وجدة : خطر الطريق وجحيم التنقل معاناة يومية يواجهها التلاميذ .
هل تكفي الحملات التوعوية للحد من حوادث السير اذا كان الخطر يترصد المواطنين وعلى الاخص الاطفال الصغار الذين يضطرون الى قطع الطرقات ذهابا وايابا في اتجاه المدارس التي يدرسون بها ، فمن سنة الى اخرى تسجل حوادث سير يذهب ضحيتها اطفال ابرياء يترك ذلك ألما في نفوس المواطنين ويترك أسرا مكلومة على الاطفال الذين افتقدوهم …
تمثل طريق الغرب بوجدة وهي طريق ثنائية تمثل امتدادا للطريق السيار في مدخل وجدة من الناحية الغربية بمحاذاة أحياء مثل حي الدرافيف وحي النسيم – حي الفتح سابقا – الكائن بتجزئة المباركي هذه الطريق تعرف حركة سير كثيفة لأنها تستعمل من طرف الشاحنات المتجهة الى نواحي تاوريرت لجلب الرمال وكذا الناقلات المتجهة الى غرب البلاد والحافلات وسيارات الخواص وباقي المركبات التي تتجه الى الاسواق المجاورة ، فهي تمثل تهديدا يوميا للراجلين الذين يضطرون الى قطع الطريق في اتجاه اعمالهم وبالنسبة للأطفال في اتجاه مدارسهم وثانوياتهم الاعدادية … ولا توجد ممرات آمنة يمكن للمواطنين استعمالها تفاديا للخطر الذي قد يواجههم اثناء عبور الطريق لهذا تسجل حوادث سير …
وللأسف نجد تلاميذ صغار يواجهون هذا الخطر اربع مرات يوميا في ذهابهم وايابهم فكيف سيكون عدد هذا الخطر سنويا هذا سؤال مطروح على الجهات المسؤولة اقليميا ، ما يضطر اولياءهم الى الالتصاق بهم ومرافقتهم يوميا لمساعدتهم على قطع الطريق في امان ، ويمثل هذا الامر انشغالا يوميا وخوفا مستمرا طيلة كل سنة دراسية ، وللأسف لا يزال الموت يتلقف اطفال ، وللغريب كيف توجد مدارس في اماكن يمثل الوصول اليها تهديدا لهؤلاء الأطفال بينما توضع مدارس في اماكن بعيدة لا يرغب الآباء في تسجيل ابنائهم بها ، ما يطرح السؤال حول خريطة تموضع المدارس وسلاسة الوصول اليها، ويشتد الخطر في فصل الشتاء لأن التوقيت المستعمل ببعض المدارس يفرض الخروج في السادسة وهو توقيت يدخل عليه الظلام بعد استعمال التوقيت الشتوي ما يجعل الخطر مضاعفا اضافة الى ما يتعرضون له من أنواع التحرشات والاعتداءات وقد سجلت حوادث في هذا الشأن …
سبق أن كان اطفال ضحية حوادث سير وكان ذلك مناسبة للحديث عن هذا الخطر الذي يتربص بأطفال حي الدرافيف بالخصوص لآن عددا كبيرا من سكان هذا الحي يفضلون تسجيل ابنائهم بمدرسة صلاح الدين الايوبي بدل مدارس يعتبرونها منعزلة وبعيدة ، اما ابناء حي النسيم بالتجزئة السكنية المعروفة بتجزئة المباركي فقد وجدوا انفسهم محاصرين فهم غير قادرين على تسجيل ابنائهم بمدرسة صلاح الدين الايوبي خوفا عليهم من خطر الطريق ولهم قادرين على تسجيل ابنائهم بمدرسة المرجان لأن نفس الخطر يترصدهم ولا تسجيلهم بمدرسة المهدي المنجرة ما دام خطر الطريق يواجه التلاميذ ، لهذا العديد من السكان تحملوا تكاليف مدارس خصوصية ليس حبا فيها ، وانما لأنها تضمن لهم وسيلة نقل توصل الأبناء الى مدرسة ، ونتساءل كما يتساءل جميع المواطنين عن خريطة توزيع المؤسسات التعليمية العمومية على الاحياء وعن ظروف الامان التي توفر لأطفال ابرياء ليس لهم من ذنب سوى انهم توجهوا الى المدرسة العمومية من اجل التربية والتعلم ، لكن وجدوا انفسهم امام خطر يتهددهم يوميا او مشاق تنقل مرهق يومي ، كما نتساءل عن حجم الاكتظاظ والتخمة في عدد التلاميذ بأحياء معينة محشورين في طاولات من زمن المحبرة ولم تنعم مدارسهم بالطاولات التي بشر بها الوزير حصاد ، ولماذا لم تتم توسعة المدارس وبناء اخرى في اماكن اكثر امنا ، ومن الغريب نلاحظ ان الوزارة تفرض شروط عديدة وقاسية على المدارس الخصوصية بينما نجد بعض المدارس العمومية التي تحتضن ما يفوق الالف بها صنابير ماء محدودة ومراحيض مهترئة ومقاعد يجب ان تتحول الى تحف من زمن غابر ، فالمدارس بدون امن وحراسة ليلية اغلبها يتعرض كل سنة الى السرقة والاعتداء على ممتلكات الأساتذة والتلاميذ ، لهذا احيانا تكون المقارنة بين المدرسة العمومية والخصوصية مقارنة تفاوتية تجعل المواطن ينظر الى المدرسة العمومية بعين عدم الرضا ، لهذا يكون النفور من المدرسة العمومية ، والاقبال على المدرسة الخصوصية بحسب التعبير الرائج » مضطر اخاك لا بطل » ، ويحق لنا ان نتساءل كيف تخصص اراضي شاسعة للتجزيئات السكنية ولا يتم التفكير في تخصيص اماكن تكون مدارس للأطفال ، في الوقت الذي نجد فيه المدارس الخصوصية تتربع داخل التجزيئات السكنية في اماكن اكثر امنا ، والحال ان القانون يفرض ان لا تكون المدارس في واجهة الطرقات الخطيرة والوديان والمنحدرات … وكل ما يمثل خطرا على المتعلم … فهل يتوفر هذا في بعض المدارس العمومية …
لقد اضطر سكان حي النهضة ( المعروف ب » عمر البوليس » ) يوم 19 / 10 / 2017 الى اعتراض حافلات » مبيليس » لأن ابناءهم لم يتمكنوا من ركوب الحافلة التي تنقلهم الى اعدادياتهم التأهيلية والثانوية حيث أن هذه الحافلات تأتي ممتلئة من حي » الصابرة » و » الدرافيف » ولا تتبقى اماكن لباقي ابناء الاحياء الأخرى الموجودة في نفس الخط ، ما يجعل الحافلات تمر دون وقوف وهو ما يضيع على التلاميذ دروسهم لأنهم لا يصلون الى المؤسسات التعليمية في الوقت المناسب ، لهذا كل سنة دراسية تسجل معاناة مادية وبدنية من اجل التعلم ، لأبناء الاحياء الهامشية التي لا تتوفر فيها اعداديات وثانويات ، فهم مجبرون على المعاناة » السيزيفية » اليومية من تنقل ومصاريف تقتطع من رغيف الخبز الذي يعرق الآباء من اجل الحصول عليه ، لهذا نعود لطرح السؤال عن اية نظرة واقعية واستراتيجية في بناء المؤسسات التعليمية تتماشى مع التحولات التي تعرفها المدينة ، وهي رؤية توازي ما يتحدث عنه البلد حول الحق في التعليم وحقوق الاطفال وعن رؤية تنموية واقعية تتفاعل مع ما اصبح يدعو اليه صاحب الجلالة من بناء توجه تنموي فاعل يتخلص من الأساليب القديمة التي لم تنتج الا الرداءة والفوضوية وما يستتبع ذلك من احتجاج من طرف المواطنين …
هذه الاحتجاجات التي يقدم عليها المواطنون مجبرون لكي ينتبه المسؤولون الى معاناتهم ليست عبثية وانما تأتي هذا الفعل من سياسة وتدبير اداري لا يحترم في الغالب حاجيات المواطن ولا يمتلك نظرة استباقية تحترم التحولات وتتغافل حقوق المواطنين من اطفال ونساء وشيوخ ومواطنين عاديين والعديد من الفئات الاجتماعية المتضررة …
ان كان المسؤولون يفكرون في بناء مدارس جماعاتية لرفع المعاناة عن ابناء البوادي وضمان حق التمدرس ورفعا للمعاناة ،ومن توفير آليات للنقل وتوزيع الدراجات الهوائية … وهذا فعل مستحسن ، فان معاناة ابناء المدينة بالأحياء الهامشية لا تقل عن ذلك من صراع مع الطرقات والنقل ومع الاكتظاظ واستعمال الزمن المدرسي المجحف الذي يسجن التلميذ حينما يخرج من مدرسته وقد اسدل الليل ذيوله فلا يتمتع بحق اللعب وبالحق في الرياضة بينما الآباء افتقدوا الحركة لأنهم في صراع مع الزمن من اجل مرافقة ابنائهم ومن اجل ضمان امنهم …
لهذا اذا كان التعليم حق انساني في دولة المواطنة فإنه يقتضي ان تتوفر له شروط ومن ضمنها امكانية الولوج في ظروف آمنة وبدون معاناة تفوق الطاقة ، فهل المسؤولون بكل تخصصاتهم الادارية والتعليمية والمنتخبة واعون بهذا الأمر ؟ نتمنى ان لا تكون الأجراس التي تدق مجرد صيحات في واد كسابقاتها التي دقت في ما قبل ، فيستمر نزيف المعاناة ونزيف الضحايا …
Aucun commentaire