الذئب بالذئب ،و النائمة با لراصدة،والحاضن بالفاضح
رمضان مصباح الإدريسي
حتى لا تتحول الذئاب إلى ملف أمني فقط:
بقدر ما يجب علينا الثناء على الفعالية التي أبانت عنها الأجهزة المغربية، الأمنية والمخابراتية ؛وهي توقع ،تباعا ، بالعديد من الذئاب الداعشية المواطنة والأجنبية؛المخالطة لنا في معيشنا اليومي ،الآمن والحمد لله، لكن عيونها على رقابنا ،تشحذ لها النصال ؛وعلى استثنائنا تروم الإيقاع به ،لتعم الفتنة ؛بقدرما يفرض علينا الواجب الوطني ،وحتى الديني،ألا نركن إلى الدعة والسكينة ،ونتركها تقاتل وحيدة (هي وربها)؛بحجة أن الملف أمني ،وهو بين أيادي مؤهلة للتعامل معه .
كل الأجهزة الأمنية ، المخابراتية، في الدول التي يفترسها الإرهاب الأسود ،أو يتوغل فيها ،أو يناوشها فقط ،بما فيها الدول الكبرى ،كانت مطمئنة إلى مقدراتها، خارج الإسناد المدني؛لكن اتضح بأكثر من دليل أن الحواضن الاجتماعية للإرهاب ،وحتى حيادية المواطنين،أكثر إضعافا لهذه الأجهزة من العمل الإرهابي المباشر، في حد ذاته. لم تعد الدرجة الصفر للخطر متأتية لأي دولة؛مهما بلغت إمكاناتها، ومهما رفعت من درجة تأهبها .
ذئاب البحر:
فكرت في كل هذا وأنا طريح الرمال –زوال الخميس المنصرم- في الجوهرة الزرقاء « السعيدية »؛وعيناي عالقتان في السماء، تتعقبان دورات « هيليكوبتر » عسكرية، تؤمن حراسة الشاطئ الذهبي ،ما بين مرسى بلمهيدي الجزائري ،ورأس الماء. من يدري فكل البحار أصبحت مفتوحة على داعش؟
شيء يثلج الصدر أن تشعر بحقوق مواطنتك ،مُفَعَّلة،أمنيا، من طرف دولة ،آخذة في بناء نموذج متميز، لاجتثاث الإرهاب ؛يُعلق عليه المنتظم الدولي الكثير من الآمال. وما أروع أن تشعر بعدوى الإحساس بالأمن ، وقد أرخى سدوله – كليل امرئ القيس- على كل رواد الشاطئ ،لينصرفوا إلى متعهم البحرية المستحقة.
رغم بهاء اللوحة أقلقني أن أجدها تعكس،بأمانة، حقيقة وضعنا ،على المستوى الوطني ،إزاء ذئاب داعش وخلاياها المغربية؛ونحن نتابع أخبار سقوطها ،الواحدة تلو الأخرى,بيد رجال « لو أقسموا على الله لأبرهم » من شدة حرصهم على سلامة الوطن والمواطنين ؛ضمن محيط عربي يتشظى جمرا جمرا ؛يوما بعد يوم.
نستلقي في منازلنا،كالمصطافين، آمنين ،أمام الشاشة،ونكاد لانميز بين النشرة الجوية والنشرة الإرهابية ؛وقد سبق أن قلت بأن الغربان السود،الواقعة في الشَّرَك،لم تكن في طريقها لصيد السمك.والأخطر أنها –قبل أن تنغرز بها مخالب النسور- كانت بيننا تأكل الطعام وتمشي في الأسواق؛تصلي صلاتنا ،في مساجدنا .
إن قطع الرأس ليس أفضل طريقة لدفع الصائل الإرهابي ،ما دامت له رؤوس تنبت باستمرار؛لكن حينما نحرمه من الحاضنة الدينية، الأسرية ،الاجتماعية ،الثقافية والاقتصادية ،نكون قد أوقعنا به ،فعلا،كفكرة،كمشروع ،يؤذي النفس والغير. إن تجنب أسباب الحريق أكثر نجاعة من مجرد إطفاء النار.
وعليه فإذا كانت الفعالية الأمنية المباشرة مطلوبة- حال الخطر الداهم- بنفس الدرجة التي تطلب بها فعالية رجال المطافئ،فان الاشتغال الاستراتيجي ؛ على مستوى الحواضن المفترضة للإرهاب،هو وحده الكفيل بالقضاء،تدريجيا، على وباء « الحمق الديني »،الذي استفحل الى درجة استكثار،بل رفض، حياة يهبها الله للناس.
إن فعالية الأجهزة الأمنية التي تتأكد ،وينمو رصيدها ،أسبوعا بعد أسبوع مفخرة لكل المغاربة ؛وبحث أكاديمي يغري بقراءته حتى جيراننا الأوروبيين ؛لكنها ،في نفس الوقت، حجة على مجتمع مدني ،إن لم يكن حاضنا ،دائما،فهو محايد،يفضل الاستلقاء والاسترخاء ،في انتظار الأحداث و الأخبار؛وماذا فعل الضابط الخيام بخيمة الخلافة.
مجتمع لا يتذكر الإرهاب إلا حينما تُقطع – بمعنى تقع – بعض رؤوسه ؛والحال أنه لو صحا واشتد،وقارب وسدد، لما نبتت الرؤوس أصلا.
كتاب « دفع الصائل الإرهابي:نحو تدويل النموذج المغربي »:
وهو رقمي ،مجاني، حصيلة مواكبة الكاتب لميلاد أخطر كيان إرهابي ،عبر التاريخ العالمي كله ؛وليس الإسلامي فقط. كيان أريد له أن يتسمى بمسمى الخلافة ليجتث الشجرة من أصلها ،وليس مجرد فرع من فروعها.
كيان ركبت كل قطعه في مصانع شتى ؛لكنها على قلب آلة قطع واحدة. كيان بُرمج ليستمد الحياة من الحرب والدم ؛ومن هنا مقاتلته اليومية ، حتى من طرف صناعه أنفسهم.
كيان أريد له أن يرتدي كل أسمال التاريخ ،المتخلفة عن كل حروب الأديان ؛لكنه برمج ليشتغل ،وسائطيا، وفق أحدث المستجدات الرقمية، حتى تتضاعف الفعالية دقيقة بعد أخرى.
ومن هنا صارت الخلافة خلافات: خلافة الدم،خلافة البترول،خلافة الماء،خلافة الثقافة والآثار،خلافة الشبكة والتواصل..
وخلافة المرأة:مناكحة،حاضنة، مفجرة ومنفجرة..
وأخيرا خلافة الترويض:ترويض الدول العربية و الإسلامية ،وخصوصا الفاحشة الثراء،على ملازمة فراش الطاعة ،ابتغاء المرضاة ،ودفعا لكل المفاسد وجلبا لكل المصالح.
حرب من داخل القاموس ،وبلغته؛وهي من أذكى الحروب وأرخصها.
وإنهم لموسعون في صناعتهم ،بعد تفكيك آخر الخلافات ؛حتى نتعلم أن نكون على قلب ديمقراطية واحدة ؛ في عالم بنبض واحد.
إن دفع الصائل الإرهابي ،ونحن لا نعرف كل مقدراته العالمية،وكل مراميه،غدا فرض عين ،بالنسبة لكل واحد منا .
عسانا ،حينما نستمع ،مساء كل يوم، إلى نشرة الإرهاب ،نسأل أنفسنا ماذا فعلنا في يومنا حتى يسلم وطننا من الوباء؟
فالذئب يجب أن يقتفي أثره ذئب آخر،والخلية النائمة يجب أن تترصدها خلية مستيقظة،وحواضن الإرهاب تفككها حواضن الأمان..
رابط التحميل:
http://www.4shared.com/office/FsmNR9dfba/___online.html
Aucun commentaire