تيار الإصلاح والاعتدال الوريث الشرعي لجيل المقاومة والاستقلال
تاريخ المقاومة الوطنية للاحتلال الفرنسي تاريخ حافل بالبطولات والتضحيات، شارك فيه الشعب المغربي قاطبة قبل أن تظهر الأحزاب السياسية بمختلف أشكالها المعاصرة. منهم من حمل السلاح وانخرط في الخلايا الفدائية خاصة بعد نفي الملك محمد الخامس رحمه الله، ومنهم من قاوم بالصحافة والكلمة والتعليم من خلال إنشاء الكتاتيب القرآنية. بل يذكر المؤرخون أن النساء في البيوت شاركن في المقاومة المسلحة بإخفاء رجال المقاومة والأسلحة و رشق دوريات الجيش الفرنسي بإفراغ الزيت المغلى على رؤوسهم من أعلى الشرفات والنوافذ !! رحم الله جميع الشهداء وبارك في أعمار المقاومين الباقين على قيد الحياة.
و لا نكاد نبالغ إذا قلنا إن في كل بيت مغربي شهيد أو مقاوم، وليس من حق أي جماعة أو حزب بالمفهوم الضيق المعاصر أن ينسب كل هذه المقاومة لنفسه أو لحزبه… صحيح أن المغاربة لم يعرفوا إلا حزبا واحدا وهو حزب الاستقلال الذي تزعمه رجال علماء ووطنيون أفذاذ، وعلى رأسهم العلامة السلفي محمد علال الفاسي رحمه الله. لكن هذه الواجهة السياسية التي تقدمت بعريضة المطالبة بالاستقلال بتنسيق كبير مع ملك البلاد، كانت تعمل بموازاة مع الحركة الوطنية في الجبال والسهول ، في المدن والقرى والمداشر، في الشمال والجنوب والشرق والغرب…
حزب الاستقلال (النسخة الأصلية) بمعنى جيل مقاومة الاحتلال الفرنسي هو إذن حزب كل المغاربة، ومن نسب المقاومة لنفسه أو لعائلته أو لحزبه بالمفهوم الضيق، فهو يسيء إلى نفسه قبل أن يسيئ إلى الشعب المغربي. بل إن أغلب الأحزاب الوطنية الحالية قد خرجت من رحم الحزب الأم (حزب الاستقلال)، وبهذا المعنى يكون الاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية والحركة الشعبية (بزعامة أحرضان) والحركة الشعبية الدستورية (بزعامة الخطيب) وهو العدالة والتنمية حاليا والأحرار والشورى والاستقلال وكل تلوينات اليسار وكل تلوينات اليمين وكل فصائل الحركة الإسلامية بالمغرب… كل هذه التشكلات والتعبيرات السياسية هي امتداد طبيعي لحزب الاستقلال الأم ولها إسهام مقدر (مباشر أو غير مباشر في الاستقلال ومقاومة الاحتلال)…
من واجب جيل الاستقلال أن يترحم على جيل النضال والمقاومة، ومن سوء الأدب أن نسأل أي مغربي ولو كان ابن أو حفيد مقاوم: أين كنتم أيام المقاومة المسلحة ضد فرنسا؟؟ و جزاء الجميع يوم الوقوف بين الملك الديان… فرُب شهيد صادق لم يرغب في بطاقة المقاومة ولم يعلم به احد ولم يذكره التاريخ، هو أقرب عند الله من سليل أسرة مقاومة أفسد تاريخ أهله بالمطالبة بالثمن، بل وأخذه أضعافا مضاعفة من عقارات وامتيازات ومناصب ولا يزال يبتز الوطن ويتاجر بدم الشهداء.
المطلوب من جيلنا اليوم مواصلة مسيرة الإصلاح والبناء وتحقيق حلم الرعيل الأول من الآباء والأجداد وهو الحفاظ على الوطن والتفاني في خدمته، وليس الحرص على المناصب والتنافس في استغلال خيرات البلاد واحتكار الثروات… المطلوب الآن تحقيق العدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروات وإعطاء الأولوية للفئات الهشة من كالأرامل والأيتام والمسنين وكل المستضعفين… المطلوب اليوم التنافس في إصلاح القضاء وإحياء روح التضامن والبذل في هيئات المجتمع المدني عوض الركوب على العمل الجمعوي للاغتناء الفاحش واختلاس المساعدات الدولية… المطلوب اليوم الانتصار للثوابت الوطنية والقيم المغربية الأصيلة التي جاهد من أجلها آباؤنا … المطلوب اليوم الحفاظ على استقرار الوطن وعدم استفزاز الجيران أو التعاون من جهات خارجية أو الانجرار وراء مغامرات غير محسوبة العواقب… المطلوب اليوم ترسيخ منهج التشارك والتعاون على الإصلاح مع جميع المغاربة دون منً ولا مزايدة على أحد. والعاقبة للأصلح في التنافس السياسي الشريف، وليس للمقاوم بالوراثة، و العاقبة للمتقين يوم نلقى الله جميلا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
Aucun commentaire