هولندا: الجالية المغربية بين عدوانية » فيلدرس » والتذمر من البحث عن الممتلكات في المغرب
بقلم لحسن بنمريت
هولندا: الجالية المغربية بين عدوانية » فيلدرس » والتذمر من البحث عن الممتلكات في المغرب
– لا يختلف اثنان أن اليميني المتطرف » فيلدرس » الذي حصل في الانتخابات الأخيرة على مقاعد مهمة في الانتخابات المحلية ، معروف بنزعته العدوانية تجاه الاسلام أولا والجالية المغربية ثانيا. والذي يجعله أن يستمر في هذه العنصرية رغم ادراكه بأنه يشوه صورة هولندا امام العالم ويعرض مصالحها واقتصادها للضرر ، ليس قناعاته الاديولوجية أو ماضيه السياسي لأنه سياسي فاشل بامتياز لكن هناك شيء واحد يحركه وهو حصوله على أموال كبيرة من المنظمات المتطرفة في أمريكا مقابل ما يفعل . ولن يستطيع التوقف عن عنصريته وتطرفه لانه مرتبط بأوامر من أسياده . قبل سنتين، قامت قناة هولندية رسمية بانجاز روبرطاج كامل عن مصادر تمويل فيلدرس. وتابع المشاهدون كيف أن هذا المتطرف يحصل على أموال من منظمات متطرفة أمريكية كما أنه يزور اسرائيل باستمرار ويتردد على سفارتها في هولندا حسب الروبرطاج المذكور .
خطورة فيلدرس : اذا قمنا بقارنة بسيطة بين فيلدرس وجون ماري لوبن بفرنسا، نجد أن هذا الأخير، أي لوبن رغم أنه يشترك مع فيلدرس في عنصريته الآ أن سياسته كانت دائما موجهة ضد كل الأجانب بفرنسا دون التمييز بين الأقليات ، أضف الى هذا ، فان علاقته مع اسرائيل لم تكن قوية على الأقل على المستوى الظاهري. كما انه وقف مع الرئيس الراحل صدام حوسين وانتقذ بشدة عدوانية وجبروت أمريكا في هجومها على العراق. كما كانت له شكوك حول المحرقة اليهودية. أما فيلدرس فيجمع بين 3 عناصرخطيرة :1- التهجم باستمرارعلى الاسلام . 2-علاقة قوية مع اسرائيل ومنظمات متطرفة امريكية .3- التهجم على الجالية المغربية . هذه الجالية الذي بنى الجيل الأول منها اقتصاد هولندا في بداية الستينات والسبعينات. كما أن قبورالجيوش المغاربة الأبطال الذين جاءوا من بلدان أخرى للدفاع عن وحدة وشعب هولندا، لازالت موجودة لحد الآن في منطقة زايلاند بهولندا. وهي دليل قاطع على التضحيات الجسام الذي قدمها المغاربة من أجل هذا البلد .
أما فيما يخص التصريحات الأخيرة لفيلدرس حول الجالية المغربية والذي قال فيها بالحرف مخاطبا أتباعه : هل تريدون تقليص عدد المغاربة بهولندا.. ، سأتكلف بالأمر!
ٍ سأقف في هذا المقال عند العبارة الثانية من تصريحه : » سأتكلف بالأمر » . اذا نظرنا الى الساحة السياسية الموجودة الآن في هولندا، فيظهر جليا أن الأفكار العنصرية لفيلدرس تجاه المغاربة دون غيرهم، مطبقة بأظافرها وتملى على الحكومة الحالية المكونة من الحزب اللبرالي اليميني وحزب العمل الذي ينتمي اليه بعض المغاربة لتنفيذها دون تردد. لقد صرح الوزير الهولندي للشؤون الاجتماعية من حزب العمل السيد » آشر » بأنه استطاع أن يحصد مبلغ 10 ملايين أورو من خلال البحث عن الممتلكات في المغرب ( جريدة تراو 2 يونيو 2014) . وجاء هذا التصريح بعدما طلب الحزب اللبيرالي حليف حزب الحرية الذي يتزعمه فيلدرس ، من فسخ الاتفاقية المبرمة مع المغرب من طرف واحد. وذلك بالتصويت عليها في البرلمان الهولندي لتصبح سائرة المفعول حسب زعمهم . لكن الوزير » آشر » طلب منهم أن يتمهلوا قليلا لأن الاتفاقية بين البلدين تسمح له بالبحث عن الممتلكات في المغرب ولقد استطاع أن ينتزع المبلغ المذكور من المغرب وهو ينتظر المزيد في الأيام والأسابيع المقبلة علما أنه هو من كان وراء المطالبة بخصم 40% للأطفال والأرامل في المغرب .
نحن نتحدث هنا عن الممتلكات في المغرب لأفراد بسطاء جدا من الجالية المغربية قضوا جل عمرهم في هذا البلد ، واشتغلوا سنين عدة وفي ظروف صعبة للغاية في بداية الستينات والسبعينات. وربما وفروا منزلا بسيطا في المغرب ، ومنهم من ترك هذا المنزل لعائلته الفقيرة لتسكن فيه . لكن الحكومة الهولندية تقول لهؤلاء : بما أنكم تعيشون على المساعدات الاجتماعية – الشوماج- أو تتقاضون التقاعد والدولة تساعدكم ولو بسنتيم واحد ليصبح راتبكم يصل الى الحد الأدنى للأجور ، فممنوع عليكم امتلاك منزل تفوق قيمته 12 مليون سنتيم . اذا، اذا عثرت المصالح الهولندية على ممتلكاتكم في المغرب عن طريق سماسرتها هناك وهو مايجري لحد الآن ، فستحرم المغاربة المعنيين من المساعدة الاجتماعية – الشوماج- مع حجز المنزل وارجاع قيمته الى الخزينة الهولندية حسب القانون الهولندي .
أي منطق هذا، كيف يعقل ان أحدا من افراد الجالية المغربية رغم هذه السنين الذي عاشها واشتغل فيها وحرم نفسه من جميع الكماليات واستطاع ان يوفرمنزلا بسيطا لعائلته أو لأ طفاله لقضاء العطلة ، أن يقوم الآن ببيع ذلك وارجاع المبلغ الى هولندا والا تقطع عليه 1000 أورو الذي يعيش منها هو واطفاله ويؤدي منها الكراء والتأمين الخ . – هل تريد هولندا أن تجعل من جاليتنا مشردين في الشوارع دون أكل أو شرب بسبب حرص فيلدرس على تطبيق هذه القوانين العنصرية على المغاربة دون غيرهم.
– انه واقع مر تعيشه الجالية المغربية. ومن خلال زيارتنا لبعض المساجد من خلال اللجنة التنسيقية الوطنية والجولات التي نقوم بها كمجتمع مدني ولقاءاتنا المختلفة مع أفراد الجالية المغربية من أجل تحسيسها واعطائها المعلومات الضرورية في هذا الشأن ، لا حظنا بكل أسف ، ان هناك فعلا من طبق عليه قانون البحث عن الممتلكات. وصادفنا اخوان واخوات يعيشون الآن دون د خل أو أية مساعدة تذكر. ومنهم من بكى بكاء شديدا خلال هذه اللقاءات، لأنه من خلال البحث التعسفي الذي جرى في هولندا أمام المصالح المختصة ، اعترف البعض منهم أمام المسؤولين الهولنديين تحت عامل الترهيب والوعيد، بأنهم يملكون منزلا في المغرب . ومنهم من كان ضحية المصلحة الهولندية التي تصول وتجول في المغرب وتحصل على المعلومات بشتى الوسائل وتسلمها الى بنك الضمان الاجتماعي بهولندا ويساعدها في ذلك بعض المحامين والموثقين المغاربة مقابل اجر معين .
السؤال المطروح اذا هو: لماذا يركز فيلدرس ومعه الحكومة الهولندية على الجالية المغربية وليس الجالية التركية مثلا ؟
نقولها وبمرارة، ان الجالية التركية الذي وصل تعدادها الى 600.000 نسمة في هولندا والمخلصة لبلدها والمنسجمة فيما بينها رغم أن تركيا خلافا للمغرب ، فيها مذاهب مختلفة سواء تعلق الأمر بالديانات أو الأعراق أوالأقليات، ورغم أن الأتراك لهم مقاولات كبيرة في هولندا وموجودون في البرلمان وفي مختلف الأحزاب السياسية ، نقول أنه لايوجد تركي واحد يعمل ضد بلده أو يمس الجالية التركية باي سوء أو يتطاول عليها أو يستعملها من أجل مآرب شخصية.
أما بالنسبة لنا كمغاربة فمع الأسف الشديد، توجد بعض النخب المغربية ومنها ما هو موجود في بعض الأحزاب السياسية العريقة في هولندا، تقوم بنفس التشهير بالمغاربة مثل الذي يقوم به العنصري « فيلدرس » وتسعى للتواطئ مع أحزاب عنصرية و غيرها لكشف عيوبنا بحيث اصبح البعض منهم » كاتوليكيا أكثر من البابا » واضحى يقوم باعمال قذرة وغريبة عن المجتمع الهولندي أي » اشكيمة أعزكم الله » . بل تفنن البعض منهم بتقديم المشورة للأحزاب اليمينية الهولندية بغرض الانتقام من الجالية المغربية وأصبح البعض منهم نموذجا لمنتخبة جزائرية∕ حركية بفرنسا سبقت وان اقترحت على الحكومة الفرنسية انتشار الجيش في مدينة مرسيليا لمعالجة مشكل السرقة وبعض الأعمال الاجرامية التي يقوم بها الشباب المغاربي هناك. ولكن نقول للجميع أن التاريخ يسجل علينا جميعا وحبل السياسة قصير جدا ، بحيث يمكنك أن تكون الآن في منصب وزير وتصبح غذا مواطنا عاديا وربما لن تجد حتى من يرد عليك كلمة السلام عليكم . وحبذا لو كان عندنا نساء بل رجالا من أمثال نجاة بلقاسم الوزيرة الفرنسية – الذي سبق لي وان التقيت معها مرة واحدة في ندوة سابقة بالرباط – ورشيدة ذاتي بفرنسا التي أعرفها فقط من خلال الاعلام ، أقول رغم بلوغ هؤلاء الأخوات مناصب رفيعة تشرف المغرب والمغاربة ، لم نسمع ابدا أنهن قمن باساءة الجالية المغربية أو انتقصن من المغرب فكثر الله من أمثالهن .
وأختم هذا المقال بكلمة لرجل مسن التقيت به صدفة في مظاهرة ضد العنصرية بامستردام. قال لي بالحرف وهو يذرف الدموع : » يا ولدي ، لقد عشت في هولندا أزيد من 50 سنة ، واشتغلت فيها في ظروف قاسية جدا .لكن رغم هذا فاني أحب هذا البلد ، واحترم شعبه ولكني أصوت دائما في الانتخابات المحلية على اخواني المغاربة وسابقى أفعل ذلك حتى أموت، ولا انتظر منهم أبدا مساعدتي ، لكن » عار الله » , ان كنت تلتقي بهم- وهو يخاطبني – اطلب منهم ان يكفوا عن ايذاء المغاربة وعن استخدام الجالية لمصالح شخصية ضيقة.
Aucun commentaire