مجرد أسئلة في كنف الفعل النقابي
مجرد أسئلة في كنف الفعل النقابي
بعيدا عن الخلفيات الإيديولوجية ورديفاتها الإثنية والسياسية والنقابية والاجتماعية … نطرح مجرد أسئلة من كومة تساؤلات، يطرحها واقع العمل النقابي المغربي. حيث يلمس الجميع التحرك الأخير للنقابات الأكثر تمثيلية على حد تعبير منطق اللجان الثنائية والغرفة الثانية من البرلمان المغربي تجاه الواقع المعيش المزري للإنسان المغربي، بما فيه من هو خارج الأطر النقابية والمنظمات الحزبية والجمعيات المدنية، والمطالبة بتحسين هذا المعيش في ظل ارتفاع الأسعار وازدياد تغول الرأسمال الاحتكاري، وسيطرة النفع الخاص على حساب النفع العام. وهذا التوجه والتحرك جميل ومحبذ من قبل الجميع، بل مطالب به في كل حين وآن، لكن ما يستوجب السؤال مجرد سؤال: هو الظرف الذي تحركت فيه مجموعة من المركزيات النقابية ما عهدناها تتحرك من قبل إلا بمقدار! فهل لتحركها قبيل الانتخابات القادمة مبني على مصوغ سياسي أم نقابي؟ وهل للوجه الآخر لهذه النقابات مسعى للمزايدة السياسية على حكومة عباس الفاسي؟ أم هو رد الصاع صاعين من بعضها لما جرى في خوالي حكومة التناوب؟ وأين تقع مصالح المناضلين النقابيين العامة في هذه المعادلة؟ فهل حقيقة مطالب القواعد النقابية هي المحرك الرئيس لهذه النقابات أم هي مطالب الأجنحة السياسية والمناصب الانتخابية هي المحرك؟ أم أن النية حسنة هذه المرة والمتشائمون مثلي قراءاتهم دائما خاطئة!؟ فلا السياسة تحرك النقابي ولا النقابي يحرك السياسة وإنما الاستقلالية بينهما هي محركهما معا؟ وأية مصداقية لعمل نقابي يتحرك في الدقائق الأخيرة من زمنية، مفترض فيها التحرك على طول مجال تعريفها كما يفيد منطق الرياضيات؟! وهل المعيش اليومي المغربي أصبح اليوم فقط محتاجا إلى النضال والتحرك النقابي من ذي قبل؟ أم أنه حاضر امتدادا للماضي؟ فهل أزماته وليدة اليوم؟ أم ينسى الفعل النقابي دوره ومسئوليته في هذا الحاضر المتردي؟
أصبح الآن العمل النقابي المغربي يفيد كما يفيد العمل السياسي الموسمية في التحرك! والمزايدة في التعاطي مع المعيش اليومي للإنسان المغربي، يخرج علينا بتقاليع ما عهدناه عليها في زمن الصمت! يوم كان يرفع المسحوق صوته لإنقاذه من براثن التعفن ولا مجيب؟!
حتى ذهب به الحال إلى اليأس أو إلى خلق إطارات أخرى، فأصبح مضايقا ومحاصرا بدعوى تفتيت المشهد النقابي المغربي! وبدعوى الأكثر تمثيلية هو صاحب الحق في تمثيل القطاعات الوظيفية والمهنية والخاصة! زمن رقدت فيه كل قيمة جميلة وأطلت برأسها كل القيم السلبية، وتاه الجميع لا يدري أين الحقيقة. زمن ليس ببعيد عنا، مازلنا نعيش تبعيات سكوته وتخاذله تجاه المناضلين … لكن؛ لنا العزاء وكل العزاء في تاريخ الحركة النقابية المغربية في زمن الرصاص، يوم كانت قوة العزيمة وصدق السريرة ونبل الهدف يغطي الفعل النقابي. أما اليوم فإن السؤال يلح على المتتبع لهذا الفعل في الطرح، خاصة في ظل الدعوة إلى إضرابات وطنية بمفهوم الراحة؟ وبمفهوم المضرب الجوكير؟! فهل تبقى للعمل النقابي من قيمة؟ ومن قدسية تنفي عنه التبعية والموسمية؟ أسئلة تجد في الواقع المعيش مسوغات الطرح كما تجد في المستقبل امتدادات الأجوبة. هي مجرد أسئلة أثيرها من باب الغيرة على العمل النقابي ودفاعا عن حصانة المؤسسة النقابية. فهل من إجابة أو من مناقشة لموسمية التحرك النقابي أو من تحليل للإضراب الذي أصبح ينجح بكل المعايير الإحصائية الكمية لا بالمعايير النوعية؟
إلى كل غيور على العمل النقابي وعلى المؤسسة النقابية أسوق أسئلتي لعل هواجسي تسكن وترقد نحو حقائق موضوعية أو نحو تفسيرات مقنعة أو نحو مبررات قاطعة … إليكم أوجه أسئلتي لأن السؤال طريق التصحيح. وبالله التوفيق.
عبد العزيز قريش
2 Comments
اختلط الحابل بالنابل في زمن التوافق و »اعتبار الظرفية ». وزاغت المطالب عن السكة العمومية لتؤول إلى تفرعات تدفع بها في اتجاه الاختزالية .نتيجة هذا أن وضعت في الثلاجة كل من المصداقية والشفافية والاستقلالية …ليخرج لحيز الاستهلاك قيم الانتهازية والسلبية والمزايدات السياسية، وطبعا كما ذكرتم وفق أجندة موسمية
أخي الكريم الفاضل سيدي عبد العزيز لقد عودتنا المقالات الراقية والمعالجة الرصينة لقضايا الأمة الهامة ، وكلما شغلني موضوع أجد في معالجتك له ما يشفي الغليل . إنك بحق تمثل ضمير أمة تطمح لاستعادة مجدها الغابر دمت أخا كريما فاضلا ودام قلمك المبدع وأرجو أن يكون حضورك في كل صفحة ، فهذا الموقع يفخر بك أيما فخر