الواقع العربي بعيون المهدي المنجرة
بقلم :ذ.عبد الفتاح عزاوي
تعــيش الأمة العربية والإســلامية أزمة أخلاقية معقدة بكل المقاييس ، بلغت مرحــلة عصـــيبة مع انفجار الأوضاع في العديد من أقطارها منذ أزمة الخليج الأولى . وقد تحولت اليوم الكثير من توقعات ووصايا عالم المستقبليات المهدي المنجرة إلى حقائق واقعية أصبحت تسائل ضمائرنا الميتة التي عجزت أمام هول الكوارث التي أصبحت تحيق بنا .
لقد تعرض النظام الدولي إلى إهانات خطيرة خلال السنوات الأخيرة ،واتضح بالملموس أن منظمة الأمم المتحدة لم يعد لها مصداقية ،شأنها شأن المنظمات الأخرى كالجامعة العربية والمؤتمر الإسلامي و الإتحاد الإفريقي وغيرهم . وهذا مانبه إليه عالم المستقبليات المنجرة بالقول : » لم تعد لدينا شرعية حقيقية دوليا ،فأمريكا تقول أنها تعتبر قرارها ودفاعها عن شعبها هو الشرعية ،وتمنح لنفسها الحق في التدخل في أي مكان تريد ،وفي أي وقت تريد ، ولامن يعارضها ».
كما أكد في بداية أزمة الخليج الأولى سنة 1991 أن العدوان الأمريكي والغربي الغاشم تتعلق أهدافه بالصراع ضد القيم الإسلامية والإنسانية ،حيث يقول في هذا الصدد : » يعتبر الخوف من الإسلام إحدى أكبر حالات الهوس التي يعيشها الغرب والعالم الأوروبي ،وأنا أكتب على ذلك منذ أكثر من عشرين سنة. ويكمن السبب في الرهاب وغياب التواصل الثقافي والعجرفة ، فضرب العراق ليس غاية في حد ذاته وإنما يتعلق الأمر بمخطط معقد غايته الهيمنة » .
وقد سبق له كذلك أن تحدث عن اندلاع »انتفاضات » في العالم العربي على الخصوص ،وحتى العالم الإسلامي ،حيث يقول في هذا الإطار : » كل هذا العالم الإسلامي معرض بالضرورة لزلزال كبير إذا استمرت الأوضاع كما عليه اليوم . لماذا ؟ ، لأنه لايوجود هناك وضوح في العمل ،وهناك الزيف ،ولاتوجد عدالة اجتماعية بين الغني والفقير … »
ولم تتوقف توقعات صاحب الكتاب الشهير » الحرب الحضارية الأولى » عند هذا الحد ،بل تنبأ بدخول العالم مرحلة »الرهـابقراطية » أي السيادة وممارسة الحكم بواسطة الخوف والتخويف ،وهو مانشهده اليوم مع الحدث الداعشي الذي جعل المنطقة العربية تعيش أسوء مراحل تاريخها ،وجعل إرثها الحضاري والثقافي في عهدة ذكريات الماضي .
وهذا ما يستنتج من أحد الحوارات الصحفية التي أجريت معه والتي قال فيها بالحرف : » لقد أصبح الخوف وسيلة للتدبير السياسي على المستوى الوطني والدولي ، والولايات المتحدة الأمريكية تقدم لنا في هذا المضمارنموذجا للفعل السياسي الدولي بالغ الحساسية ومن تم ذا خطورة معينة » .
إنه عصر الإهانة المزدوجة : إهانة الغرب لنا ومعها إهانة الإستعمار ،وإهانة ذاتية تأتي ممن يقبلون بالإهانة الخارجية ،وهو مايجعل حكامنا يسقطونها على شعوبهم المستضعفة . فهل نستمر في قبول هذه الإهانات المتكررة وتكريسها إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ؟.
fattahazz@yahoo.fr
Aucun commentaire