أليس من الصعب والمجحف جدا أن يواصل الموظفون والعمال والأجراء العمل حتى الخامسة والستين من العمر(إن أمهلهم العمر طبعا)،مكرسين بذلك نصف قرن من العمل في مختلف القطاعات والتخصصات،فإن تقاعدوا،فلكي يتفرغوا للأـمراض المزمنة والعابرة وغيرها من إجراءات الموت اللازمة،فيما غيرهم من المحظوظين يخرج بتقاعد مريح لمجرد جلوسه ذات فرصة على كرسي وثير؟؟
أليس من باب الإنصاف ،بل من باب الاعتراف بالجميل،أن يحال الموظف على التقاعد في الخمسينات من العمر بعد أن خارت قواه العضلية والعصبية خدمة للصالح العام،خاصة بالنسبة لبعض المهن كالتعليم الذي رتبته دراسة أمريكية في الرتبة الثانية بعد عمال المناجم من حيث الخطورة،إذ كيف سنتخيل المدرسة المغربية بأستاّذ وهن العظم منه واشتعل الرأس شيبا ودب فيه الزهايمر دبيبا،وإلى أي درك ستنزل المدرسة إن أرغم الأستاذ على العمل حتى أرذل العمر مع تلاميذ في ريعان الطيش؟؟
ألسنا نعي جيدا أن الرفع من سن التقاعد سيجعل الكثير من هؤلاء الموظفين يفكر في التقاعد النسبي،ومن لم يحظ منهم بذلك،سيحيل نفسه بنفسه على التقاعس والاتكالية المطلقة،إذ ليس من الحق في شيء، الحكم على مئات الآلاف من الموظفين بخمس سنوات من الأشغال الشاقة،لمجرد أن فئة قليلة مسؤولةعن إفلاس صناديق التقاعد منزهة عن العقاب والمساءلة،وليس من الإنصاف أن يصبح صندوق التقاعد مقبرة جماعية يدفن فيها الموظفون على اختلاف مراتبهم أحياء لمدة خمس سنوات والكثير قد لا يخرج حيا؟؟
إن المتقاعد في أذهان الناس مرتبط بلعب الورق والضامة بحدائق الأحياء وأزقتها،بل هناك من يروج للرفع من سن التقاعد بكون العمل لخمس سنوات أخرى يبقى أفضل من اللهو واللعب ،دون أن ينتبه أن معشر المتقاعدين،بلجوئهم إلى هذه اللعبة الزهيدة،أنما يملؤون فراغا قاتلا لا تغطيه الرواتب الهزيلة التي يتقاضونها،غير أن هناك ثلة من الموظفين تنتظر بفارغ الصبر رفع سن التقاعد لأكثر من ذلك،لكون مناصبهم تضمن لهم السكن والماء والكهرباء والتنقل..وكل ما يمكن أن يتمتعوا به من سمو مراكزهم،هذه الفئة قادرة على العمل،طالما يمكنها أن تشتغل لتطيل امتيازاتها،وهي الامتيازات التي تستحق عليها تقاعدا مبكرا،ترشيدا للنفقات وحقنا للمال العام.
وأخيرا لم يبق للعمال والموظفين،في انتظار نتائج مكاتب الدراسات،المعنية بإصلاح أنظمة التقاعد سوى ترديد البيت التالي : يا ربي طوالوا علي الايام     أنا كل ساعة نقول هذا العام.
ح.الهاملي.