ما الذي أبكى الوزير أوغلوا؟
ما الذي أبكى الوزير أوغلوا؟
رمضان مصباح الإدريسي
وظللنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم المن والسلوى كلوا من طيبات ما رزقناكم وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون
صدق الله العظيم البقرة:57
الانتظار الأبدي لشيء يأتي من السماء::
يقول القرطبي رحمه الله مفسرا:
« وإذ كانوا بأجمعهم في التيه قالوا لموسى :من لنا بالطعام؟ فأنزل الله عليهم المن والسلوى. قالوا من لنا من حر الشمس ؟فظلل عليهم الغمام. قالوا فبم نستصبح ؟فضرب لهم عمود نور في وسط محلتهم؛ وذكر مكي عمود من نار .قالوا من لنا بالماء؟ فأمر موسى بضرب الحجر. قالوا من لنا باللباس؟ فأعطوا ألا يبلى لهم ثوب ولا يخلق ولا يدرن وأن تنمو صغارها حسب نمو الصبيان والله أعلم »
هم هكذا ,أبد الآبدين, ينتظرون دوما شيئا يأتيهم من السماء.وحينما ظهرت الأمة التي علمت أن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة ,ناصبوها القتل .
وظلوا ينتظرون حتى ابتسمت الصحراء فكشفت عن ثغر بلمعان التبر واللجين ؛ومرة أخرى كان لهم ما أرادوا؛أشهى من المن والسلوى .
أي تيه هذا الذي يعيش فيه التائه كل أحلامه اللذيذة واقعا مجسدا أمام عينيه؟
حتى أعطوا « ألا يبلى لهم ثوب أبدا ».
وتواصلت الحكاية حينما جرت ,هادرة ,أموال البترول العربي لتملأ سدود الولايات المتحدة وبريطانيا ,ومن لف لفهما في حضن البيضة الصهيونية ؛حيث هي ؛وحيث يتمدد عشها على حساب شعب عربي مستضعف.
فعلا لقد ساعد العرب أعداءهم التاريخيين على أن يُعِدُّوا للفلسطينيين ما استطاعوا من قوة ورباط الخيل.
إن الذين طالبوا, فقط, بمائدة من السماء ؛أعطوا هذا « الهامبرغر » الغريب الذي يتكون من ندف كالثلج ,كالعسل ,
ك…ك… ويتيه المفسرون تيهانا حقيقيا في استجلاء المعنى .
أما نحن فقد علمنا التفسير الأميركي ما معنى المن والسلوى.
والى اليوم ؛لا تشوى قطعة لحم في سهول أميركا الشاسعة ,ومدنها, الا وفيها مُضَغ لإسرائيل.
نعم غدت لها أسهم حتى في الأحلام الأمريكية وليس الانتخابات والبورصات فقط.
وأُعْطُوا أيضا ألا تبلى لهم راية أبدا ,خفاقة جذلى ,تنغرز حواملها في الجسد الفلسطيني ؛تمتص دمه ونخاع عظامه .
رتيلاء عملاقة بأذرع تتحرك عبر جغرافية التيه التوراتي المدلل ،والتيه العربي ،في زمننا هذا.
وأُلِينَ لهم الحديد:
بدكتاتوريات عربية ورطها الدهاء الغربي في كراهية كل ما يتحرك فوق أرض تختزن الذهب.
أي حارس أوفى من هذا الذي يقطع أرجل بنيه ؛وأصابعهم حتى لا تسير في الأرض ,كما أمرها ربها؛وحتى لا تقتلع حجرا يعري ذهبا.
وتختزل كل الحرية التي جاء بها الفرقان في ضدها .ضربا لأعناق كل المفسرين.
لا خروج عن الإمام.لا صلاة إلا خلف الإمام.
وان لغا؟ وان. وان فسق؟ وان. وان فجر؟ وان. وان خان؟ وان غشنا؟ وان.
مفسرون تلموذيون للقرآن الكريم ؛بل لو انكب عليه ذووا القبعات السود –هؤلاء-لاستحيوا أن يخفوا بأكفهم شرع الله المسطور.
نامت نواطير مصر عن ثعالبها فأكلن حتى بشمن الثعالب
من يصدق أن تحذوا مصر الفقيرة عبر التاريخ -الظالم حكامها ،بشهادة هذه الأهرام التي تكابد حر الشمس كما كابده العبيد والأسرى – حذو جارات الخليج ،فتذكر إسرائيل بأن يهود موسى نسوا أن يحملوا معهم ,في هجرتهم الكبرى، الغاز الذي ينضج طعامهم.
نسيان كوفئوا عليه مرتين : مرة بمن وسلوى ، تريحهم من الطبخ.
ومرة برد مصر للأمانة التي بقيت عند الفرعون ,وتصديرها الى معامل اسرائيل لمساعدتها على شي اللحم الفلسطيني.
لا تستغربوا من أين كل هذا الحظ الذي ألان الحديد لإسرائيل حتى يشتد بأسها.
حتى حينما تبني جدرانا عازلة تبنيها بسواعد الفلسطينيين،وأموالهم طبعا.
لقد أُوحِيَ الى الحكام العرب أن يستثمروا في الديكتاتورية والاستبداد؛ ومن هنا استثمار إسرائيل في الديمقراطية.
ضدان لما استجمعا حسنا والضد يظهر حسنه الضد
ومن أظلم ممن ارتضى لشعبه الخنوع؟
عِشق الخيام ,وعشق دول كالخيام ؛محمولة على نوق عصافير ؛وراحلة على الدوام في صحراء لا يقر لها قرار.
لم تعد هناك حاجة حتى الى مطر السماء ؛ولا الى هداية وإيمان ؛ فحيثما انبجست الأرض ،وسال الذهب الأسود
ترسم المدينة/لدولة على رمال متحركة لا تثبت فوقها غير الخيام .
حتى حينما هبت الشعوب العربية لتطالب بإسقاط النظام ؛لم يجدوا هناك – في قلب الأمة- ما يسقطوه .
وتمنع بيت المال لأنه في كهف مسحور وراء البحار. لا مال للعرب الا مهاجرا محميا من طرف أعدائهم.
افعلوا بخيامكم ما تشاؤون فقط لا تحفروا ما تحت أقدامكم ؛ولا تقربوا الشجرة.
ومن يتحدث بعد هذا عن صحوة ديمقراطية أميركية ؛تغذي الربيع العربي، ليقتلع الخيام ويبني صروح الدول
كمن ينكر إبادة الهنود الحمر ،وإفناء الجاموس الأميركي.
وكمن ينكر أن يكون هتلر قد شاهد أفلام رعاة البقر,وتتلمذ في مدارسها ,وغاباتها، حيث يسيل الدم الهندي أنهارا.
من أين هذه الصواريخ ؟
كما هوت شهبا رواجم ،وأرعبت تلك المجندة الإسرائيلية الحسناء ؛التي شاهدها العالم كله وهي تنظر الى السماء,كأجدادها, وتستغرب ألا يكون ما يتهاطل منا وسلوى.
لقد أجهشت بكل البكاء الذي لم يستطعه أطفال غزة؛ والقتل يتخطفهم زرافات ووحدانا.
كم هي همجية هذه السلالة ,ذات الأقدام السوداء ،التي لا تسمح للأطفال حتى بالبكاء ؛قبل طحن أجسادهم.
تعلمي أيتها الشقراء أن لا تنتظري من السماء فقط ما خلدته التوراة في أذهان أجدادك ؛الى حد الغرور.
إن الصفراء الفاقع لونها ليست بقرة دائما.
لكن من أبكى ربات الحجال؟؟
هو ربيع الشعب العربي الذي لا يزال بعض على بقية الكرامة بالنواجذ.
هل رأيتم –كزرقاء اليمامة- أشجارا تسير ؛ثم تموت واقفة .
هل رأيتم شعبا يسير كله ؛قافلة للشهداء ؛تلملم فيه الأمهات أشلاء الصغار ،ويضربن بها ؛ثم يزغردن لمن يرتفع عاليا ؛خارج كوكب الظلم هذا؟
في أرض العزة وحدها يصدق الربيع الذي لا تخالطه الأزهار الأميركية المسمومة.
ابك « أوغلو »:
ابْك ِأمَّة لم تعرف بعد كيف تحقق النصر خارج بلاغة الكلام. أمة لم تُعطل بعد النصر الكاذب الذي تغري به ثروتها اللغوية.
نعم للسيف ألف اسم , للأسد ألفان ربما ،وللكلب سبعون ؛و لكن للهزيمة اسم واحد.
تقتلنا الخرافات جيلا بعد جيل ؛جياع رغم ثرواتنا؛ولا مأوى لنا غير الخيام.
ابك ِعَجْزنا عن الانتقال من الخيمة الى الدولة .
ابك فشلَ كل مشاريعنا القومية والوحدوية.
ابك فشل إسلاميينا وعلمانيينا ،على السواء؛تحت هذه السماء التي لم نعد نملكها ؛ولم تعد تسمح حتى بمرور الدعاء.
ابك لأنك جربت أن تكون رجلا مريضا ثم تشفى لأنك أردت وعزمت على الشفاء.
ابك لأنك تعرف أننا ،بدورنا،نقدر ،ولكننا لا نريد.
من حق شعب غزة أن يفرح بالنصر ؛ليس على إسرائيل ،بل على جبن الأمة العربية.
Ramdane3@gmail.com
Ramdane3.ahlablog.com
Aucun commentaire