أهمية هذا الموضوع تأتي من حيث كثير من الاختلالات البيداغوجية داخل منظومة التربية والتكوين ناتجة عن طغيان التحكم الإداري على حساب فعالية العمل البيداغوجي التعليمي.
إذ كلما أقدمت الوزارة الوصية على إصلاح المنظومة التربوية ضمن سلسلة من الإصلاحات الفاشلة، إلا وكان للتحكم الإداري نصيب في الفشل الذي يلاقيه الإصلاح كل مرة، وهو أمر طبيعي بالنظر إلى البواعث التي تدفع القيمين على إجراء تعديلات شكلية لا تلمس جوهر الخلل بسبب كل هذه التراجعات، فالتدبير الإداري عندنا لا يقيم أي اعتبار للجانب البيداغوجي، بقدر ما يهمه الالتزام بالمواعيد المحددة، والتباهي بالأرقام، وتكاد هذه الظاهرة تنسحب على جميع الإصلاحات التي شهدها قطاع التعليم، ونكتفي بذكر بعض النمادج، لنتاكد أن المتعلم ووتيرته في التعلم لا تؤخد بالحسبان.
ونستحضر هنا كيف كانت الوزارة تضع المخططات السنوية وتحدد تواريخ إجراء أسابيع الإدماج، وكم كانت عملية الإدماج هدرا لوقت التمدرس والطاقات وموارد مالية، بسبب إجرائها في وقت لم تكتمل بعد إرساء الموارد ونفس الخطأ يتكرر وبإصرار من الوزارة.
فها نحن مرة أخرى يطلب منا إجراء فروض المراقبة المستمرة في تواريخ محددة، دون الاخد بعين الاعتبار لوتيرة التعلم وسير الدروس، فيضطر الأساتذة لإجراء فروض شكلية وفي وقت قياسي، قبل أن ينصرم الاسبوع الذي حددته الوزارة، فتقع اختلالات في تقييم التلاميذ جراء عدم اكتمال بعض الدروس وبرنامج مسار وإن كان ذو طابع تقني إلا أن توظيفه بعقلية إدارية تحكمية، تهتم بالجانب الشكلي،فتنضبط لمواعيد محددة يغيب فيها الجانب الإنساني، وتقصى السلطة التقديرية للاستاذ، فمهما كانت معايير التقييم دقيقة، فالأستاذ بحكم حضوره الدائم داخل الفصل وتعامله اليومي مع المتعلمين،تتكون لديه فراسة عن تمكن وتفوق المتعلمين، لا نريد أن نستعرض كل العيوب التي صاحبت برنامج مسار، فقد أسال مدادا غزيرا خلال هذه السنة بل يكفينا هنا الإشارة إلى أن العقلية التحكمية في التسيير الإداري هي التي تكون في كثير من الأحيان سببا في بعض الاختلالات والتي يؤدي ثمنها التلميذ. فيتم التعامل مع الأستاذ ضمن أسفل الدرجات التي لا ينبغي أن يتجاوز حدود التنفيذ والانصياع لتعليمات السلطات الوصية بدءا من المدير فما فوق، فيحين أن واسطة العقد في كل برامج الإصلاح هو الأستاذ بحكم معرفته اللصيقة بظروف التمدرس وصلاحية البرامج.

بنيونس شعبي