شهوة المكروفون
شهوة المكروفون.
خطبة الجمعة من أعظم القربات الى الله، وأنفع الأعمال إلى المجتمع.ودليل على حب الخير للناس، والمومن لغيره أفضل من المِؤمن لذاته .ولازال الناس بخير ماأدى الخطباء والمصلحون أدوارهم. فالخطبة بوصفها جزءا من الدعوة مهمة الرسل والأنبياء ،وورثتهم من العلماء والصالحين. وجوهر الدعوة الإسلامية يقوم على تحبيب الدين والصالحات الى النفوس، وتنفيرها من أنواع الإنحراف والإفساد . وإذا كان لكل فن قواعده ، فإن لفن الخطبة أيضا ما يضبطها ويجعلها سليمة ورشيدة.. قال تعالى :(قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني) يوسف اية 7. والمقصود بالبصيرة هنا :« الحجة الواضحة. والمعنى أدعو الى الله ببصيرة :متمكنا منها » (1) فمن مقتضيات التمكن، أن تكون الخطبة سليمة من الهوى وحظوظ النفس، قائمة على الكتاب والسنة.
لابد إذن أن يعرف الخطيب ما الإسلام الذي يدعو الناس إليه، ولابد أن تكون هذه المعرفة يقينية عميقة لا سطحية مضطربة ،بعيدة عن تحريف الغالين، وتأويل الجاهلين . لابد أن يلم من تصدر لتوجيه الناسعن طريق الخطبة، بفقه الأولويات، ومراتب الأعمال ،وتقدير المصالح ومايقابلها من المفاسد،وأن يكون واعيا بفقه السنن :سنن القوانين الكونية والأجتماعية والنفسية مثل سنن التدرج، والتطور،والفعل، ورد الفعل ،ومدركا لعادات الناس و طبائعهم وأمزجتهم ومستوياتهم المعرفية، متحليا بما تيسر من الاخلاص والتجرد من حظ النفس، والتحرر من التعصب للرأي، وإحسان الظن بالمخالفين له. كما ينبغي أن يوطن نفسه على مقاومة شهوة المكروفون حتى لايطيل على الناس.
إن الإطالة والإسهاب في الخطبة ، من أكبر الأخطار التي تهدد خطبة الجمعة. والمشكلة ليست في وجود الخطباء، وإنما في عدم وجود الخطيب المناسب. فالخطبة فيها الدواء وفيها الشفاء لأمراض العقول والنفوس والمجتمع. ولكن كيف يستعمل هذا الدواء.. ؟ ومن يستعمله.. ؟ ولمن نستعمله.. ؟ ومتى نستعمله.. ؟
من الواجب تحصيل الخطيب لثقافة شرعية مناسبة،وفهم صحيح لمقاصد الدين . ولذلك كان السلف الصالح متشددا في الترخيص للخطباء والوعاظ، والسماح لهم باعتلاء المنابر. ومن لم يراع قواعد هذا العمل منع.. كما فعلت أم القاضي « أبي البركات » ، حيث جاءت امرأة إلى « ألمريا » بالاندلس ينكر عليها كثير مما تقول، وكانت تعظ النساء، فبلغ أمرها إلى أم القاضي ،ولما وصف لها حالها، قالت : صدق الله العظيم « وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم ».
إن علماءنا صاغوا علما هو بحق نبراس كل خطيب. وهذا العلم هو أصول الفقه. وقد وصف بأنه من :{ أعظم العلوم الشرعية وأجلها قدرا وأكثرها فائدة})2( وبالرغم من أهميته،نجد البعض لا يقدرونه حق قدره. فالملاحظ أن الفرد في مجتمعنا ، بمجرد ما يشعر أنه التزم بالدين، وتحسنت علاقته بالله، ينقطع تلقائيا للوعظ وتوجيه الناس. اعتقادا منه أن كثرة العبادة ،والاجتهاد على النفس بالأعمال التعبدية تغني عن العلم، أوقد تؤدي العبادة في النهاية إلى علم..
لقد ألف عبد الرحمان ابن الجوزي كتابا أسماه تلبيس إبليس، عالج فيه قضايا وتصورات في غاية الأهمية، فقدم بهذا العمل خدمة جليلة لكل واعظ أوخطيب . قال وبه الختام : { اعلم أن الباب الأعظم الذي يدخل منه إبليس على الناس هو الجهل. فهو يدخل على الجهال بأمان.. وقد لبس إبليس على كثير من المتعبدين بقلة علمهم لأن جمهورهم يشتغل بالتعبد ولم يحكم العلم.. فأول تلبيسه عليهم ،إيثارهم التعبد على العلم. والعلم أفضل من النوافل.. فلما مر عليهم هذا التلبس، وآثروا التعبد بالجوارح على العلم، تمكن إبليس من التلبيس عليهم في فنون التعبد…})3(.. والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
د : خالد عيادي.
………………………………………………………………
1).التحرير والتنوير.الطاهر ابن عاشور .مج 6.دار سحنون للنشر والتوزيع .تونس ص 65.
. 2(مقدمة ابن خلدون.عبد الرحمان ابن خلدون .تحقيق علي عبد الواحد وافي .ط3 ج 3.دار نهضة مصر. الفجالة. القاهرة ص1061.
3 (تلبيس إبليس عبد الرحمان ابن الجوزي. دار الجيل .بيروت.ص187.
.
15 Comments
جميل هذا التحليل
صحيح الخطبة ليست مجرد مقال يلقى على الآذان وإنما كلام حكيم تستقبله النفوس المطمئنة
صحيح الخطبة ليست مجرد مقال يلقى على الآذان وإنما كلام حكيم تستقبله النفوس المطمئنة
هناك بعض الخطباء ينجرفون وراء شهوة الكلام، والميكروفون ، فيطيلون الخطبة حتى يملو الناس،في حين يصلون بقصر السور أو بآيات قصيرة قليلة، وهم في ذلك يخالفون منهج الرسول صلى الله عليه وسلم الذي يقول: « إن طُولَ صلاةالِرجل، وقصر خطبته مَئِنَّةٌ من فقهه، ففأطِيلُوا الصلاة وأقصروا الْخطبة، فَإن مِن البيان سِحرًا » .
ومن أجل معالجة هذه الإشكالية أقترح بعض المقترحات
على الخطيب إدراك مسؤوليته أمام الله تعالى، والعمل على مرضاته من خلال الخطبة وكذلك
مراعاة زمن الخطبة والصلاة حتى لا يمل المصلون، وينسوا ما قاله الخطيب؛ فكثرة الكلام يُنسي بعضه بعضًا.
أسأل الله تعالى أن ينفع بكلامي هذا، وأن يجعله خالصًا لوجهه الكريم، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
لقد وضعت يا أستاذ أناملك فوق جرح من جراح الأمة غائر.نعم إنها شهوة المايكروفون وجاذبيته بل فتنته.لقد اعتلى صهوة منبر الجمعة فى هذه الأيام العجاف كثىر من أدعياء المعرفة ممن لا باع لهم في علوم الشرىعة ودقائق العربية فتجدهم يلحنون كثيرا ويفتون بغير علم ويحسب أحدهم نفسه وحيد زمانه ويتيم دهره وهيهات.لقد أشار إلى هؤلائ الشيخ محمد الغزالي رحمه الله حينما قال قولته الخالدة:إن الدعوة الإسلامية لتجني الشوك من أناس قليلي الفهم كثيري الحركة…ينطلقون بعقولهم الكليلة فيفسدون ولا يصلحون.وأخيرا أود التنبيه إلى أن الآية الكريمة من سورة يوسف رقمها 108 وليس7 كما ذكر في المقال الجميل لأخينا الدكتور العيادي خالد.
جاءت امرأة إلى “ألمريا” با….. )رأيي ان ليس لازما ان تدخل هدا الموضوع في المقال)
بسم الله الرحمن الرحيم أشكر أولا هذا المقع الذي يساهم في نجاحنا،أما بعد فإن خطبت الجمعة ترشدنا إلى طريق صحيحة إذا إتبعا خطواتها،ويجب على المستمع أن يكون في وعي كامل لأن كل م يقوله امخاطب هو لأنبياء والرسل…وكذالك الخطبة تتحدث عن مجتمعنا من إيجابيات وسلبيات
بسم الله الرحمن الرحيم ، إن للمكرفون أهمية كبيرة في مجتمعاتنا ، والدورالمهم الذي يلعبه هو إلقاء الخطبة كل يوم جمعة ، بالإظافة إلى أن الخطبة توجه نصائح ومعلومات عن ديننا المجيد،وعن المجتمع من سلبياته وأيضا إيجابياته. وأشكر وجدة سيتي على نشرهذه المعلومات القيمة وكذلك الأستاد خالد عيادي.
sujet très important mais article très court
بسم الله الرحمن الرحيم. الشكر الخاص لطاقم oujda city، وبعد، نقطة من اهم النقط لم يتم الاشارة اليها في هذا المقال ، الا وهي السعي الى ذكر الله مع الاذان، وننطلق من قوله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ )( س الجمعة آية 9)
ان الانسان تأخذه سِنَةُ الدنيا بلهوها، كما قال عز من قائل ( وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ )، س الجمعة لآية 11، وذلك انه عندما تقوم الخطبة على الإنتهاء بالدعاء، تلاحظ بعض الناس يدخلون المسجد وكأنه امر عادي، اذا كان قول رسول الله (ص): « إِذَا قُلْتِ لِصَاحِبِكَ يَوْمَ اَلْجُمُعَةِ أَنْصِتْ وَالإمَامُ يَخْطُبُ فَقَدْ لَغَوْتْ » وقال: « مَنْ لَغَى فَلَا جُمُعَةَ لَهُ »، فما بال الذي اشرف على نصفها او آخرها، ولإنه عار على امة الاسلام والمسلمين ان تشهد وقوع هذه البدع و المعاصي.
واختتم بقوله تعالى ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) ) س الذاريات لآية (56-57)
أفادكم الله أستاذ…وأود أن أشيرإلى بعض ما يظهر لدى بعض الخطباء من سلبيات نود تلافيها … حتى تقوم الخطبة بدورها المفترض والمأمول في إصلاح المجتمع.. و جذب قلوب المسلمين للمسجد ..ونشرالدعوة الإسلامية.. إذ للأسف نجد أن منهم من ينجرف وراء شهوة الكلام، والميكروفون؛ فيطيلون الخطبة؛ حتى يمل الناس؛ في حين يصلون بقصار السور أو بآيات قصيرة ، وهم في ذلك مخالفون لمنهج الرسول صلى الله عليه وسلم الذي يقول: « إِنَّ طُولَ صَلَاةِ الرَّجُلِ، وَقِصَرَ خُطْبَتِهِ مَئِنَّةٌ مِنْ فِقْهِهِ، فَأَطِيلُوا الصَّلَاةَ، وَأَقْصِرُوا الْخُطْبَةَ، فَإِنَّ مِنَ الْبَيَانِ سِحْرًا »
بسم الله الرحمن الرحيم، اشكر اولا موقع و طاقم وجدة سيتي، وبعد، نقطة من اهم النقط التي تعتمد عليها خطبة الجمعة، وانطلق بها من قوله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ). الجمعة لآية (9)
في عهد محمد (ص)، كان المسلمون يتسابقون على الصف الاول، اما في عهدنا هذا، فقد اصبح العكس صحيحا، ترى الدنيا اخذتهم في سِنَةٍ و لهو، وانستهم عذاب الاخرة، كقوله عز من قائل:( وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ) الجمعة لآية (11).
في بعض الأحيان، تلاحظ بعض الناس يدخلون المسجد و الامام ينهي الخطبة بالدعاء. فاذا كان قول رسول الله (ص): ( إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة أنصت والإمام يخطب فقد لغوت )، وقال: ( من لغا فلا جمعة له )، فما بال من اتى المسجد و صلاة الجمعة، اي انتهاء الخطبة.
تالله إن هذا لعار ان يصيب امة محمد (ص) هذا الداء، ادنيا ساعه، اجعلها طاعه، ونفس طماعه، عوزها القناعه.
واخيرا، يا عباد الله، اعملوا لزاد الاخرة فما لدنيا من زاد، وتذكروا قول الملك: ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) ) الذاريات لآية (56-57)
بسم الله الرحمان الرحيم
انا متفق معك استاذ ف علوم الفقه من اشرف العلوم و الخطبة مفتاح للدعوة الى الحق والموعظة الحسنة ويجب ان يتسلح الامام في الخطبة بالحجج والبراهين المقنعة والواضحة ولكنني اعارض فكرة عدم الاطالة في الخطبة لانه من وجهة نظري الاطالة ضرورية للشرح والمزيد من الوضوح للمصلين
.والسلام
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، أعجبني المقال لأنه يبرز نقطة مهمة ، كما ذكّرَني في يوم من الأيام ذَهبت إلى المسجد قصد سماع خطبة الجمعة ،فإذا به شعرت بالملل لكثرتها و إطالتها حيث كان الجو حار ،و المسجد مُكْتَضْ حتى رِجْلي لم أعُد أحِسّ بِهِما ، هذا من جانب الفكاهة فقط ، أعتقد أن الإختصار مفيد و الإقتصار على الرسائل المهمة ،و يتركون المجال للصلاة ،و شكرا
ليت الخطباء سمعوا لهذا الكلام النفيس وحذروا من شهوة الميكروفون