بركات الجزائرية..مغربية أيضا
بركات الجزائرية..مغربية أيضا
رمضان مصباح الإدريسي
لم يستسغ بعض المعلقين، وبعض من راسلوني من الجزائريين –ولعلهم من العسكر ،أو قاب قدمين منه- أن ينكب كاتب مغربي على الشأن الجزائري ؛خصوصا كما يلوح اليوم شأنا انتخابيا داخليا.
ويشهد الله أنني توصلت مرات عديدة بكلام ساقط وسافل جدا جدا؛من قاموس جزائري نفهم مصدره جيدا ؛فمن عاش قرونا من القهر التركي ،ومائة وثلاثين عاما من قتل الهوية والقيم ،ونصف قرن من « ضرب الشيتة » لأحذية العسكر لا يمكن أن يكون إلا شتاما سبابا لا يُفَعِّل سوى قوافي ما تحت الحزام.
ومهما يكن فمن أجل قضايا الوطن الكبرى، لا بد أن نضحي حتى بالروح إن اقتضى الحال .هذا ما تربينا ،وربينا عليه في المغرب.
حتى وان كنت دأبت على الكتابة في الشأن الجزائري ،والمغاربي عموما ،قبل هذه الرئاسيات بأمد طويل- مما يعفيني من أي جدل عقيم – ولم يصدر عن الجهات المذكورة أي سِباب(نعم هكذا فهم لا يناقشونك بكيفية مدنية متحضرة) فإنني لابد أن أبرر للقوم لماذا أعتبر أن حركة « بركات » مغربية أيضا .بل ما من مغربي إلا ورددها في نفسه مرارا ،وهو يرى النظام العسكري الجزائري لا يكتفي فقط بجزأرة الصحراء الشرقية ،وهو يعلم أن بها مناطق مقتطعة من المغرب ؛بحجة افريقية دغلية: تثبيت الحدود الموروثة عن الاستعمار، بل يسخر كل « الأرمادا » العسكرية ،السياسية،الثقافية،المخابراتية و المالية للاعتراض على حق مغربي،جغرافي تاريخي، في صحرائه الجنوبية،معزز بحكم قضائي دولي.
ولعل تقدير مبلغ مائتي مليار دولار (200) كإنفاق جزائري–من المال العام- لمناوءة حق مغربي راسخ يبدو متواضعا ،لأنه لا يستدخل حجم الإنفاق على الصحراء الشرقية المغربية،حيث استنبتت ولايات جزائرية عديدة ،بموجب عرف إفريقي متوحش ومفارق:محاربة المستعمر ،وفي نفس الوقت التمسك بحدوده.
وأنا أتفادى هنا – حتى لا أكرر- تفصيل الحديث عن خصوصية الحالة الجزائرية المغربية ،الناتجة عن الروابط العديدة ،و التواجد في خندق واحد؛ثم رفض المغرب طعن الثورة الجزائرية وهو يقرر –ثقة في « الأشقاء »-أ لا ينساق مع العرض الفرنسي الخاص بحدوده
.
لماذا علينا أن ننضم الى بركات
:
لقد ظلت كراهية المغرب عقيدة عسكرية جزائرية ،حتى قبل أن يبكي بنبلة- وان معتديا- ويقول: »حكرونا ».
ورغم تربية الشعب على هذه الكراهية ،فان ذاكرة أغلب الجزائريين لم تمت ،هذا بالنسبة للمسنين من جيل الثورة ؛أما الشباب فهم لا يفهمون لماذا يعانون من الفقر و البطالة والتهميش ،وتحت أقدامهم إكسير الحياة المعاصرة.
لا يمكن لأي مدرعة عسكرية أن ترهبهم ليقولوا إن المغرب هو المسؤول عن وضعهم هذا . ولا يمكن أن يقبلوا من أحد أن يستبدل حق الشعب الجزائري في الكرامة والعيش الرغيد ،بحق الشعوب في تقرير مصيرها؛خصوصا حينما تكون هذه الشعوب مركبة تركيبا مزجيا ،كما يقول النحاة ،و ومهجرة ومحاصرة خارج مضاربها وأحبتها،في استعادة بئيسة
لقطارات ستالين وهتلر، المتجهة،على التوالي، صوب سيبيريا ،وثكنات الأفران الغازية.صوب الصقيع والنار.
بركات، لقد اتضحت اللعبة للجميع .فعلا لقد جُعل المغرب –ضدا على إرادته- مسؤولا عن ثراء الجنرالات. هذا صحيح فوحدها فزاعة « المروك » هي التي تفتح الصنابير ،دون حسيب ولا رقيب.
لقد هز أعماقي ما قالته أخيرا المجاهدة الفرنسية في الجزائر المستعمرةANNIE STEINER، ذات الخمسة والثمانين عاما ، في حفل تكريمها من طرف جمعية مشعل الشهيد: “Nous avons rêvé autre chose pour vous”
« لقد حلمنا لكم بوضع آخر ». وتضيف: »ان جيلنا بذل ما في وسعه من أجل استقلال غالي الثمن؛واليوم ستنهض الجزائر بفضل شبابها ». (جريدة LIBERTE). هذه جميلة بوحيرد أخرى تقول بركات.
وما عساهم يقولون ،هؤلاء القادة الحزبيون المعارضون للنظام،وليس لبوتفليقة الرابع فقط،وهم يُمنعون من وقفة قيادية ،رمزية فقط ،أمام مقام الشهيد في العاصمة الجزائرية؟ وقفة بدل أن تستقطب أبناء الشعب المقهورين ساقتها ،دفعا وتعنيفا،المئات من أفراد القوة العمومية ؛مما لا يفعله حتى الرعاة مع مواشيهم.
وما عساه يقول القيادي الشيخ جاب الله وهو يحاصر بحثالة من « الشمكارة » وهم يرددون : »الشعب يريد الحمرا باطل »؟(الشعب يريد المهلوسات بالمجان).
يحدث هذا وغيره في الوقت الذي تسخر جبهة بوتفليقة كل امكانيات الدولة لفوز الكرسي المتحرك ؛رغم أنهم يكررون غناه عن الحملة الانتخابية.
بركات المغربية تشترك مع الجزائرية- كما حدث في معارك التحرير- في محاربة نفس النظام بغض النظر عن الساكن الذي سيحل بقصر المرادية . من حق كل شعوب الاتحاد المغاربي أن تعيش الاتحاد واقعا ملموسا ؛بعد أن عاشته حلما فقط.
وكل من يعرقل تحقيق هذا الحلم النبيل –وقد غدا ضروريا وحيويا للمنطقة- يصبح تلقائيا عدوا لكل شعوب المنطقة.
ونحن في المغرب ندلي –إضافة إلى هذا الحلم- بكل الأذى الكبير الذي أصابنا من طغمة عسكرية انقلابية استحوذت على الثورة الجزائرية ،وبنت دولة الكراهية هذه،المنتهية عاجلا أم آجلا.
لا يمكن أن نَصُمَّ اليوم آذاننا ونُغشي أعيننا ونحن نرى أحرار الجزائر هبوا لتأسيس الجمهورية الثانية :الجزائر المدنية الديموقراطية ؛ويكفيها أن تكون هكذا لتخرج من النفق المسدود الى معانقة جيرانها المغاربة والمغاربيين.
لا يجب أن نكرر أخطاء اليسار المغربي في مستهل ستينيات القرن الماضي ،حينما ناصر انقلابيي تلمسان على حساب القادة التاريخيين لجبهة التحرير،وقد سبق أن تحدثت عن هذا.(يراجع كتاب المرحوم بوضياف:إلى أين تمضي الجزائر؟).
ولا يمكن أن نلزم الحياد والأموال تتدفق على بوليزاريو الداخل لهدم كل ما يبنيه المغرب في صحرائه؛وقد أبت الدينارات إلا أن تُظهر أعناقها في مدينة العيون ،المجندة ما فياتها دوما لاستقبال « روس » حتى وهو وراء المحيط بين أحضان زوجته.
وتبقى خصوصيات الشعب الجزائري خالصة له.انه شعب المليون شهيد ،حتى قبل أن تُسْتنَزف خيراتُه وتُهدَرَ كرامته؛فكيف به وقد بلغ السيل الزبى ،ولم يبق إلا أن تنهض أرواح المجاهدين الشهداء لتحرِّرَ الجزائر من جديد.
بركاتُكم بركاتُنا أيضا ؛ولو كنا براغماتيين انتهازيين لصفقنا لبوتفليقة الرابع ،وتركناه يحرق الجزائر كما فعل نيرون بروما ؛لكن نحن أيضا لنا قيمنا الثورية و شهداؤنا الذين لا يرضون لنا أن نركب هذا المركب المتخاذل.
لنساهم جميعا في رفع الضيم عن الاتحاد ألمغاربي؛ولن يتأتى هذا فعليا إلا ببركات جزائرية ،شعبية وجدية، تبدأ بعد 17 أبريل.وكما قالت المجاهدة « ستينر » لقد حلمنا بشيء أكثر من هذا..
Ramdane3.ahlabgog.com
Aucun commentaire