عُمْرَة ُالبطاقة الوطنية بالقنيطرة
عُمْرَة ُالبطاقة الوطنية بالقنيطرة
رمضان مصباح الإدريسي
تقديم:
أنتمي إلى فصيلة من المواطنين تكره –كرها مبررا- التردد على الإدارة المغربية؛خصوصا حينما تكون إدارة ترتدي
بذلة رسمية ؛وقد سبق أن عنونت مقالا لي ب: »الادارة المباشرة،وجه المغرب العبوس »؛وقد بينت فيه
كيف تخدش هذه الإدارة وجه المغرب،رغم أنف القرارات الفوقية الملزمة بسياسة القرب ،وخدمة المواطنين ،وفق ما يخوله لهم القانون؛وفي ظروف تحفظ كرامتهم ؛وتجعل الأجنبي (المستثمر مثلا) يطمئن إلى أنه في دولة المؤسسات المتحضرة.
ترتد كراهيتي إلى رواسب إدارية قديمة،لم تعد حاضرة كما كانت ؛إذ خطا مرفقنا العام خطوات تجب الإشادة بها ؛لكن
الوضعية المثالية يجب أن تظل حاضرة كمطمح حتى لا نقنع فقط بما تحقق .
في طريق العمرة:
قررت بيني وبين نفسي أن أنحشر وسط المواطنين – دون استقواء بمعارف كما يخطئ الكثيرون منا فيؤخرون تطور الإدارة المغربية دون أن يشعروا- وأتتبع خطوة خطوة كل مراحل استبدال البطاقة الوطنية العادية بالبطاقة البيوميترية؛كما قررت الحكومة، دون تحمل المصاريف التي ضاع فيها المواطن وهو يرى بطاقته تُقتل بين يديه،قبل أن يحين أجلها.
مثل هذا حصل مع رخصة السياقة أيضا ،وكأن بلادنا خالية من البرلمانيين ورجال القانون الذين يفترض فيهم أن يضعوا حدا لمثل هذه التعسفات الإدارية والمالية. وفي حالة البطاقة البيوميترية يتم-بدون سند قانوني سليم- تحديد ذعيرة مالية لمن لم بستبدل بطاقته قبل متم دجنبر2013.(ثلاثمائة درهم).
ذعيرة لمن؟ للدولة التي سلمت بطاقة وطنية صالحة إلى 2017-مثلا- ورخصة سياقة دائمة،ثم انقلبت على قراريها أم للمواطن الضحية؟
لوجيستيك أمني لم يدخر جهدا ولكن:
رغم الوقوف في الصف ، تحت مطر لا يتوقف، من التاسعة والنصف صباحا، الى الثانية بعد الظهر؛مع احتساب ساعة من الجلوس المريح والدفء داخل بناية الشرطة ؛شعرت بسرور بغمرني وأنا وسط حشد من المواطنين تصادف أنهم –بناء على المظهر- من المواطنين الشعبيين البسطاء الذين حمشتهم الذعيرة فقرروا أن يهموا بها قبل أن تهم بهم.
كان هناك الصف الذي يخضع لتنظيم شرطي في غاية الدينامية ،ويقارب أفراده المائة؛وكان هناك حشد ممن لا تسمح لهم أرقامهم « البعيدة » بالوقوف في هذا الصف ؛وقد طلب منهم الابتعاد إلى الرصيف المقابل للبناية الأمنية.
ونحن وقوف حدثني جيراني « المعتمرون » عن كل شيء ،عن الفلاحة عن معمل « الكرتون » ،وعن مصالح ضيعتها عمرة البطاقة؛وهناك من نصح غيره بأن يصبر فما هو إلا عذاب الدنيا الذي لا يقارن بيوم الحشر .
ورغم مشاركتي في أحاديث عدة، كان يهمني كثيرا أن أتتبع كيف يتحرك اللوجستيك الأمني في مواجهة هذا الفيض البشري الذي جيشه بلاغ وزارة الداخلية؛حتى لا تضيع ساعات عمرتي سدى ،وحتى أنقل تقييمي واقتراحاتي للمسؤولين والقراء.
بدت البناية الأمنية،بعد الدخول , مجهزة بقاعة تسع قرابة الأربعين كرسيا ،مخصصة لجلوس المواطنين ،وقرابة
سبعة من المكاتب المخصصة لامساك الملفات ورقمنة المعلومات،وتوثيق البصمات. يضاف إلى هذا طاقم من كاتبات
الإسناد المكلفات بمراقبة الوثائق وتعبئة بطاقة البصمات.
بعد صخب الخارج ،وهو محسوب على الحالة الاستثنائية التي تسبب فيها البلاغ المذكور- مما جعل المصلحة الأمنية الداخلية تضاعف الجهد ،حتى خارجيا ،لتتسلم وثائق المواطنين ، قبل ولوجهم- يعم جو من الهدوء والانضباط ،ويشعر المرتفقون أنهم الآن –وفعلا- في ضيافة شرطة في خدمتهم. تمر كل العمليات بسلاسة ،رغم التوتر الملاحظ على بعض
الكاتبات نتيجة إرهاق يبدو بدون نهاية ،خصوصا والأصوات في الخارج تشي بحجم العبء الواقع على المصلحة.
حالة واحدة آلمتني حين استمعت إلى موظفة تطلب من امرأة أن تنصرف خارج المكتب ،حتى ينقطع ابنها الرضيع عن البكاء. كان فعلا بكاء مزعجا خصوصا بالنسبة لمسؤولة تتعامل لساعات وأيام مع حاسوب،ومهمة دقيقة، لا مجال فيها للخطأ؛لكن أليس للطفل بدوره الحق في البكاء احتجاجا على حشود ووجوه لم يألفها؟هو يفضل ثدي أمه على كل بطاقات الدنيا.
وعليه فقد توافرت جهود الطاقم كله ليرتفع أداء لوجستيك الداخل الى مستوى راق جدا يحق للجميع أن يفخر به .وكل ما زاد على هذا من حشود كبيرة- رجالا ونساء- تضررت كثيرا بالمطر- على حب له-فهو محسوب على الحالة الاستثنائية التي خلقها قرب انفجار لغم الذعيرة الجيبي.
الزمن الجديد للحصول على البطاقة:
انتقل الأسبوع ،والعشرة أيام ،في الأحوال العادية، الى أسابيع :أجريت « عمرتي » في 22نونبر ولا زلت أنتظر ،وقد ترددت على شباك التسلم ثلاث مرات .بدأ هذا الشباك ،بدوره يشهد ازدحاما ،لكن وتيرة أداء طاقم التسليم تبدو بفعالية ونظام ،مما يجعلها في مستوى المواجهة.
آفاق للتجاوز:
*تتوفر بمحاذاة وقبالة بناية شرطة القنيطرة فضاءات يمكن الاستعانة بالمجلس البلدي و بمموني الحفلات لإقامة خيام كبيرة بها تستوعب مئات من المواطنين ؛وتجهز بكراسي لجلوس العجزة والمرضى وكبار السن. من شأن هذه الخيمة أن تحفظ كرامة المواطنين ،نساء ورجالا،وأن تجعل الإدارة الأمنية تبدو منظمة حتى خارجيا.وكل هذا لا يكلف كثيرا خصوصا والجميع مقتنع بأن حملة البطاقة تتجاوز الإمكانيات المتاحة.
*عمليات مسك الوثائق والرقمنة والبصم،وتسليم البطاقات، يمكن أن توزع على كل الدوائر الأمنية،بالمدينة ،اذا توفرت حواسب الربط.
* إذا اعتبرنا التقدم الحالي الحاصل في عمليات الطباعة عن بعد ،فيمكن لولاية القنيطرة اذا جهزت بما يلزم من معدات أن تتولى استخراج البطائق محليا.وهذا يسري على كل جهات المملكة.
* لا أساس قانونيا للذعيرة لأن البطاقات ،غير منتهية الصلاحية،محددة بأجل رسمي ينظمه القانون ،ولا يمكن أن يلغى إلا بقانون أسمى منه ،دون أن يحدث ضررا ما للمواطنين ؛اذ قصد المشرع دائما جلب المصلحة الأمثل.
ومرة أخرى أثني على مجهودات استثنائية لمواجهة حالة استثنائية.
Ramdane3@gmail.com
Ramdane3.ahlablog.com
1 Comment
هل يتحول المغرب الى بلد الذعائر؟ذعيرة لرخصة السياقة،واخرى للبطاقة الوطنية وذعيرة لتسجيل السيارات ،وذعيرة عن التاخر عن اداء الضريبة للسيارات وذعيرة عن التخير في اداء ضريبة المنازل عيرة واخرى،فهل ما يجمعنا مع هذا الوطن الا الذعائر؟