إضراب « بام » و »الجماعة ».. وآخرين..
إضراب « بام » و »الجماعة ».. وآخرين..
بقلم د. محمد بالدوان
بدأت تتوافد الأحزاب والجماعات على « بلاطو » الإضراب العام في مشهد بانورامي لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين مقاطعه !
إنه « فونتازم » السياسة والسياسيين، السابح في عوالم الوهم والخيال بحثا عن إكسير الحياة. ما الذي يجري؟ أ يسارع بعضهم إلى الفرار من البوار؟ أم من العقاب؟ لحظة..لحظة ! قد يهرع بعضهم إلى فك الحصار؟ أو ربما يغمر بعضهم رأسه في التراب؟ أو يضع المساحيق إخفاء لعلامات البلطجة؟ هيهات.. قف مغامر.. عبثا تحاول.. سنَذْكُرك حتى ولو تسربلت بالنقاب ! غير أن الأسوأ من كل ذلك أن يعمد بعضهم إلى فِعل ما فَعل الغراب !
أرجو أن يستمتع القارئ، معارضا كان أو مساندا، من فقرات هذه المقدمة، ثم أعود لأذَكّر بالرهانات السياسية التي ذكرت بعضها آنفا عن إضراب 29 أكتوبر 2014.
حين سمعت بأن « البام » أصدر قرارا بشأن اللبار على خلفية شجاره مباشرة بعد خطاب ملكي دعا إلى الارتقاء بالممارسة السياسية والمؤسسة التشريعية، استبشرت خيرا، غير أني حين قرأت حيثيات القرار التي شجعت الطرف الثاني في العراك، قلت ليس من الحكمة ولا الانصاف فعل ذلك حتى ولو صحت الرواية الواهية المبررة لهذا القرار.
ألم يكن من الأفضل لـ »البام » أن يناصر أحد مناضليه، أو على الأقل أن يلتزم الصمت؟ ! يبدو أن الحزب كان منسجما وواضحا عند اتخاذ هذا القرار، فقبل أن تنقل وسائل الاعلام مضامين هذا القرار الغريب، كانت عينه ترنو إلى الخطوة القادمة الأكثر جرأة وقوة.
إن المنطق والرؤية والرهان الذي يؤطر « البام » في هذه المرحلة صار واضحا، لا أحسب بأن ما بقي معه من إمكانات و »ماكينات » قادر على فرملة الاصلاحات القائمة، أو تؤهله إلى إسقاط الحكومة قبل نهاية ولايتها. إنه حزب ما فتئ يعرض نفسه بديلا عن الافلاس السياسي الذي ألَمَّ بأعرق الأحزاب السياسية في المغرب.
لن يكون رهان قوى « البام » في سنة انتخابية سوى النيل من شعبية حكومة الاسلاميين بالقصف النقابي والاعلامي. وإن كتب لهذه المساعي النجاح فهل سينسى المغاربة ملابسات نشأة « البام » وأسرار قوته وسرعة تطوره؟
أمّا حين سمعت بأن جماعة العدل والاحسان قررت الانسحاب من حركة 20 فبراير، وبررت خروجها بظهور رهانات توظيفية للحركة، قلت إن عقل الجماعة يقظ، وبدأ يتبلور داخلها نفَس لا يغريه التظاهر وما هو آني، وشرعتْ في الانتقال من رد الفعل إلى الفعل، وبدأت تفكر في التحالف على أسس استراتيجية. غير أن دخولها على الخط في إضراب 29 أكتوبر 2014، يوحي بردة فرملت التقدم الذي بدأت تحرزه الجماعة.
يمكن أن ترى الجماعة في مشاركتها فرصة للتعبير عن قوتها من جديد، كما يمكن تفسير اصفافاها متأخرة إلى جانب البام، تزكية للرسالة التي قررت بعض القوى بعثها إلى الملك بعد ثلاث خطابات ثورية تقوض الريع والخلود في المناصب، وقد تصفها التيارات الراديكالية بالجوفاء أو تعتبرها مصدر استقطاب لصالح المؤسسة الملكية، وتعزيزٌ لمكانتها.
لكن محصلة هذا التوافد الأخير من قبل البام والجماعة يخدم بشكل كبير البام ومشروعه التحكمي، لأن النجاح الباهر الذي سيشهده الاضراب بفضل العدل والاحسان سيعكس امتلاك البام وأذرعه المعلومة القدرة على التجييش وقلب الطاولة على الجميع، كما سيمكن قواه الخفية من موقع متقدم في التفاوض حول القضايا المصيرية للبلد، أو سيساعده ذلك على تصدر المشهد في الاستحقاقات القادمة.
فهنيئا للبام بالعدل والاحسان وهنيئا للعدل والاحسان برئيس حكومة الجرّار، قد تأخذ الجماعة العزة بالخطأ لترُد بالقول أن البام صار أفضل من العدالة والتنمية، غير أنها ستعمق بذلك سوء تقديرها للأمور، لكن دعوني أقول لكم عن كل ذلك بأن الشعب كبييييير.. والله أكبر.. ولله الحمد.
Aucun commentaire