إلى شيخ الإسلام، العلامة البحر، سيدي عبد الصمد
فوجئ المغاربة جميعا بجرأة المدعو عبد الصمد الديالمي وهو يصحح للأستاذ مصطفى بنحمزة معنى العالم الحقيقي. فخلال ندوة وطنية حول موضوع الإجهاض بالمغرب، نظمتها وزارة الصحة مؤخرا، ذكًر رئيس المجلس العلمي المحلي لوجدة وعضو المجلس العلمي الأعلى للمملكة أن الزنا معصية ولا يمكننا معالجتها بمعصية أخرى ، مضيفا أن الجنين كائن حي حتى قبل نفخ الروح الذي جاء في الحديث المعروف. هذا هو رأي المذهب المالكي الذي ارتضاه المغاربة وكان له دور كبير في وحدة صف الأمة وتماسك كيانها. وطبعا في الحالات الاستثنائية، عندنا قاعدة « الضرورات تبيح المحظورات، والضرر يزال…)، والإسلام جاء لحفظ النفس وحماية البشرية وسعادة الإنسان.
هذا الكلام أثار حفيظة الباحث العلماني المتخصص في قضايا الجنس عبد الصمد ديالمي، وهو معروف بكتاباته التي تبيح الزنا (حرية ممارسة الجنس قبل الزواج)، واعتبار الدعارة مهنة ضرورية لاقتصاد البلاد وضمان استقراره النفسي ووجوب التنويه بهذه الخدمة (النبيلة) للمرأة الزانية، ومعاداته لمؤسسة المجالس العلمية. و قد ظهر وجهه الحقيقي خلال الصراع الذي عرفه المعرب أيام الخطة المعلومة بين التيار الإسلامي المنادي بتحكيم الشريعة الإسلامية في قضايا الإرث والولاية والطلاق والتبني. والتيار العلماني في ظل حكومة اليسار، والذي طالب بمنع التعدد وإلغاء الولاية في الزواج وتحديد سن الزواج في 18 سنة على الأقل… ، وما نتج عنه من مسيرات وعرائض كادت تحدث فتنة كبرى، إلى أن تدخل الملك بموجب التحكيم وجمع مختصين لصياغة مدونة الأسرة الحالية ، وكان من بينهم الأستاذ بنحمزة.
أخذ الديالمي الكلمة للتعقيب على بنحمزة، وما أدراك ما بنحمزة، وبدأها بتجريده من صفة (عالم) ووصفه ب »الفقيه »، وهو لا يعلم أن الفقه أعلى مرتبة من العلم في المنظور الإسلامي. العالم الحقيقي، يوضح الديالمي هو الذي يقول إن الإجهاض مباح في مذاهب أخرى ، مستشهدا ب(علماء) تونس (يقصد في عهد بورقيبة !). بمعنى أن الجميع كان ينتظر الضوء الأخضر من بنحمزة المالكي لتقنين الإجهاض. وبنفس الانفعال تدخلت عائشة الشنا الفاعلة الجمعوية المعروفة بتأسيس دور الأمهات العازبات بالمغرب و العناية بمن تسميهم (أولاد الحب: أي لامور) وليس أولاد الحرام أو اللقطاء. فوجهت سهامها هي كذلك إلى (سيادنا العلماء) ناعتة الجميع بالنفاق !!
نعم صدق سي عبد الصمد، بنحمزة فقيه (مطور)، أي فطن بخبايا الأمور ومخططات العلمانيين أصحاب سمو المرجعية الدولية، لأنه أوقفهم عند حدهم وأجهض مشروعهم التخريبي. و لو كان الأمر يتعلق بحالة واحدة (اغتصاب مثلا)، وطلب من أي عالم مالكي، لكان الحديث عن إمكانية اللجوء إلى الرخصة دون شك. لكن الوضع يختلف الآن، فنحن أمام مئات حالات الإجهاض (القتل) يومية كما يقولون. و السبب في نظر المسلمين هو إشاعة الفاحشة وتهييج الشباب ووجود تيارات تدافع بشراسة عن الحرية الجنسية و تضرب خلق العفة وقيم الحياء ومفهوم الأسرة نفسه.
في الطرف المقابل، يصطف أمثال هؤلاء العلماء الفطاحل، شيوخ الإسلام في آخر الزمان، الذين أصبحوا يناقشون من داخل المرجعية الإسلامية، ويُرجعون السبب إلى التحريم والمنع. فيعرضون علينا إسلاما حقيقيا يبيح الزنا ثم يرخص الإجهاض، و يفتح الباب مشرعا أمام العلاقات الحميمية الآمنة و التربية الجنسية في المقررات ويعالج معضلة البطالة بإنعاش قطاع الدعارة والسياحة الجنسية، و يقمع الخطباء والوعاظ و يغلق المساجد و يحل المجالس العلمية و ينطلق قطار التنمية!!
محمد السباعي
Aucun commentaire