قد يحزنك و أنت ابن المدينة العريقة هذا التحول السريع في منظرها منذ الاستقلال إلى اليوم.بالأمس كان يرى المواطن البساتين و الضيعات  في كل مكان في اتجاه الغرب أو في اتجاه الغرب شمالا و جنوبا.و المياه الآتية من واحة سيدي يحي تعبر الأحياء الشعبية  عبر السواقي الملتوية متوجهة إلى البساتين المختلفة .كان منظر الخضرة من النباتات و الأشجار يزين كل الأماكن.وأطفال الأحياء الشعبية يستعملونها كمسابح في أيام الصيف الحارة…

كان من الممكن أن يتناول هذا الموضوع أديب من الأدباء أو شاعر من الشعراء،و هو يرى هذا الهجوم المسعور على كل ما كان اخضرا ليتحول إلى صحراء لا تجد فيها إلا المنازل و العمارات .وأصبحت  مدينة  شبحا لا تجد فيها إلا الجدران و الجدران… و ليس إلا الجدران.حتى نبتة النعناع ،عندما توجهت إلى بائعها اشتري منه، قال لي في حسرة « هذا  النعناع  الذي تراه آت من مدينة بني ملال ».بعد أن كانت بساتين المدينة هي من تنتج كل النباتات  التي تكون تغذية للحيوان، و الزرع  من الحبوب (قمح وشعير و ذرة)و الخضر ما تتزود به الأسواق المحلية التي اندثرت هي الأخرى، و الفواكه من التين و الرمان و السفرجل و الزيزفون و العنب و البرتقال، و بعض الضيعات كانت من مزروعاتها أشجار  التفاح…كل شيء ذهب و رحل و ضاع و أصبح من التاريخ المندثر. وتحولت المدينة إلى نباتات الاسمنت من … .و سمح المسئولون السابقون لمافيا العقار الاستيلاء على الضيعات الفلاحية و البساتين وتحويلها إلى تجزئات، مفضلين الربح المادي على الأمن الغذائي…وغدا ستتحول (غابة سيدي معافا) و منتزه (لالة مريم) هي الأخرى إلى تجزئات سكنية…فأين هو المغرب الأخضر داخل المدينة و ما يحيط بها؟أم ستدخل  مدن المغرب الشرقي إلى دائرة المغرب غير النافع كما كانت في عهد الاستعمار ؟ …