وحدة الإطار النقابي والديمقراطية الداخلية
الجديدة في: 14/04/2008.
صحيح أن الديمقراطية بمفهومها الكوني لا يجب أن تكون خيارا مجتمعيا فحسب ينظم علاقة الدولة ومؤسساتها بالمجتمع بل كذلك توجها جوهريا داخل كافة الإطارات السياسية والنقابية والجمعوية …وهذه مطالب لا يمكن إلا أن يتفق معها كافة الديمقراطيين والمناضلين الصادقين لكن شريطة وضعها في إطارها الصحيح كي لا تصبح كلمة حق يراد بها باطل. كذلك وحدة الإطار النقابي هي مكسب لا يقدر قيمته إلا من افتقده أو أضاعه بسوء تقديره أو بتهوره. مما لا شك فيه أن وحدة الإطار النقابي تعطي قوة تفاوضية لا تضاهى وتوحد صياغة المطالب وتسهل عملية الحوار والتنسيق إلى غير ذلك من الإيجابيات مما يجعل العمل النقابي أكثر فاعلية وتجدرا.
لكن من يرجع لتاريخ النقابات المغربية سيجد أن الديمقراطية الموؤودة والمبحوث عنها باستمرارداخل هذه الهيئات لم تتحقق بفعل الانشقاقات والانقسامات بل بالعكس أضعفتها وساهمت في هشاشتها . إن استقراء تاريخ النقابات المغربية يظهر أن مطلب الديقراطية الداخلية لم يتحقق بفعل خلق كيانات نقابية بديلة وضعيفة يبقى وجودها وتأثيرها هامشيا في المجتمع. فالاتحاد المغربي للشغل كان يضم في صفوفه قبل الانشقاقات التي لحقت به حوالي 650 ألف عامل وعاملة. بعد مرور أزيد من 30 سنة على هذه الانشقاقات التي عرفها الاتحاد المغربي الشغل نجد أنفسنا أمام كيانات نقابية ضعيفة مجموع المنخرطين بها لا يصل إلى ما كان عليه عددهم آنذاك في مركزية نقابية واحدة مع أن الطبقة العاملة تزايدت وتضاعفت أعدادها. نفس الملاحظة يمكن أن نبديها بالنسبة للقطاعات النقابية للتعـلـيم التابـعة للمركزيات النقابية ( الاتحاد المغربي للشغل، الكنفدرالية الديمقراطية للشغل، الفدرالية الديمقراطية للشغل…..) فانقسام هذه القطاعات التعليمية وتجزيئها و تفـتيـتها لم يزدها إلا ضعفا وصعوبة في التنسيق بينها لصياغة مطالب وحدوية بل تقلص حتى عدد منخرطيها في بعض الأحيان على ما كان عليه في السابق وفقدت بعض أطرها النشيطة التي ارتأت أن تجمد كافة أنشطتها النقابية بفعل الصراعات الداخلية. وبذلك تكون قد خسرت وحدة الإطار النقابي ولم تكسب رهان الديمقراطية الداخلية بل ازدادت المشاكل تفاقما وتعذرا على الحل. فبكل تجرد وموضوعية من منا يستطيع اليوم أن يجزم بأن هذه المركزية النقابـية أو تلك هي الأكثر ديمقراطية من دون غيرها أوالأكثر انفتاحا بالرغم من أن التشردم جاء أساسا بدعوى تحقيق مطلب الديمقراطية المفترى عليه. كل ذلك يظهر أن مطلب الديمقراطية الداخلية العادل و المشروع من الناحية المبدئية ربما أدى إلى التشردم والتفتت لسببين أساسيين:
1-
سوء تقدير بالنسبة للجهة التي حملته وأرادت تفعيله بهذه الطريقة أي خلق كيان آخر بديل
2-
أسباب ذاتية ومصلحية تستعمل مطلب الديمقراطية الداخلية كمطية لتحقيق مآرب شخصية وفئوية
إن من يراهن اليوم على خلق كيان آخر بديل للنقابة الوطنية للتعليم العالي لتحقيق مطلب الديمقراطية الداخلية العادل والمشروع، هذا إذا افترضنا أنه يتحرك عن حسن نية، لم يستقرئ بما فيه الكفاية تاريخ النقابات المغربية ووضعية التشردم التي آلت إليها بفعل الانشقاقات المتتالية. يبقى الخيار الوحيد الممكن حاليا هو الحفاظ على وحدة الإطار النقابي " النقابة الوطنية للتعليم العالي" لكن مع القبول بالتعددية ووجود تيارات داخلية و تدبير الاختلاف وتمـثـيـلية كافة الأطراف في الأجهزة المركزية والجهوية والمحلية حسب تواجدها وفعلها النضالي في الساحة. هذا هو موضوع الجدل والنقاش الذي من المفترض أن يجري اليوم وتخوض فيه جميع الفعاليات والأساتذة الباحثين بمختلف مشاربهم الفكرية والسياسية. أما رهان الانشقاق والتقسيم فلن يكون سوى إعادة للتاريخ بشكل سيئ جدا لا يجدر و لا يليق بالأساتذة الباحثين وبنخب المجتمع.
الأستاذ عبد العزيز الماحي
كلية الآداب بالجديدة
1 Comment
صحيح ماذا حققت لنا الانشقاقات والانقسامات النقابية غير الضعف والوهن