الإدارة المدرسية الناجحة
الإدارة المدرسية الناجحة : بقلم عمر حيمري
الإدارة أو فن التدبير ، هو بصفة عامة كل نشاط منظم وهادف، يقوم به الإنسان من أجل تحقيق غاية ، أو مرمى معين ، أو هدف منشود . والإنسان يمارس العمل الإداري يوميا ، من حيث يدري أو لا يدري، و ذلك من خلال الأنشطة التي يقوم بها والمتمثلة في القرارات التي يتخذها ومتعلقة بمن يحيطون به . وهي نوعان : إدارة عامة ، وإدارة تعليمية ومدرسية . وهمي في هذا الموضوع ، ينصب على الصنف الثاني من الإدارة والذي يمكن تقسيمه إلى :
1 ) إدارة تعليمية ويقصد بها المهام التي تقوم بها المراكز العليا على مستوى قرار الدولة والوزارة ، كاختيار السياسة التعليمية والمقررات المدرسية والمناهج ورسم المرامي العليا ، التي تريد الدولة تحقيقها وتحديد مواعيد الامتحانات في الشهادات العامة ومواعيد العطل السنوية …..
( 2 ) إدارة مدرسية ومهمتها تتلخص في تنفيذ سياسة الدولة أي سياسة الوزارة الوصية والإدارة التعليمية العليا وعلى هذا الأساس يمكن اعتبار الإدارة المدرسية هي جزء من الإدارة التعليمية . وامتداد لها ، فهما يشتركان في جملة من العناصر كالتنظيم ، والتخطيط ، والتوجيه ، والتنسيق ، والتقويم ، وتوزيع المهام على الجهاز الإداري المكلف بالتشريع التربوي ، و التنفيذ التربوي .
لم تعد الإدارة المدرسية ، كما كانت في الماضي تقتصر على المحافظة على النظام داخل المؤسسة ، وضبط الغياب ، وعقد مجالس الانضباط لمعاقبة المشاغبين أو الخارجين عن القانون الداخلي للمؤسسة ، وإعداد جداول حصص التلاميذ والأساتذة والحراس العامين والأعوان ، وجدولة تواريخ انعقاد مجالس الأقسام، وتحديد عتبة المعدل الذي يسمح بالانتقال إلى القسم الموالي ، وتسليم الشواهد المدرسية … بل أصبحت تهتم بكل ما من شأنه أن يحقق التنمية المعرفية والجسمية والروحية والاجتماعية والأخلاقية والمهنية … فهي تمزج بين الأعمال الإدارية والتنظيمية الإشرافية والتوجيهات التربوية والتعليمية والوسائل الضرورية لتحقيق الأهداف التربوية ومساعدة التلاميذ بصفة متزنة على تنمية قدراتهم العقلية والجسمية والروحية وتدريبهم على اكتساب الثقة بالنفس والإقدام على الجديد وقبوله ، وعلى مواجهة المجهول بكل مسؤولية ومحاولة اكتشافه ، وتشجيعهم على العمل اليدوي واحترام الحرف التقليدية و تقدير كل مهنة تعتمد على الجهد العضلي ، تماشيا مع قيمة العمل في الإسلام وهو ما حث عليه صلى الله عليه وسلم في قوله :{ ما أكل العبد طعاما أحب إلى الله من كد يده ، ومن بات كلا من عمله بات مغفورا له } ( حديث مرفوع ، أخرجه البخاري )
وعلى المدير باعتباره قائدا ومشرفا على المدرسة ، أن يبذل جهودا إضافية وبأسلوب ديمقراطي يعتمد المشاركة والمناقشة والمشاورة بعيدا عن التسلط وفرض الرأي ، أو الانحياز لفريق ضد فريق آخر لا يشاركه توجهاته السياسية أو الدنية أو العرقية …إذا أراد أن يصل إلى تحقيق المشاريع والأهداف التربوية المرسومة للمؤسسة و يضمن مساعدة ومشاركة العاملين معه في المسؤولية وفي القيام بالأعباء التي قد تتجاوز إمكانياته الفردية .
هناك مهام خاصة بالمدير، ولكنها تحتاج إلى مشاركة جميع الأطراف التي لها علاقة بالمؤسسة كالأساتذة ، وأولياء التلاميذ وموظفي الإدارة … لأنها في الواقع تحتاج إلى جهود كل هؤلاء وقد تتجاوزهم تتمثل هذه المهام في :
التخطيط وهو التفكير المنظم المتعلق بما يجب عمله في المستقبل مع تحديد المشاريع والأهداف والطرق والوسائل المساعدة على التنفيذ وتفادي مشاكل بداية السنة ، مع مراعاة إمكانيات المؤسسة وتجهيزاتها والموارد البشرية والبنية التحتية للمدرسة وعدد الفصول وبنية الأقسام …
الإلمام بالسياسة التعليمية والتحمس لتطبيقها وفقا للإيديولوجية الرسمية للدولة ولمراميها وغاياتها ، وللاتجاهات الفكرية السائدة في المجتمع ، والاطلاع الواسع على التشريعات الإدارية وإمكانيات الإصلاح المتاحة و توفير الظروف الملائمة للتعاون مع مجلس الإدارة ومجالس الأقسام مجلس التدبير وجمعية الآباء مع إشراك ممثلين عن التلاميذ . .
توزيع المهام على العاملين معه على حسب الاختصاص والكفاءة والعمل على التنسيق بين مختلف الفعاليات والأطراف المعنية بالمهمة التربوية إلى جانب
القيام بدور الموجه والمرشد والمسؤول في نفس الوقت ، بشرط الاختيار الحكيم لأساليب التوجيهات ، إلى جانب المرونة في التعامل مع المستجدات والاستفادة من الأفكار الجديدة ، مع الاستفادة من تجارب مديري المؤسسات الأخرى لحل المشكلات والحيلولة دون تراكمها داخل المؤسسة .
وتبقى الإدارة المدرسية الناجحة هي التي تتمكن من تحقيق الأهداف التربوية بسهولة وبقل الإمكانيات والتكاليف ، ولا يتم ذلك إلا بربط علاقات جيدة مع رؤساء المؤسسات الأخرى والتعاون معهم ومع جميع الشركاء من جمعية الآباء والأمهات ومؤسسات المجتمع المدني والسلطات والمجالس المحلية والجماعات القروية …
إن نجاح الإدارة التربوية ، أو فشلها يرتبط أساسا بالمدير الذي يمتلك قدرا واسعا من المعرفة الإدارية والحزم في تطبيق القرارات والمذكرات الصادرة عن مراكز الإشراف ، كما يملك المهارة والإبداع ألازمين لتنفيذ المشروع التربوي والمدرسي بعيدا عن أسلوب التسلط وفرض الرأي والانحياز الإيديولوجي إلى جانب العمل على تحسين العلاقات الإنسانية والأخوية بين موظفي المؤسسة وعند الحاجة إصلاح ذات بينهم ، وتوفير الشروط لخلق أنشطة مدرسية تساعد على نمو شخصية التلميذ وتكوينه العلمي والمعرفي والاهتمام بالبيئة والمحيطة وإتاحة الفرصة للتلاميذ لتفجير طاقاتهم الإبداعية .
هناك شروط ومعايير أخرى تساهم في نجاح المدير إداريا يمكن أن نلخص أهمها فيما يلي : القدوة الحسنة في المظهر والسلوك وحسن التعامل مع الغير وامتلاك المهارة الازمة للتواصل مع موظفيه والقدرة على التنسيق بينهم إلى جانب العمل على تكوين وتقوية العلاقات الإنسانية مع من تربطه بهم علاقات إدارية أو اجتماعية ومع جميع مختلف الفعاليات المحيطة به وخاصة التلاميذ وأوليائهم وموظفي مؤسسته ، كما عليه أن يبذل أقصى جهده لحل مشاكل التلاميذ والأساتذة والوافدين على مؤسسته ، في حدود الإمكان ، دون أن يخل أو يتحايل على القانون ، ولا يغلق عليه الباب ويواجه كل من استنجد به بعبارة » الله غالب ما عندي ما اندير راك تشوف القانون ما خلانا في نتحركوا « .
وأخيرا فبدون الشعور بالمسؤولية والإخلاص في العمل والمرونة في التسيير والقدرة على مواجهة المشكلات والأزمات الطارئة فلن يكون إلا مديرا فاشلا . بقلم عمر حيمري
1 Comment
على الأستاذ المكلف بمهام ادارية أو ما يصطلح عليه بالمدير الذي لا يفقه الكثير في التدبير والتسيير الاداري أن يتقن ايصال الخبر والمعلومة الى رؤسائه في الحين واللحظة ان أراد أن يكون « مديرا » نموذجيا يقتذى به.