العالم القروي بين الخطاب الرسمي و الواقع المأساوي
لا تكاد تمر نشرة أخبار وسائل إعلامنا الرسمية إذاعة و تلفزة دون الكلام عن التنمية بالعالم القروي ، و التي غالبا ما يربطونها بهدف الحد من الهجرة القروية ، و كأن العالم القروي لا يستحق التنمية لولا وجود معضلة الهجرة .
و إذ لا أنكر وجود إنجازات ، لكن عندما نضع أنفسنا في السياق التاريخي ( أكثر من نصف قرن من الاستقلال ) نجد بأن هذه الإنجازات لا تساوي شيئا .
وكما يقال بالمثال يتضح المقال ، يوم السبت 15 مارس 2008 وفي إطار الزيارات الميدانية التي تقوم بها الكتابة الإقليمية لحزب العدالة و التنمية بمعية الأخ النائب البرلماني وقفنا على مجموعة من الاختلالات تؤكد أن الخطاب الرسمي بعيد كل البعد عن الواقع الذي يعيش مرارته المواطن القروي البئيس .
وصلنا بالسيارة إلى مجموعة مدارس مصعب بن عمير التي توجد بمقدمة الكربوز الغارقة في الضباب ، وأول ما أثار انتباهنا محطة الماء التي كتب على جدارها " الماء بالمقابل " . سألنا رجلا كان يملأ براميله فوق دابته عن المعنى فقال بأن كل برميل 30 لتر نؤدي عنه 50 سنتيما للمكلف بالاستخلاص الذي كان جالسا على كرسي بالقرب من باب المدرسة .
صعدنا المرتفع ، وفي طريقنا كنا نلتقي ب "شاحنات الجبل" محملة بالبنزين أو براميل فارغة لجلب الماء . أثناء تنقلنا بدواوير بني خالد التقينا أطفالا تتراوح أعمارهم مابين 13 و 16 سنة أكدوا لنا مغادرتهم للمدرسة إما من أجل مساعدة العائلة في لقمة العيش أو لأن الإعدادية ببني درار بعيدة جدا يستحيل متابعة الدراسة بها بدون داخلية .
من المفارقات التي نبهنا إليها بعض السكان الذين حكوا لنا معاناتهم ، الفرق بين دواويرهم و الدواوير المقابلة وراء الحدود .
الدواوير الجزائرية كلها مرتبطة بالشبكة الطرقية و مزودة بالماء الصالح للشرب و الكهرباء ، في حين دواويرنا لا زالت معزولة بعيدة عن الطريق المعبدة بحوالي 3كلم محرومة من الماء الصالح للشرب ، محرومة من مستوصف صحي .
و الكارثة التي وقفنا عليها هي المدرسة الفرعية التي يدرس فيها 3 أساتذة ــ أحدهم لم يبق له عن التقاعد سوى سنتين ــ 90 طفلا محرومين من الماء و بالتالي من المراحيض ( تصوروا محيط المدرسة ) ومفتوحة من الجهات الأربع ما يجعلها مرتعا للحيوانات خاصة الكلاب . فأين حقوق الطفل و أين المرصد الوطني لحقوق الطفل .
أخيرا و ليس آخرا أهمس في أذن المسؤولين وفي مقدمتهم والي الجهة إن التنمية تبدأ من الاهتمام بالإنسان وحاجاته الأساسية ــ مدرسة صحة سكن طريق شغل ــ التي تحقق كرامته وحينها ينطلق بكل تلقائية يساهم بكل ما أوتي من قوة في تحقيق رفعة وطنه .
أما الاهتمام بالزينة الخارجية فلن يحقق تنمية ولا هم يحزنون ، ومرتبة المغرب في الترتيب الدولي خير شاهد على ما أقول .
2 Comments
لا داعي للتعجب – المغرب اجمل بلد قي العالم –
نحيي المجهود الدي يفوم به برلمانييو العدالة و التنمية
بعض التعاليق لا تجدطريقها الى النشر , سؤال يطرح نفسه؟