أيها السادة الخطباء.. تعالوا إلى كلمة سواء
إن عنوانا كهذا، إنما، نبتغي به استفزاز خطبائنا الأجلاء طمعا في مشاركتهم هذا الحوار، ولأننا ننتظر منهم مدنا بتجاربهم وطرق اشتغالهم، فمنهم نستمد القوة والتجربة، وعن طريقهم نقوم المسار فنحدد مواقع القوة ومواقع الضعف.. فنعلم ما يجب أن يثمن، ونعي ما يجب أن يقوى ويرشد.. وندري ما هو غير مجد فنستبدله بما هو أجدى وأنفع..
ولأن التنظير يبقى تنظيرا ما لم ينزل على أرض الواقع.. وعند التنزيل يكشف معدن الكلام ويعلم سليمه من سقيمه.
لقد سبق وتحدثنا في ست حلقات عن خطبة الجمعة. وتحدثنا عن أمور كثيرة تتعلق إما بالخطيب وإما بالخطبة وإما بالمضمون وإما بالجمهور. وكل جزء من هذه الأجزاء إلا ويشكل محورا مستقلا قد يحتاج إلى حلقات كثيرة سواء من المنظور الشرعي الذي يؤطر عملية الخطبة، ويحدد سلوكيات معينة يتعين على الجمهور القيام بها وإلا فلا جمعة له. أو من المنظور العلمي الذي يحدد ميكانيزمات الخطاب بما هو داخل في علم التواصل ومنظومته المتعلقة بالرسالة والمرسل والوسيلة والبيئة والمرتدات الفعلية…
واستيفاء كل هذه المواضيع أو الأجزاء حقها من الحديث والبحث سيتطلب كثيرا من الوقت، وجهدا خاصا في البحث والتدقيق والمقاربة.
كما أن الخطبة بما هي جزء من واقع كل مسلم وكل حي وكل مدينة وكل بلد وكل أمة. فإن الكثير من الملاحظات يمكن أن تثار هنا وهناك إما حول الخطبة وإما حول الخطيب وإما حول المضمون أو بعضه أو حول الوقت الذي تستغرقه الخطبة… ما يفرض على الخطباء والمهتمين بالخطاب عملية تقويم واسعة تستوعب كل الانتقادات الموجهة. ووجود هذه الانتقادات هو عامل قوة لا عامل ضعف واهتراء. فالخطبة تنطلق من منطلق إيجابي هو نية الإصلاح والتوجيه والتعليم والتذكير… و هي ليست معصومة لأنها من تنسيق بشري قد يصيب وقد يخطئ.
ونحن نزمع على طرح هذا الحوار، كنا نحبذ أن تتبناه أي هيئة مسؤولة لتجعله في قاعة تتسع لعدد كبير من الغيورين والمهتمين..لتتلاقح الأفكار وتتبادل الرؤى والتصورات، فتدون لتمحص لتكون مطبوعا نستعين به في وضع تخطيط استراتيجي لتفعيل الخطبة وجعلها فاعلا تنمويا مهما، وحاضرة بقوة في المشهد الثقافي والاجتماعي ضمن مخطط شامل يهدف إلى بناء الإنسان الذي عليه نراهن وتراهن كل الثقافات وكل الحضارات وكل الدول والأمم.
ومهما يكن فإننا نرجو أن نرفع من مستوى الاهتمام لدى الهيئات المسؤولة فيتحول اهتمامها بالخطيب والخطبة إلى مستوى وضع لجان تقصي وتتبع لتقويم الخطب وترشيدها. سواء بحضور نماذج من الخطب، أو توزيع استبيانات على الجماهير لتنسج على غرارها تصورا راشدا من شأنه أن يرفع من مستوى الخطب لتنخرط في الفعل التنموي البشري، وتشكل برامج مساهمة في الرفع من مستوى الوعي لدى أبناء الوطن.
إن ما نهدف إليه من هذا الحوار هو:
1
– معرفة تجارب الخطباء لنسترشد بها في دورات تكوينية تهمهم.
2
– معالجة المشاكل التي تقع عادة بين الجمهور والخطيب.
3
– جمع الانتقادات التي يدلي بها المهتمون من الجمهور لتحديد مؤشر ما يرفع شعبية الخطيب مما يحبطها.
4
– فتح المجال أمام الخطيب ليعبر عن مشروعه التربوي والثقافي الذي يحمله لجمهوره.
5
– إفادة الخطيب بملاحظات وتوجيهات المهتمين من النخبة المثقفة التي تحظر خطبه كل أسبوع.
6
– معرفة آليات تحكيم الشرع في النوازل والأحداث التي يتعرض لها الخطيب.
7
– تحديد المعالجات للخطب بين العلم والشرع. أي لماذا لا يجعل الخطيب من حين لحين خطبته على شكل نظرية علمية أو بحث علمي ألا يدخل هذا في صميم ما يهتم به الدين ويدعو إليه القرآن. أم ستعتبر مثل هذه الخطب لا علاقة لها بالدين؟
8
– الدراية بالواقع السياسي والثقافي والاجتماعي والإثني بالبلاد يحدد مسار خطب الخطيب. ( لأن جهل الخطيب بهذا الواقع المتنوع قد يسقطه في مطبات تجعله محطة انتقاد بالجرائد الوطنية كما وقع للكثير من الخطباء)
9- الخطبة بين اللغة العربية الفصحى والدارجة..
ولا نحسب أننا قمنا بدمج كل ما يمكن دمجه. أو الإشارة إلى كل ما تجب الإشارة إليه وهو ذو علاقة بالخطبة. لأنه من المستحيل بمكان أن تفي كل شيء حقه كاملا دون نقصان. ولكن يبقى الاستدراك من حق الخطيب والمهتم والمتدخل. كما أن كل كلامنا الذي قلناه في الحلقات الست هو مجرد رأي خاضع للنقد وقابل للمراجعة، وهو عبارة عن مجرد إسهام نعبر به عن حبنا لإخواننا الخطباء وعن عظمة منبر رسول الله عليه السلام وحجم مسؤولية من يعتليه. وما كان صوابا فمن الله، وما كان خطأ فمن نفسي ، وأستغفر الله، إن الله هو الغفور الرحيم.
1 Comment
شكرا لكم إثارة الموضوع، لكن ألا تعتقدون أن مثل هؤلاء الخطباء قد يكونون « إسرافا » إذا كان المصلون لا يتورعون في منع الآخرين من الصلاة بتجمعهم في باب المسجد، أو يتفريغ صفوف كاملة؟