حملة انتخابية بلباس جديد
انطلقت الحملة الانتخابية ، وهي معركة كبرى بكل المقاييس، وقد نعتها صاحب الجلالة (كأنها القيامة). فكل الأسلحة مستباحة بما فيها الفضائح الأخلاقية و الغرامية و المالية. كل شيء مباح ولا حدود بين الحلال و الحرام، لأنها السياسة. و المرشح يلعب بجميع أوراقه:إما رابح و الطريق إلى البرلمان ميسر ومعبد وعليه زرابي مبثوثة و ورود و مستقبلين: (أهلا سيدي البرلماني…تفضل… انك في دار…لمان (الأمان التام)) .و ربما قد يفتح له الحظ طريقا إلى الوزارة أو الاستشارة أو مدير ديوان السيد الوزير(x ) أو السفارة. وإما خاسر كئيب ،يندب حظه، ويبكي على أيامه النحسة ( أيامي يا ناس مشات خسارة… والحب : المنصب اللي كان رجع مشروك… كما يغنيها المطرب الكبير عبد الهادي بلخياط في أغنية « الصنارة). وعلى الخاسر شراء المناديل بالوفرة ليمسح دموعه، وقد يفقد من (الفقسة) كل سوائل جسمه من الأعلى إلى الأسفل…
انطلقت الحملة الانتخابية، بلباس جديد : كثير من المرشحين من العيار الثقيل، ومن الرؤوس الكبيرة و النافذة في الأحزاب، قدموا أنفسهم و قدموا بناتهم و منهم من قدم أولاده في لوائح الشباب ، و منهم من قدم أخاه أو صهره كوكلاء اللائحة ومنهم من قدم زوجته باسم اللائحة الخاصة بالنساء…
هل كان هذا غي سابق العهد من تاريخ الانتخابات؟
ألا يدل هذا كم هي لذيذة النعم و كم هي ساحرة الكراسي المكيفة، وكم هي كثيرة الامتيازات المالية و سيارات رفيعة تنقل سيادتهم وهواتف نقالة … ونعم أخرى لا تحصى وآخرها عدم الالتزام بالحضور في القرارات المهمة التي ترتبط بالشعب.أليس كل القرارات المجحفة مررتها الحكومة في غياب المعارضة؟
ونعمة النوم على كرسي البرلمان.ونعمة قراءة الصحيفة داخل القبة، و الكلام مع الآخرين، ورفع الصوت عاليا ومقاطعة المتكلمين،واستعمال الهاتف الذكي و الناس تناقش قضايا…ونعمة السفر بتعويضات المال العام إلى بلدان من اختيار البرلمانيين….فعلا إنها ألبسة جديدة تلك الظاهرة الجديدة أن يبدأ البرلمانيون يقررون إقحام بناتهم وأولادهم وزوجاتهم و أصهارهم وأعضاء من المكتب السياسي في لوائح الترشح للمناصب البرلمانية…إنها مآدب سياسية من نوع جديد ،أعتقد أنه لم يكن في السابق. هذا يعني بالنسبة لي كقارئ لأحداث، أن مقياس ريشتر ،الذي يستعمل أصلا لقياس الزلازل، يمكن أن يكون صالحا لقياس درجة التوتر و الانفعالات و التدافع في الحملات الانتخابية،و لقياس درجات الطمع و الشره والمقاتلة على الكراسي،متى تصل ذروتها؟وعند من؟…
هؤلاء مهمتهم التنافس على المناصب و المكاسب و المغانم و الريع البرلماني و ما تبعه من كنوز (علي بابا) لهم و لأصدقائهم الكبار(الديناصورات القوية) وأولادهم و بناتهم وزوجاتهم، أما المواطن فمهمته أن يوزع الأوراق على المنازل بمقابل وعد بالعمل أو مقابل 100 إلى 200 درهم يوميا عن كل يوم عمل حسب كرم المرشح، ومواطنين آخرين مهمتهم الذهاب بكثافة إلى صناديق الاقتراع للتصويت على هؤلاء وعليهم بالتصفيق على الرابحين ومواساة الخاسرين…
ويبقى السؤال المطروح علينا: هل ننتظر خيرا نحن المواطنون الذين ينتظرون ساعة الفرج و الانفراج في الأيام المقبلة، من هؤلاء الذين يقدمون بناتهم وأولادهم وزوجاتهم وإخوانهم ومناضلين معهم من العيار الثقيل للترشح للبرلمان؟ألا يبحث هؤلاء عن ربحهم الشخصي و ريع البرلمان وامتيازاته الكثيرة؟ هل بهذا التصرف الانتهازي نثق أنهم هنا لمصلحة الوطن و المواطنين؟ ونعرف أنهم يعتقدون أن المواطن الساذج في نظرهم،عليه أن يشرب – بعد مرور الانتخابات بسلام – من ماء البحور السبعة أو ينطح رأسه مع أصلب جبل قريب منه ، أو يصعد إلى السماء السابعة إن استطاع إلى ذلك سبيلا… بعد أن ربحوا المعارك و المباريات الانتخابية كل الوعود تسكب على الهواء كما يسكب المال على الرمال الذهبية.
انه الطمع و الجشع بيديه ورجليه و في واضحة النهار وتحت أشعة الشمس. والمواطن الذي يعتقد أن هؤلاء يبحثون عن مصلحة المواطن و الوطن، لن يكون إلا واحد من هؤلاء :مخبول أو مجنون أو معتوه…
حفظكم الله من كل شرور الدنيا و الآخرة، ومتعكم بحسن الختام و العاقبة…
Aucun commentaire