Home»International»العامل والمرؤوس أية علاقة؟

العامل والمرؤوس أية علاقة؟

0
Shares
PinterestGoogle+

           » غاب الرئيس فلم يعبأ به أحد، وغاب عامل النظافة ثلاثة أيام فتفقده كل الناس، فعلمت أننا في حاجة إلى عامل النظافة أكثر منه للرئيس. »
سقت هذه المقولة لنعيد النظر في كثير من المفاهيم الخاطئة عندنا، ولربما اكتسبناها من خلال العادة، والعادة تبلد الحس، ومن ذلك أن الاشخاص المهمين عندنا هم فقط أصحاب الوجاهة والسلطان والمال، فبقدر ما عندك من مال أو سلطة أو مسئولية تنال الاحترام والتقدير، أما ماعدا هذه المقومات فأنت مجرد إنسان، قد تتعرض للإهانة والإذلال في كل لحظة، فطبيعة المهنة أو الوظيفة التي تزاولها هي التي تضعك في سلم الاحترام، فعامل النظافة هنا مجرد مثال لتعشرات المهن والوظائف والتي بدونها يقع اضطراب في الحياة اليومية والمعيشية، ولكن للأسف عندنا لا يقدره الناس بالمستوى الذي يستحقه، سواء من قبل مسؤوليه أوعموم الشعب، لأننا ببساطة تربينا داخل الأسرة والمجتمع على الحكم على الناس من خلال المظاهر، والمظاهر خداعة، ولا تعكس دائما حقيقة الأشياء.

فقد طالب القضاة في ألمانيا بتسوية أجورهم بالمعلمين، فكان الرد عليهم  » كيف نسويكم بمن علموكم؟  » لا حظ أن المعلم عندنا هنا مجرد مدرس للأطفال « إداري » كيف انحدرت قيمته في المجتمع لأسباب متعددة لا مجال لذكرها، أما سعادة القاضي فالكل يحاول التعرف عليه والتقرب منه، لأنه ببساطة يملك سلطة في المجتمع. أوردنا هذا المثال كذلك لنتعلم منهم كيف يقدر الناس بعضهم بعضا، مع أننا في ديننا تعاليم في غاية الأهمية حيث يقول تعالى :  » ولا تبخسوا الناس أشيائهم. » وفي الحديث ( أنزلوا الناس منازلهم).
فليس تمة فرق بين الرئيس والمرؤوس، بل لكل واحد مهمته في المجتمع، وفق قوانين تضمن الكرامة لجميع الناس، أما طبيعة العلاقة عندنا، فالمزاجية إن لم تقل التسلط هو الذي يطبع علاقة الرئيس بالمرؤوس، وصاحب العمل بالعامل، ولغة التهديد والطرد من العمل هي اللغة السائدة، وحتى في ظل القوانين التي ما وجدت إلا لحماية جميع الأطراف، فقد يتم التحايل عليها، فللرئيس دائما صلاحيات التوقيف أو الطرد، ولائحة الاتهامات الملفقة جاهزة، فالإخلال بمقتضيات العمل وحده كفيل بوضع حد للموظف أو المستخدم أو العامل، وهلم جرا، فما دامت هذه العقليات هي السائدة عندنا في المجتمعات العربية والإسلامية فسيبقى الاحتماء بالغش والنفاق والرشوة وغيرها من الآفات أحد الأسلحة الدفاعية لتجنب سطوة المسؤولين، عوض سيادة القانون.

استوحيت هذا الموضوع ونحن على مشارف عيد العمال، من حدث وفاة أحد الحراس بالمؤسسة التي أشتغل بها، فلقد خلف فراغا ملموسا، تبين أنه كان أحد أعمدة المؤسسة الرئيسية، وأن تعدد المهام والمهن لا يعني تفاضل بعضها على الآخر، بقدر ما هو تكامل، لتحقيق الأهداف.
والله المستعان.

                                                            عبد الوهاب درفوفي

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *