Home»International»مهزلة الصحافة المغربية المكتوبة

مهزلة الصحافة المغربية المكتوبة

0
Shares
PinterestGoogle+

وهابي رشيد
أغلبية فقهاء القانون أجمعوا بدون إحداث مجمع فقهي أن حرية التعبير تعتبر ترمومتر يعني مقياس لقياس ومعرفة مستوى كل الحريات والحقوق داخل أي مجتمع أو بلد يدعي تبني الديمقراطية ، والمملكة المغربية من بين الدول المتبنية لهذا النهج المغمور بالمخاطر والمزين بالعوائق وعليه فلا ينبغي لأي كان داخل هذه الرقعة المباركة أن يجعل حرية التعبير تقمع … جميل .

وإذا كنا صرحاء ولا نخاف لومة لائم فما علينا إلا أن نوجه الإتهام الى من يحمل المشعل في جعل الديمقراطية تحفز الجميع على الإنخراط في مسيرة الإصلاح وحقيقة الأمر أن حرية التعبير لا تسطع إلا بكتاب وصحافيين غير مقيدين لا من رؤساء التحرير عديمي الكفاءة ولا من سلطة تقطع الأرزاق وسالبة للحريات ، صحافة محمية بالقانون متبعة ومسيرة بضوابط وأخلاقيات المهنة.

هذه الصحافة والتي تستمد قوتها من مصداقيتها ، لكن هنا أطرح سؤال عريض لكل رؤساء التحرير ومن خلالهم الى كل العاملين بميدان الصحافة فهل كل ما يعرض ويكتب هم راضون عنه وهنا لا أوجه سؤالي الى القارئ لكونه لا يهتم كثيرا لوجود البديل على المواقع الإلكترونية ، فهل كل ما تخطه الأقلام بالصحف المغربية يعد عملا صحافيا في مستوى طموحات الشعب المغربي؟ أليس ما تقدمه الصحف المغربية يعد إنتهاك لحرية الأشخاص؟ أوليست معظم الكتابات تصفية حسابات؟ أوليست جل الكتابات تصب في خانة دفع المؤسسات الى صد هجومات الصحف بجعلهم يحصلون على صفحات إشهار؟ أوليس المسؤولون عن الصحف بدكتاتوريين؟ أوليست الصحف المغربية عبارة عن حوار بين لاعبي الورق؟ أوليست الصحف ممن لا يسعى الى تحرير القطاع الإعلامي؟ هل قدم أى مقترح لإصلاح الإعلام من طرف الإعلاميين؟ أوليس غياب الصدق مع أنفسهم هو ما وسع الفجوة بينهم وبين القراء وزاد من التفرقة بين الفوارق الإجتماعية؟ أولا ينقصهم التواضع الثقافي في مجتمع الأمية ضاربة فيه بالأطناب؟

الصحافة اليوم تتطرق الى الإجرام والقتل بصوره البشعة ، ونشر الرذيلة مكسرين طابوهات الغرام والشذوذ الجنسي.

أغلبية مقتني الجرائد المكتوبة يطلعون بسرعة على العناوين دون إعطاء أهمية للمحتوى، كما أن البعض يقتني الجريدة فقط لأجل الكلمات المسهمة والمتقاطعة وهذا لأن معظم القراء أصبحوا متأكدين أن الجرائد المطبوعة أضحت لا تمت بصلة لا من قريب ولا من بعيد للمصداقية ،وأغلبية مقالاتها سخيفة ومنحلة تتخللها صور تخدش حياء القارئ بجرأتها المبالغ فيها، حتى أن بعض المعلقين على أحد المقالات قال إنه يجب على القارئ تجديد وضوءه بعد انتهائه من تصفحه لصفحات الجريدة ، أصبحت لا تعدوا سوى أوراق مطبوعة يستفيد منها أصحاب الدكاكين بالإضافة الى تلميع الزجاج، كل سنة يتم تقديم الدعم العمومي بالملايين في حين إذا أخذنا جريدة وتصفحنا محتوياتها نرى أن أخبارها هي عبارة عن أخبار محاكم، حوادث، قتل، سرقة، إغتصاب، زائد بعض الأخبار المنقولة عن الأنترنيت أما في الملحق الرياضي الذي تخصص له على الأقل 3 صفحات فهو عبارة عن صفحتان تقريبا صور كبيرة الحجم للاعبين وللفرق وصفحة وحيدة هي المضمون، نمر للملحق الثقافي الذي نجد ضمنه الكلمات المتقاطعة و السودوكو، الألغاز، النكت، الأبراج، ركن التعارف، التعازي، التبريكات و المتغيبين ، والأدهى من هذا كله صفحات الإعلانات والإشهارات، هذه المساحات الإعلانية تحصل على حصة الأسد من الجريدة، إذا قمنا بقياس محتواها نجده فارغ وتافه كيف هي إدن تسمى جرائد وطنية وهي لا تستجيب لإنتظارات المواطن الذي يدفع الضرائب، هناك أسئلة تستفزني شخصيا وهي لماذا يتم تمويل الصحافة الحزبية، التي من المفروض أن تكون لسان حزبها والتي تتلقى دعما منه ، وعلى أية معايير يتم إعطاء الدعم العمومي لهذه الصحف ، هل على حسب جودة المنتوج الإخباري المقدم للمتلقي أم بحسب نسبة القراء أم عدد النسخ المطبوعة؟ . وهل صرف الدعم المخصص للصحافة المكتوبة يخضع للمراقبة للتأكد أنها تصرف في العمل الصحفي وخصوصا أنها تجني أموالا طائلة من الإعلانات وغيرها.

أجريت تحقيقا للوقوف على الكيفية والكم الذي تقدم به الجريدة المغربية للقراء ، وإرتأيت أن أقوم بدراسة جريدة تعتبر من أكثر الجرائد مبيعا بالمملكة ، والتي بيعت منها في العدد الذي سندرسه حوالي 100000 نسخة كل نسخة بثمن 3 دراهم أي بعملية بسيطة حوالي 300000 درهم يوميا هذه الجريدة الى حدود سنة 2011 تلقت دعما عمومي سنوي يناهز تقريبا 2000000 درهم ، بالإضافة الى مداخيل الإشهارات والإعلانات ، قمت بقياس مساحتها الكلية ، ثم مساحة الإشهارات والإعلانات والصور وشبكات الكلمات المتقاطعة والأبراج وغيرها فوجدت أن مساحة الجريدة الكلية بالفراغات هي 4.6400 متر مربع ، خصص منها حوالي 0.73663 متر مربع للصور ، و 0.67492 متر مربع منها للإشهارات ، مساحة الشبكات ، السودوكو ، الأبراج ، الكلمات المتقاطعة طب الأعشاب والتعرف على الأصدقاء حوالي 0.3 متر مربع ، أما العناوين العريضة فتشغل 0.109841 متر مربع ، طلبات العروض وعروض العمل حوالي 0.17592 متر مربع ، أخبار المحاكم 0.197101 متر مربع ، الأخبار المنقولة من الوكالات حوالي 0.197101 متر مربع ، في حين أن الفراغات مساحتها 0.00782 متر مربع  ، أي أن المجموع هو 2.611699 متر مربع ، أما من حيث الجودة فعندما أمسكت هذه الجريدة وتصفحتها أصبحت يدي ملطخة بالمداد.

أكثر من نصف مساحة الجريدة هو عبارة عن أخبار منقولة وإعلانات تدر الملايين وما تبقى فهي أخبار لا تستجيب لمتطلعات المتلقي ، للعلم فقط ثمن الإشهار يقدر ما بين 30000 الى 50000 درهم للصفحة.

إن الصحافة الإلكترونية اليوم تحمل الريادة وأثبتت أنه بإمكانها إزاحة الصحف المكتوبة لفراغ محتواها ، بل أسقطت مسؤولين من كراسيهم وزعزعت آخرين ، وهددت وزراء وقضاة والأحزاب السياسية تعمل لها ألف حساب وهي تعمل جاهدة ملاحقة القياديين بالرغم من العمل على عرقلة عملها…..

إن الصحافة الإلكترونية اليوم تعمل على إصلاح ما أفسدته المكتوبة التي نفرت المواطنين من المشاركة في العمل السياسي ، وكيف تعمل على فضح كل الأموال التي ينهبها أصحاب الجرائد من صناديق الدولة ، إن الصحافة الإلكترونية مع أختها المستقلة ليعملان جاهدين على فضح تلاعبات وزارة الإتصال.

عدم التواجد في الملتقيات والمؤتمرات الدولية وخير مثال إنطلاق أشغال اللجنة الرابعة لمنظمة الأمم المتحدة والمتعلق بتصفية الإستعمار وللأسف إعلامنا الوطني مغيب وأطره خارج التغطية.

وأخيرا أقول بأعلى صوتي لا وألف لا لبيع الجرائد مستغلين الفقر لشباب هذا البلد بقرب أضواء المرور

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. Anonyme
    26/12/2014 at 15:02

    شكرا كتيرا الأخ رشيد على الدراسة التي قمت قمت بها أشاطرك الرأي . حقيقة كنت أعتبر الصحافة هي (السلطة الرابعة)
    بدأت أقتني الجرائد مند عشرون سنة تقريبا بداية من العلم والإتحاد الإشتراكي مرورا بالأحدات المغربية والإستقصاء #الاسبوع الصحفى والصحراء المغربية الصباح المساء و…و…و
    كنت أعتبرها متنفسي الوحيد في هاذا البلدالسعيد كان لدي إهتماما مند الصغر بالأوضاع الداخلية لبلدنا إقتصاديا -سياسيا وتاريخيا ويوميا أشتري جريدة وخاصة المستقلة منها لعلي أجد شيئا يشفي غليلي لكن أصطدم بمضامين خاوية.
    صحيح هناك صحفيين وكتاب شرفاء هم قلة والفساد كتيرا والكل ولج اللعبة السياسية على الطريقة المغربية الصرفة (كاري حنكو) حسب نني رشيد وأصبحنا كأسا فارغة وربما مكسورة.
    يجدر بالصحافة مراجعة مواقفها لتكون في مثل المسؤولية الملقاة عن عاتقها لأنها رسالة نبيلة لا ننكر فضلها علينا بسببها أصبحت لدينا دراية بما نحن عليه لكن يجب على القارء أن يحدد المصادر الصحيحة ويعرف من يخدم الأجندة الأخرى

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *