سبتة الإقدام ومليلة العز
ظروف القصيدة : عندما وجه لي الإخوة من مركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية بوجدة الدعوة للمساهمة في الندوة الدولية في موضوع : سبتة ومليلية والجزر المحاذية التي أقيمت بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بجامعة محمد الأول بالشراكة مع المجلس العلمي المحلي ومركز الدراسات والبحوث خلال أيام24/25/26 أبريل2008 من خلال فقرة القراءات الشعرية استحضرت أيام العز الإسلامي زمن المعتصم بالله العباسي وتذكرت ما حصل يوم عزم رحمه الله على فتح عمورية وليس استرجاعها فاختلف من حوله بين الحلول الناجعة لتحقيق الفتح ، فكان الآراء متأرجحة بين الحلول الورقية والحلول العملية فاختار القائد المقدام الحل العملي وسجل الشاعر أبو تمام هذا الخيارالرائع في شعره ، فاستهواني شعره فنظمت هذه القصيدة أعارضه وزنا وقافية وأعبر عن واقع غير الواقع الذي عبر عنه فقلت :
بيض الصفائح قد أفضت لمكرمة والسود من صحف في متنها الكذب
ما رد قول لقوم أرضهم سلبت أنى ترد لنا أقطارنا الخطب
ضاعت شواطئنا والعجز أقعدنا عن رد ما ضاع إذ طالت به الحقب
بالأمس لبى نداء الخود معتصم وخودنا دامع أزرى بها الكرب
تبكي مليلتنا بالدمع تذرفه وسبتة جرحها دام له صبب
و صخرة بتخوم اليم تندبنا غضبى وتنكرنا إذ خانها النسب
من جعفر نسب تزهو به جزر لكنها سبيت ما فكها العرب
إلى متى ترقب الشطآن غضبتنا كجدنا مضر يجثو له الغضب
أو طارق إذ غزا بالفلك أحرقها عز ما وما رده عن رغبة رهب
أو يوسف العز إذ ناداه معتمد أنساه لهو وميض السمر يلتهب
فضاع ما عز لولا يوسف النجد أولى بمنهزم أغمات يغتهب
ومثل معتمد في العرب أكثرهم يبغي الفخار ولم تسمع به القضب
تاريخنا شاهد والشرع معترف والله أورثنا بحرا له لجب
ثغوره سبتة الإقدام مذ خلقت كذا مليلة عز زانها الحسب
مدينتان لهذا الشعب قد وجدت مذ كانتا رتقا والمهل تضطرب
عروستان وبالأمجاد زينتا والريف عرس له زفت وتختضب
أما الصليب فحاشا أن تزف له بنتا العروبة مهما طالها السلب
أين الجوار وأين العهد من غدر لا موثق لهمو بل عهدهم كذب
ما باعهم سلف ثغرا كما زعموا بل سالموا جيرة خانت وتخترب
السلم دين إذا ما هم لها جنحوا أنى نسالمهم والأرض تغتصب
يا راغبا في رجوع الثغر قد جزموا أن الثغور لهم شمر فلا خطب
لا تأمنن منهمو غدرا وقد غصبوا حق الشعوب ولا يقضى لهم أرب
إن الدنية لا نرضى بها بدلا في ديننا عن نزال البهم تنتخب
كن كالمجيد مشى للموت مبتهجا لم يرض ذلا ولا اصطكت له الركب
قد خاره الله للعربان يحفزهم لما غدا فيهمو الخذلان يكتسب
ما ضاع حق إذا ما لج طالبه إن الكرامة جلى دونها النصب
لا حبة الرمل في الصحراء نتركها لطامع في حمانا مسه الكلب
أو صخرة بشمال غر نازلها حسن الضيافة بئس الضيف ينتهب
بالله عزتنا والله ينصرنا والموت نطلبه والخلد نرتقب
4 Comments
الأخ الكريم : تعلم بان المعارضة الشعرية في ذاتها فن له مقوماته ، و هي لا تستهدف نقل المعاني نقلا حرفيا ، أو وصف الواقع الشبيه بالواقع الذي وصفه صاحب النص الاصلي ..و قد أنجزت بحثا جامعيا في هذا الإطار بتطوان يسعدني أن أرسله لك إذا كنت بحاجة إلىتوسع في هذا الموضوع …و رجاء ان تقوي المعنى اكثر حتى يقارب عمق معاني أبي تمام و ان تحتاط من الخلل الكبير الملحوظ على مستوى الوزن ..
هي ملاحظات أرجو أن تأخذ منها بما تراه أصلح.و شكرا لك على عواطفك القومية .
إلى السيد مصطفى هلال المحترم انا لم أزعم معارضة أبي تمام بالمعنى النقدي المعروف للمعارضة وإنما قلت بالحرف عارضته وزنا وقافية وكلامي واضح الدلالة لبس فيه لبس فلا تقولني ما لم أقل .أما عمق أبي تمام فهو معجزة عصره بله هذا العصرالذي تردى فيه الذوق وعمق أبي يمام لم يزعمه الفحول فكيف أدعيه أنا .أما قولك الخلل الكبير الملحوظ على مستوى الوزن فما أظنك إلا متوهما أو هكذا خيل إليك وعليك البينة وقد ادعيت. أما العواطف الوطنية فلا أشكر عليها فهي واجب لا يستحق الثناء
لقد رددت على تعليق السيد مصطفى هلال بالأمس ولم يظهر لحد الآن ، وسأرد مرة أخرى فأقول أنا لم أزعم معارضة الشاعر أبي تمام بل قلت بالحرف أني قد عارضته وزنا وقافية أما المعارضة التي يقصد السيد مصطفى فلم أقصدها وأنا على علم بشروطها وأشكره على عرضه . أما عمق أبي تمام فلا يمكن لأحد أن يدعيه مهما كان باعه في الشعر فهوكما قال عنه الناقد أنيس المقدسي : [ واد بعيد الغور كثير الجنادل يرده الناهل فلا يبلغه إلا بعد أن تكل قدماه ويتقطع نفسه ] فمن كان هذا شأنه فلا يزعم أحد أنه يقتفي أثره.
وأما الخلل الكبير الملحوظ على مستوى الوزن كما حاء في تعليق الأخ مصطفى فأرجو ألا يكون قد حصل له ما حصل للدكتور محمد العلمي مجنون العروض كما سماه الدكتور أمجد الطرابلسي رحمه الله حين قال عنه أثناء مناقشة أروحته وهو ينسب الخطأ للخليل : [ لقد ضربت الأسداس في الأخماس وطعلت علينا بنظرية تزعم فيها أن الخليل قد أخطأ ] وأرجو ألا يفهم السيد مصطفى أني أدعي علم الخليل كما فهم أني أعارض ابا تمام ولكنني انبهه إلى القراءة الصحيحة للنص قبل الحكم على وزنه فقد تقرأ بعض ألفاظه قراءة غير مقصودة فيختل الوزن ولا يراجع القارىء قراءته بل يسارعه لتخطئة الوزن كما يتوهم وسأكون شاكرا للأخ الفاضل إذا ما كشف النقاب عن الخلل الكبير على مستوى الوزن . وما أظنني أستحق الشكر على عواطفي الوطنية والقومية وهي واجب
قصيدة جميلة ليس فيها خلل في الوزن فهي على وزن بحر البسيط :
مستفعلن فاعلن مستفعلن فعلن
وقد اعتمد الشاعر فيها على ما يسمى بالخبن في « فاعلن » فصارت فعلن بتحريك حرف العين.وهذا ربما ما تشابه على الكثيرين معتقدين أن بالقصيدة خلل في الوزن.
فالقصيدة جميلة ووزنها سليم من منظور علم العروض.
تحية الى شاعرنا محمد شكري.