بين شقوق النفس الحالمة ، والأيام المتقلبة ، إنه الشعر الصافي المكتوب بدموع الفرح والحزن يرسم لوحات زرقاء فنية تمتع الحواس ، وتجوب في الفضاء اللانهائي رذاذا ينعش الفؤاد يقول في فاتحته:

في

سكون النفس

باب للجوى

مشرعُ يدعو فؤادي المستهامْ

فهوى للطين دمـــعٌ

يرسمُ النبض يغني للهوى

ثم فاض الدمع بوحا

شاديا بين الزهور

وبدا النبض نشيدا راسما عشق اليقين.

يحفل الديوان بأناشيد متنوعة ، حول رحيل الأحبة واحدا واحدا، حيث يترك الفراغ الذي يخلفونه جراحات لاتندمل ، فتستحيل أنغاما موسيقية يعزفها القلب الخافق السابح في دموع تنساب في صمت، جداول تحمل كلمات تطفو على السطح ، وتغوص في الأعماق وتطل برأسها من الديوان لتروي لنا ما يكابده الشاعر من جراء احترقه بنيران ذات مصادر متعددة استحال رماد الشاعر المحترق على إثرها طائر الفنيق يغرد حزينا باكيا ،عازفا بقيثارته أنغاما صداها تسمع من خارج الديوان. قصائد تجعل من الوزن ركنا أساسيا، تنتقل من بين التفاعيل انتقال الكروان بين الأغصان ،لتعزف بآلة الكمان ألحانا مسترسلة، وتغوص في اللغة ، سابحة في خفة معهودة لتعود إلى شاطىء النجاة محملة بإريج الأزمنة الغابرة وعبق الحداثة ورونقها …

ندعو القارئ إلى الغوص مع الشاعر في زرقة شعره الممتدة في اللانهائي ، والعودة محملا بالجواهر والصدف الثمينة ، العالقة بين ثنايا القصائد تلميحا وتصريحا ، نتمنى للشاعر رشيد سوسان مزيدا من الإبداع على الدرب الأزرق حيث الاحتراق وما انصهر ذهب بدون نار .