لا أعتقد رجل تعليم ما لن تهتز مشاعره وهو يرى هذه الصورة المحزنة لرجل تعليم عاكسته الحياة وأصبح يعيش في الشوارع ويقتات من بقايا الأزبال. بل لا أظن مواطنا لن تهتز عواطفه ويحن قلبه لمثل هذا المنظر.

       وقبل الخوض في هذه المعضلة أنقل لكم النداء الذي استقيته من الفايسبوك :

 » نــداء: أستاذ من الرباط يعاني من مرض نفسي يعيش متشردا في طنجة في حاجة لأسرته:
أوجه ندائي الى كل الأصدقاء والصديقات , خصوصا بمدينة الرباط , من كان يعرفه سابقا , أو يعرف عائلته بمدينة الرباط, أن يزودونا بمعلومات عنه , قصد نقله الى عائلته وذويه قبل فوات الأوان, يعيش في أسوء حالاته منذ ان عرفناه, وللمزيد من الاستفسار حول الموضوع — يرجى الاتصال بالرقم التالي 0611034393
حسناء أزواغ – رئيسة جمعية القلوب الرحيمة بطنجة. »

أعتقد أن ما تنشره  وسائل الإعلام من تفكك أسري وتفاقم قضايا المجتمع وتعاظم الصعوبات المادية التي تعيشها الكثير من أسرنا , ليؤكد انزواء بعض الآباء أو هروبهم من واقع مرير, لم يستطيعوا مواجهته والتعامل معه بصبر وثبات.

   لكن ما شاهدته من هذه الصورة المؤلمة والتي تثير الكثير من الحزن والألم لما يعانيه الكثير من رجال التعليم الذين قدموا شبابهم وحياة عزهم خدمة للتعليم متفانين في العمل ومقدمين رسالتهم النبيلة قبل أسرهم .

   عندما تجد رجل تعليم يقضي أكثر من ثلاثين سنة يتنقل ذهابا وإيابا بين مقر عمله وسكناه , دون أن يتابع حركات وسكنات وظروف تمدرس أبنائه وعلاقاتهم بالمجتمع . لتمر السنين والأعوام ويجد الركب قد فاته والأبناء قد خرجوا عن طاعته.فماذا عساه يفعل ؟

    وعندما تجد رجل تعليم لا يتفقد أسرته الى نهاية الأسبوع أو خلال العطل . فماذا عساه يراقب ويتتبع وينصح ويربي؟

     وعندما تجد رجل تعليم قد تكاثرت متاعبه المادية من جراء تزايد مطالب الأبناء وضرورة مسايرة أولاده لحياة تفرض توفير إمكانيات ليست في مستطاع والدهم الذي لم ترتفع أجرته بشكل تساعده على إرضاء طلباتهم.فماذا عساه يفعل؟

     وعندما تجد رجل تعليم كان يتقاضى أجرة تكفيه وزيادة ,من شراء لباس أنيق وتغذية محترمة ورعاية مادية لأولاده بشكل مقبول. ليجد أجرته لربما تضاعفت بعد ثلاثة عقود من الزمن  مقابل أسعار تضاعفت مرات عديدة في وقت قصير, وجعلت منه أبا غير قادر على تلبية كل الطلبات. فماذا عساه يفعل؟

   وعندما تجد رجل تعليم يستقبل تلاميذ غير راغبين في الدراسة وغير قابلين للحراسة وغير مستعدين للأدب والاحترام , وآباء شبه غائبين . فماذا عساه يفعل؟

    إن الظروف التي يشتغل فيها رجل التعليم قد أنقصت من فاعليته وقلصت من قدراته وأهدرت كل مجهوداته وأفشلت كل محاولاته وأحبطت كل مقوماته وأنهكت كل قواته ….

فماذا عساه يفعل ؟؟؟؟؟

    وفي الختام إن كان هناك مجال للختام ,أوجه تقديري واحترامي لرئيسة هذه الجمعية على هذا النبل وهذا التعاطف مع رجل تعليم شاءت الأقدار أن يصبح خارج الحساب .

فهل من منقذ ؟