Home»International»مخاطر اختفاء الطبقة الوسطى على الحياة الاقتصادية والاجتماعية للبلاد

مخاطر اختفاء الطبقة الوسطى على الحياة الاقتصادية والاجتماعية للبلاد

0
Shares
PinterestGoogle+

يوما بعد آخر، تلتحق أفواجا من الطبقة الوسطى من الموظفين والمستخدمين وذوي الدخل المتوسط بأقرانهم بالطبقة الكادحة، ولا نقصد التحاقهم بانقطاعهم عن العمل، وتوقف أجورهم، ولاكن اختلاف نمط عيشهم وتأثره السلبي بالظروف المعيشية الصعبة، جعل سلوك أفراد هذه الطبقة يتحول تدريجيا إلى ما يشبه عيش الطبقة الفقيرة. وإذا كانت أسباب هذا التراجع غير خافية على أحد، فإن حدة الأزمة التي بدأت تضرب دول العالم منذ 2008 زاد من وتيرة التحول السلبي، سواء من حيث نمط التغذية والملبس، و السفر والتطبيب، وإذا كان لهذا الموضوع ارتباطا بالمجال الاقتصادي الاجتماعي، والذي يستند فيه الدارس إلى مؤشرات دقيقة ومبيانات مفصلة ترصد مختلف أنماط السلوك في حياتهم المعيشية، فإن تضرر الطبقة المتوسطة من حدة غلاء المعيشة وعجزها عن مواكبة الأسعار المرتفعة، لجمود الأجور، من شأنه أن يشل الحياة الاقتصادية في البلاد، فأغلب أفراد الموظفين والمستخدمين تربطهم التزامات وديون مع الأبناك، يسددون بها السكن، تصل إلى نصف الأجرة عند بعضهم، ناهيك عن سلفات السيارات وأثاث البيت، وكلها مصاريف تقلص من مداخيل الأجرة، ويبقى القليل الذي يوجه في نفقات التغذية والملبس والتطبيب، والكهرباء والماء، فتعيش أسلوب التقشف على غرار الفقراء، فتقتصر على ما هو ضروري في المأكل والمشرب وتقلص نفقاتها في الملبس بل قد لا تتورع عن اقتناء الملابس المستعملة، وتعجز عن متابعة الزيارات العلاجية لقلة ذات اليد، فتتعرض الحركة التجارية برمتها إلى ركود، هذه ليست فرضيات، بل الواقع اليومي لحياة البقالين والتجار والصناع والحرفيين الذين أصبحوا يشكون من إقبال الزبناء عليهم، حتى على رأس الشهر، وهي الفترة التي عادة ما تنتعش فيها الحياة التجارية من جديد، فأمر الأزمة طال، والحركة الاقتصادية التي تنتعش مع الطبقة المتوسطة أصبحت شبه مشلولة، والزيادة في أسعار الخدمات والمحروقات كل يوم في تصاعد.
وإذا كان الخبراء العارفين بمجريات الاقتصاد، ينظرون إلى الحركة الاقتصادية باعتبارها سلسلة مترابطة، متى انفكت إحدى أضراسها، توقف حركة الدوران، كذلك ما يصيب الطبقة الوسطى في جميع اقتصاديات العالم، فكل الدول تحرص على بقاء هذه الأخيرة في مركز الصدارة، حيث لا تمس في قدرتها المعيشية، باتباع نموذج السلم المتحرك في الأجور، بل إن المشاريع التنموية التي تخططها الدول تهدف في مجملها إلى توسيع قاعدة الطبقة المتوسطة والتقليص في المقابل من عدد الطبقة الفقيرة، لأن هذه الأخيرة دورها شبه مفقود ضمن حلقة الاقتصاد، فاستهلاكها محدود، وارتباطها بالطبقة المتوسطة في كل ما يرتبط بالشغل والتجارة.
هكذا يترتب عن الإجهاز على الطبقة المتوسطة مخاطر على المجال الاقتصادي والاجتماعي في البلاد، فكتلة الأجور التي تستهلكها هذه الطبقة تساهم بطريقة مباشرة في انعاش الحركة الاقتصادية، والعكس صحيح.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *