Home»International»أسطورة مليون ونصف شهيد (1)

أسطورة مليون ونصف شهيد (1)

0
Shares
PinterestGoogle+

كتب روجي جارودي الفيلسوف الفرنسي المشهور كتابا بعنوان :الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية،فضح فيه الأساطير التي أسست عليها دولة إسرائيل كيانها العنصري.من هذه الأساطير المحرقة اليهودية و غرف الغاز :و كان من نتائج هذا: الإبادة الجماعية للعنصر اليهودي من طرف الدولة النازية.والآن كل من يزور إسرائيل إلا و يطالبونه بالاعتراف بهذه الإبادة الجماعية.إنها عقدة الاضطهاد التي تعاني منها العقلية الصهيونية ووسيلة من وسائل الابتزاز التي تمارسها الدولة الصهيونية،على شعوب العالم ومنها على الوجه الخاص ألمانيا،التي لا زالت تدفع ثمن هذه الأكذوبة التاريخية إلى وقتنا الحاضر. إنهم يصورون الشعب اليهودي و كأنه الوحيد ماضيا و حاضرا الذي أخضع للإبادة ويذكرنا روجيه جارودي أن التاريخ القديم و الحديث عرف إبادات لعنصر بشري بكامله تقريبا، مثلا إبادة الكثير من سكان الهنود الحمر( مثلا في الصفحة 167 من الكتاب نقرأ: « …إن هتلر قد طبق على البيض ما طبقه الاستعماريون الأوروبيون على الملونين بدءا من هنود أمريكا،حيث تمت إبادة ستين مليونا من بين ثمانين مليونا من الهنود(من جراء الأشغال الشاقة،والأوبئة الفتاكة أكثر مما جاءت عن طريق السلاح) .

« هوميروس » Homère   وهو شاعر إغريقي يقال انه مؤلف »الاليادة و الأوديسة » وهي من الشعر الملحمي الذي يحكي عن البطولات و الانتصارات في الحروب التي خاضها للإنسان الإغريقي/ و تحكي ايضا عن أعمال الآلهة ومنجزاتهم المرجع:dictionnaire encyclopédique 2002 .إنها حكايات أسطورية تبين عشق ذلك الشعب في ذلك الوقت إلى تقديس البطل المنتصر،والخوارق التي ترافق انتصاراته.لقد صنع الخيال اليوناني مملكة للآلهة ،كل له اختصاص  في التأثير على حياة البشر.كل الشعوب تصنع أساطيرها للتسلية و الحكاية و التأريخ و التفسير ، فعندما يعجز العقل عن تفسير الظواهر الكونية فانه ينغمس في ظلال الخيال، هو الذي يتولى التفسير و التعليل الافتراضي و ليس الواقعي.

الخيال مهنة و مهمة الشعراء.فهم المدمنون على شطحات الخيال و التخيل.إنهم الشعراء الذين تراهم في كل وادي يهيمون.حتى أن كثيرا من الناس كانوا يعتقدون، و خاصة في العصر الجاهلي،أن في جسم كل شاعر يسكن جني هو الذي يمنحه الإلهام.الجن تلهم الشعراء بالقول الذي فيه نفحات من السحر و الكهانة. ولهذا السبب أطلقوا على القرآن الكلام العجب، فقالت قريش أنه يشبه الشعر أو ما ينطق به الساحر.واتهموا النبي عليه السلام انه ساحر(كاهن) أو شاعر أو مجنون(به مس من الجن).

شعراء اليوم كشعراء الامس وكذلك المبدعون في الفنون التعبيرية الأخرى، يؤمنون إيمانا عقائديا ، أنهم لا يستطيعون أن يبدعوا متى أرادوا: أي في كل وقت و كل مكان. بل ينتظرون ملاك الإلهام؛ حتى لا اقول مثل قول الأقدمين » شيطان الشعر و الإلهام ».هذا يبين انه بخلاف العلماء و النقاد و الباحثين و الصحفيين،فان الأدباء و الشعراء ينتظرون ذلك الإلهام الذي يأتي ربما في ساعات متأخرة من الليل،آو تحت أشعة الشمس المحرقة…

لقد اعتبر كثير من الدارسين و النقاد العرب أن الشعر الجاهلي(خاصة المعلقات) شعر ملحمي فيه نفحات من الأسطورة،يحكي عن البطولات و الانتصارات.بل هو سجل لأيام العرب.إن الأسطورة هي الجانب اللاعقلاني في ثقافة الأمم و الشعوب.ولقد ألف الفيلسوف المصري زكي نجيب محمود كتابا في هذا الصدد سماه  » المعقول و اللامعقول في تراثنا الفكري » دار الشروق الطبعة الثانية 1978. كل الأمم لها ثقافة لا معقولة تنتمي إلى الثقافة الشعبية.إن شمشون و دليلة أسطورة إسرائيلية تحكي عن القوة الخارقة الموجودة في شعر شمشون.و بفضلها انتصر على الجيوش و الأسود و حطم القصور.ومات هو و أعداؤه.

من أساطير الشعوب أسطورة المليون و النصف شهيد.تلك الأسطورة التي اخترعها الخيال العسكري الجزائري.والغريب انه الى حدود السبعينات من القرن الماضي وفي عهد الرئيس هواري بومدين(أتى بعد انقلاب على رفيقه في الكفاح احمد بن بلة سنة 1964) كان التصريح هو:بلد المليون شهيد.وهو الرئيس الذي أمر بإعادة   كتابة تاريخ  الجزائر.مع العلم أن الجزائر كانت ولاية عثمانية حاكمها هو حسين داي.وفي  احتلت من طرف القوات الاستعمارية الفرنسية1830.فهو بلد بلا تاريخ و لا حضارة يريد العسكريون أن يصنعوا هذه الحضارة باختراع ما يشبه الأسطورة هي حكاية مليون و نصف شهيد ،للتعويض عن النقص في الحضارة و التاريخ، وأسوة بمن ألف :ألف ليلة و ليلة.فان كانت الحكاية الأولى لتسلية الفقراء بالحكايات العجيبة،فان الحكاية  الثانية من اجل التمويه على المواطن الجزائري أن من يحكمه هو من قدم هذه التضحيات الأسطورية،فلا يفكر إذا و أبدا، في تغييرهم أو التمرد عليهم …

يتبع

انحاز:صايم نورالدين

 

 

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *