كلمة النائب الاقليمي لجرادة بمناسبة تنظيم اللقاء التنسيقي حول التربية الدمجية للأطفال في وضعية إعاقة
كلمة الدكتور محمد زروقي النائب الإقليمي لوزارة التربية الوطنية والتكوين المهني بجرادة بمناسبة تنظيم اللقاء التنسيقي حول التربية الدمجية للأطفال في وضعية إعاقة
الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين
و بعد،
السيد الكاتب العام لعمالة إقليم جرادة المحترم
السيد عضو المجلس العلمي المحلي
السادة رؤساء وممثلي المصالح الخارجية :الصحة، الشباب والرياضة، التعاون الوطني
السادة أعضاء المجلس الإداري للأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين للجهة الشرقية
السيد المنسق الجهوي لبرنامج التعاون مع منظمة اليونسيف
السادة رؤساء المصالح والوحدات والمكاتب بالنيابة الإقليمية
السادة أطر المراقبة التربوية وهيأة التفتيش
السادة أطر الإدارة التربوية وهيأة التدريس
فعاليات المجتمع المدني
أيها الحضور الكريم
تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله و أيده للنهوض بوضعية الأطفال ذوي الإعاقة، و تنفيذا لمقتضيات الفصل الرابع و الثلاثين من الدستور الجديد الذي ينص على أن تقوم السلطات العمومية بوضع و تفعيل سياسات موجهة إلى الأشخاص و الفئات من ذوي الاحتياجات الخاصة، و التزاما بالمواثيق و الاتفاقيات الدولية و الوطنية المتعلقة بالإدماج الاجتماعي لذوي الإعاقة و ضمان حقوقهم، و تنزيلا لقوانين الرعاية الاجتماعية للمكفوفين و ضعاف البصر، و ذوي الإعاقات الخفيفة و المتوسطة البالغين سن التمدرس، و تفعيلا لمقتضيات الميثاق الوطني للتربية و التكوين في دعامته الرابعة عشر، و خاصة مادتها الاثنين و الأربعين و المائة المتعلقة بضرورة رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة، أو الذين يواجهون صعوبات جسمية أو نفسية أو معرفية، و ذلك من خلال تمكينهم من الدعم اللازم لتخطيها ، استقر عزم النيابة النيابة الإقليمية لوزارة التربية الوطنية و التكوين المهني بجرادة على تنظيم لقاء تنسيقي حول التربية الدمجية للأطفال في وضعية إعاقة، و ذلك في إطار تنزيل مخططها الإقليمي الذي يستمد مجالاته و مؤشراته من المخطط الجهوي للأكاديمية الجهوية للتربية و التكوين للجهة الشرقية، في انفتاحها الإيجابي و تعاونها المثمر البناء مع شريكها الاستراتيجي المتمثل في منظمة اليونسيف .
حضرات السيدات و السادة
لقد مرت فكرة ضمان تمدرس ناجح للأطفال في وضعية إعاقة بنسق متسلسل و متنوع من التمثلات التي أفرزت تجارب مختلفة، لم تحقق في معظمها الغايات المنشودة، و لم تمكن في أغلبيتها من إدراك المقاصد المرجوة ، و إن تشخيصا عميقا لتلكم التجارب،التي ترتبت عن ممارسات صفية و غير صفية، ليبين عن صعوبة في تمثل الغاية، أو قصور في امتلاك الوسيلة ،أو ائتلاف الصعوبة الكائنة والقصور المطروح، مولدا وضعا لا ينسجم مع التطلعات الممكنة. تلكم التطلعات التي أصبحت تفرض على المنظومة التربوية و التعليمية اليوم، أن تسائل نفسها عن الغاية التي تتوخاها من تمدرس طفل يعاني إعاقة خفيفة أو متوسطة، و ربما عميقة إن اتضحت ،مع الممارسة، معالم الرؤيا و التوجه، على قدر ما أصبحت تفرض عليها أن تتساءل عن الوسيلة التي ينبغي أن تمتلكها لتحقق الغاية المرجوة، في إطار نسق متكامل متسق، تتجانس آلياته و تتكامل، لتنتج في النهاية إطارا صحيحا و مسعفا لفئة هامة لها الحق في المشاركة في مختلف مجالات الحياة، و الإسهام في التنمية .
فأي غاية نريد ؟ و بأي الآليات سنتوسل ؟
إن هذان السؤالان يضلان الفيصل في رسم خارطة طريق لتعليم الأطفال في وضعية إعاقة على اختلاف درجات إعاقتهم و طبيعتها ، و إن الجواب عنهما لن يكون تلقائيا و مباشرا و سريعا ، بل لا ينبغي أن يكون كذلك ، ذلك أن أي جواب يقتضي أن تؤكده الممارسة و تصدقه النتائج المحققة .
و لئن اتضحت معالم الغاية نسبيا نتيجة تراكمات النتائج التي أفرزتها التجارب السابقة، و التي أبانت عن صعوبة اندماج الأطفال المتمدرسين في المنظومة التربوية، و تعذر اندماجهم ،إلا استثناء و في عدد يسير من وضعيات إعاقات خفيفة، و ذلك في ظل تمدرس لم يكن يتوخى مسايرة هذه الفئة من الأطفال، بقدر ما كان يركز على أن يحقق الحد الأدنى من التواصل معهم، و الاحتفاظ بهم في منظومة اجتماعية تقوم على الخطاب ، فإن الوسائل لا تزال في حاجة إلى تحليل و دراسة، لنحدد طبيعة المسؤوليات و نوزعها بشكل يضمن تحقيق نسق متكامل يؤدي مفهوم المنظومة التربوية التي نريد، و يضمن خصوصياتها انسجاما مع خصوصية المتمدرس، و غايات التمدرس المستشرفة .
و من ثم فإن الأسرة مدعوة لتكون فاتحة النسق، و المحيط و المجتمع لا يقل أدواره عن أدوارها، و المدرسة فضاء المعرفة و مجال التعاون الذي ينبغي أن تتجلى فيه الأدوار المتكاملة لمختلف المتدخلين. و إن اتفقنا أننا نريد متمدرسا بمواصفات تضمن اندماجا في المجتمع و إسهامه في بنائه و نمائه، فإننا متفقون، من حيث المبدأ ، أننا نريد متمدرسا مسايرا، له الحق في التدرج عبر المستويات و الأسلاك الدراسية المختلفة، و له الحق في اختيار المسالك حسب الرغبة و الميول و الطاقات الذاتية، لا متمدرسا ينتهي مساره التعليمي بتحكمه في نطق كلمة، أو توفقه في تبليغ فكرة في أحسن الأحوال .
أيها الحضور الكريم
تلكم كانت أسئلة و تمثلات أردنا من خلالها أن نثبت العزائم، رغم الإكراهات المطروحة و العوائق الكائنة، سواء ما تعلق منها بصعوبة التخطيط المسبق لعدد الأطفال ذوي الإعاقة و صعوبة تشخيص إعاقتهم و التمييز الدقيق بينها من جهة، أو ما تعلق بقلة الموارد البشرية المتخصصة في تعليمهم و التعامل معهم و ضعف اهتمام الأسر و محدودية الإمكانات المتاحة من جهة ثانية ، على قدر ما أردنا من خلال تلكم الأسئلة والتمثلات أن نرسم خطوط المشروع الجديد الذي يدخل في إطار مخطط برنامج تعاون وزارة التربية الوطنية و التكوين المهني مع منظمة اليونسيف، متمثلا غاية المسايرة و الاندماج، متوسلا بآليات منهجية ميسرة في الانفتاح اللازم على الجهات المتدخلة المسؤولة.
« ذهب شاب إلى أحد حكماء الصين ليتعلم منه سر النجاح. فسأله: هل تستطيع أن تذكر لي ما سر النجاح؟ فرد عليه الحكيم الصيني بهدوء: سر النجاح الدوافع. فسأله الشاب: و من أين تاتي الدوافع ؟ فرد عليه الحكيم: من الرغبات المشتعلة. و هنا استأذن الحكيم الصيني لبضع دقائق، فانصرف، ثم عاد و معه إناء كبير به ماء ، فطلب من الشاب أن يقترب من إناء الماء ، فلما اقترب، ضغط الحكيم بكلتي يديه على رأس الشاب، و وضعه داخل إناء الماء . مرت ثوان و لم يتحرك الشاب، ثم بدأ ببطء يخرج رأسه من الماء، و لما بدأ يشعر بالاختناق، أخذ يقاوم بشدة حتى نجح في تخليص نفسه و أخرج رأسه من الماء. قال الحكيم: أردت في الثواني الأولى تخليص نفسك ، و لكن دوافعك لم تكن كافية. ثم كنت دائما راغبا في تخليصها، فبدأت في المقاومة. و أخيرا أصبحت لديك الرغبة المشتعلة ، فنجحت و لم تكن هناك قوة في استطاعتها توقيفك. فعندما تكون لديك الرغبة المشتعلة، لن يستطيع أحد إيقافك .
وفقنا الله و إياكم لنبحث في الأطفال ذوي الإعاقة عن رغبات مشتعلة يوقدون بها شموع حياتهم و محيطهم، و يسيرون بها دونما توقف وسط ذويهم و أهليهم في مسيرة البناء و النماء، و أعاننا الله و إياكم على خدمة أبناء هذا الوطن بفئاته المختلفة، مسترشدين بالتوجيهات الملكية الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس أدام الله نصره وعزه .
و السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته.
وحرر بجرادة في 3 مارس 2015
النائب الإقليمي
محمد زروقي
Aucun commentaire