جمعية أصدقاء الطفل مريض القلب بوجدة: مسار مشرق وعمل خيري دؤوب
أحمد الجبلي
منذ تأسيسها سنة 2010، دأبت جمعية أصدقاء الطفل مريض القلب بوجدة على أن تأخذ على عاتقها مسؤولية إنقاذ الأطفال الذين يعانون من أمراض القلب والذين يحتاجون لعمليات جراحية جد مكلفة.
إن الأسر الفقيرة التي تبتلى بطفل مريض القلب، تجد نفسها في حيرة من أمرها حيث تعيش ألما حادا وحيرة مؤلمة، فتعيش بين نارين بين النظر إلى ابن مريض يتألم محروم من كل ما يفعله أقرانه من لعب وجري ومرح ودراسة…وبين الوضع الاجتماعي الذي لا يسمح بنفقات مكلفة تعتبر العتبة الوحيدة التي تحول دون شفاء هذا الطفل واكتسابه للصحة والعافية من جديد وبالتالي ذب الحيوية والنشاط في حياته.
إن وجود جمعية تعنى بالأطفال مرضى القلب لهي باب من أبواب السماء ورحمة إلاهية تنزل على قلوب الآباء والأمهات بردا وسلاما وإنقاذا لوضع أسري بئيس حزين قد غابت عنه الابتسامة طويلا.
لقد تنوعت أنشطة الجمعية بين الحملات التحسيسية التي غالبا ما تستهدف الأطفال مرضى القلب أنفسهم كما تستهدف أسرهم وتستهدف الجمعيات والمحسنين والأطباء المتخصصين في أمراض القلب والشرايين، وذلك في تكامل عملي حتى تكتمل الصورة وتكتمل الحملات لتعطي في آخر المطاف أكلها بإيجاد مصادر مالية مساعدة وأطباء متطوعين وجمعيات وهيئات مساعدة لتسهيل عملية السكن أو السفر وتوفير الأدوية ليكون المستفيد الأكبر هو الطفل مريض القلب وأسرته المكلومة.
ولقد تكللت هذه الحملات والتنقلات والاتصالات بإنجازات مهمة استفاد منها سنة 2010 ستة أطفال وقد أجريت لهم عمليات جراحية كانت كلفتها بين ستين ألف درهم وثمانين ألف درهم. وفي سنة 2011 أجريت اثنا عشرة عملية جراحية، وسنة 2012 ثمان وعشرون عملية، وسنة 2013 أجرت عمليات جراحية على أربع وعشرين طفلا، وهو نفس عدد العلميات التي أجريت سنة 2014، أما في سنة 2015 فقد أجريت ثمانية عشرة عملية وفي سنة 2016 تم علاج واحد وعشرين طفلا من مرضى القلب وقد أجريت لهم عمليات جراحية كلها كللت بالنجاح، وقد عرفت سنة 2017، التي لازلنا نعيش بعضا من أيامها، مدا تصاعديا حيث تم إجراء أزيد من خمسة عشرة عملية جراحية. ولازال العديد من الأطفال الصغار ذوي القلوب الصغيرة المريضة تنتظر دورها وأملها كبير في الله أولا وفي المحسنين ثانيا لأن الخير لا ينقطع من هذه الأمة، وكما يسر الله سبلا وأسبابا أدت إلى إنجاز العلميات السابقة، فإنه تعالى قادر على أن ييسر سبلا وأسبابا أخرى من شأنها أن تحقق مراد الله تعالى ورحمته بعلاج وشفاء هؤلاء الأكباد.
وأما عن المبالغ المالية التي كلفتها هذه العمليات فمصدرها في الدرجة الأولى ذوو الخير والإحسان، وأحيانا الأطباء أنفسهم فهم إما يتنازلون عن حقهم في المقابل أو يتنازلون عن نسبة مشجعة قد تصل إلى خمسين في المائة أو أكثر لتتكفل الجمعية بالباقي. وكما ذكر سابقا فإن مجموع العمليات التي تم إجراؤها لفائدة هؤلاء الأطفال الصغار منذ سنة 2010 قد بلغ أزيد من 140 عملية وبتكلفة قد وصلت إلى 375 مليون سنتيم.
إن جمعية أصدقاء الطفل مريض القلب، لم تجعل دورها ينحصر فقط في إدخال البسمة في وجه هؤلاء الأطفال الصغار بإجراء عمليات جراحية، وإنما عملت على تنويع أنشطتها لتشمل جميع الأطفال المرضى سواء في مستشفى الفارابي أو في المركب الجامعي محمد السادس، وقد جمعت هذه الأنشطة بين الألعاب والترفيه والتعليم في تكامل تنموي يجمع بين تنمية الجسم والعقل والفكر، كما نالت حضها من هذه الأنشطة الدورات التكوينية التأطيرية التي تستهدف الفاعل الجمعوي يؤطرها دكاترة وخبراء ومتمرسون في الطب والفكر والعمل الجمعوي والتربوي، وحملات التبرع بالدم التي تعد رافدا مهما وأساسيا في دعم القلوب المريضة بهذه المادة الحيوية والضرورية.
وتبقى باكورة الأنشطة التي قامت بها جمعية أصدقاء الطفل مريض القلب بوجدة هي ترميمها وإعادة تأهيلها لجناح الأطفال بمستشفى الفارابي بجميع احتياجاته كصباغة الجدران وتزيينها برسوم يعشقها الأطفال ويبتهجون عند رؤيتها لكونها تتعلق بالرسوم المتحركة والأشجار والأزهار الزاهية التي تدخل البهجة في النفس. و تقديم أغطية جديدة ومكيفات هوائية فضلا عن تجهيز مكان خاص للألعاب والترفيه والمرح.
وختاما نقول: الحمد لله الذي أخرج للوجود جمعية كهذه كرست وجودها ووقتها وسعيها حتى ترتسم البسمة في وجوه هؤلاء الأطفال الصغار مرضى القلب، وحتى ترفع بعض الحزن والألم عن أسر مكلومة معذبة في الأرض من جراء ما تعانيه من بلاء وابتلاء.
وكم نرجو أن تكون هذه الجمعية مصدر إلهام للعديد من أبناء المجتمع لينفروا خفافا وثقالا، شيبا وشبابا، رجالا ونساء، ليدلي كل واحد بدلوه، ويساهم كل واحد من وقته وماله حتى يستمر مثل هذا الخير ولا ينقطع من هذه الأمة، وحتى تظل الابتسامة مشرقة تنبع من محيى جميع أبناء هذا الوطن العزيز.
Aucun commentaire