لعنة السقوط المستمر
لعنة السقوط المستمر
بقلم :ذ.عبد الفتاح عزاوي
لاتــوجد في هذا الكون أمة من الأمم بقيت على حالة واحدة دون تغير أو تغيير، فالتاريخ يؤكد لنا أن جميع الأمم خضعت لحتمية الزمن ، والمغرب نفسه شهد عدة تقلبات تراوحت بين فترات الوهن الشديد التي جعلته لقمة سائغة للأطماع الخارجية ،وبين فترات الأوج التي جعلته يفرض نفسه كقوة فاعلة .كما يؤكد لنا التاريخ أن معيار النضج لدى الشعوب ، ليس شيئا آخر سوى القدرة على تجاوز الأزمات الداخلية واستخلاص العبر للتجارب السلبية .فهل نمتلك اليوم القدرة على تحويل معاناتنا وإخفاقاتنا إلى طموحات حية تربطنا بالعصر الذي نعيش فيه ؟.
يـــــؤكد المناضل والمجاهد عبد الله إبراهيم في كتابه »نداء الحرية » أن كل خلل في عناصر هذا الــثالوث (المعاناة/الطموحات/الربط بالعصر ) قد يزج بالأمة في أزمة غير ملائمة لتطورها الطبيعي ،حيث يقول : »…سقط الشعب المغربي منذ القرن الثامن عشر لأنه لم يستطع أن يبلور من ألام معاناته ،مطامح حية وموحدة ،ولا أن يربط بالتالي ،هذه المطامح ،بإمكانيات وبشروط وبصيغة العصر الذي يعيش فيه ».
إن أثار هذا السقوط التاريخي لازالت مستمرة إلى يومنا هذا ،وذلك للاعتبارات التالية :
1-استمرار تحكم النخب التقليدية المريضة في مصير الشعب المغربي ، الأمر الذي يعيق المبادرة والعمل والإنجاز.
2- ضعــف التعبئة حول الوطـــن ، خاصة مع بروز كائنات سياسية انتهازية بدون مصداقية ولا مبادئ ولا أي تكوين سياسي ،كــمتحدثين بـاسم الوطن .
3- استمرار أزمة الانهيار في البنيات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية العامة .
4- ضعـــف الثـــــقة في مؤسســـات الدولة ،واقتناع المواطن بأن أطروحة التغيير مجرد »حبة أسبيرين » لتسكين الاحتقانات الشعبية .
5- تدهور أوضاع المواطن المغربي المقهور، خاصة في ظل تفشي العديد من الظواهر السلبية كالفقر والبطالة والرشوة …
6- استمرار مسلسل تدمير المدرسة العمومية عن طريق سن مخططات تهدف إلى تدجين وعي أجيال المستقبل ، وبالتالي إنتاج شعب معزول فكريا ومحروم من فرص الرقي والازدهار.
فــلـو أردنا الاختـــصار، لقــــلنا أن لعنـــة السقوط لازالت تطاردنا ، وأن كــــل شيء يتغير في المغرب من أجل أن لا يتغير شيء . لكن! من رحم المحن والمعاناة قد تتبلور الطموحات عند الشعوب أملا في مستقبل أفضل .
fattahazz@yahoo.fr
Aucun commentaire