نافذة على المدرسة العمومية : دراسة لمسرحية أهل الكهف من منظورات الستة
نافذة على المدرسة العمومية : دراسة لمسرحية أهل الكهف من منظورات الستة.
1- السياق الفكري العام :
تشكل القصص في القرآن الكريم النواة الأساسية للحقيقة الدينية المقدسة التي لاتقبل التصرف ومادة حكائية تصويرية واقعية تنضح بالمغزى وترشح بمعنى المعنى وتعج بالقدوة و لاتقبل التعاطي الفني معها بتعديلها أو تعويضها أوابتسارها أو الإضافة إليها بل هي خطاب حجاجي مختلف للإقناع بصدقية مقاصد الحدث الديني وأسلوب تربوي فعال يروم تعديل السلوك البشري بالتأسي وتحليل الوقائع الدينية وتفسير التصرفات البشرية وتسويغ الأحكام الشرعية على النوازل و إضفاء طابع القدسية على الأوامر الإلاهية من خلال بلاغة ضرب الأمثال واستخلاص العبر. وهذا هو الإشكال الديني والرهان الفني الذي واجه الحكيم و قيد حريته الفنية و سجن ذاته الإبداعية داخل خطاب قرآني مقدس لايسمح بهامش التصرف ويقتضي التسليم به مطلقا وقبوله في كليته . ولعل من المآخذ التي سجلت على الحكيم عدم التزامه بالنص القرآني من خلال حسمه في المعجزة العددية : ثلاثة الفتية بينما القرآن يترك العدد لغزا لايعرف حله إلا الله ومن جاد عليه علمه الواسع جل وعلا و في تسميته الفتية الثلاثة وباقي الشخوص وفي هذا تغيير للحقائق الدينية وتعديل للمواقف لا يدانيه سوى تصرفه في مسار الشخوص مثل مشلينيا ومرنوش اللذين وسم القرآن إيمانهما بالقوة والثبات ويأبى الحكيم إلا أن يتصوره متذبذبا بين النظر الفلسفي المجادل حول طبيعة المعجزة الزمنية ومدى صدقيتها بسبب الاحتفاء بالسؤال الوجودي الاشكالي بخصوص قضية التسيير والتخيير وعلاقة الإنسان بالقدر وغيرها من الأمور التي خاض فيها الفكر الإسلامي المتكلمي وند عنها العقل الإنساني خلال قرون وبين التسليم الفطري الإيماني بالحقائق الدينية كلها على شاكلة يمليخا منذ الوهلة الأولى و بعد شك وإنكار عند مرنوش وبعد صدمة افتقاد الحبيب الأول ومحاولة تعويضه بحب حافز يكشف الفرق بين بريسكا الهادئة الخجولة الوفية وبريسكا الجريئة الذكية كما بدا عند مشلينيا . وهذا التصرف في النص القرآني والتحوير في شخصية بريسكا أسقط الحكيم في متاهات التأويل الذي يستدعيه اتجاهه المتمثل في فلسفة موقف القديسين الثلاثة وإبعادهم عن الإطار الديني وإدخالهم داخل دائرة السؤال الإشكالي الوجودي والنقاش التناظري الذي يوسع من هوامش التوليد الإيديولوجي للنص والسقوط في مزالق القناع والرمزية وإسقاط مواقف الفتية الثلاثة المتصرف فيها فنيا على واقع مصر خلال الفترة الممتدة من الثلاثينات إلى الستينات إبان عهد الملك فاروق وحكم إسماعيل صدقي وخلال الاحتلال الإنجليزي لمصر إلى درجة أن الناقد محمود أمين العالم اعتبر رجوع القديسين الثلاثة إلى الكهف موقفا إيديولوجيا يكرس السلبية والخذلان والإجهاز على الحرية والإرادة البشرية بل ويعتبر خيانة لمصر وعمالة للاستعمار وقبرا للمقاومة الشعبية ووأدا وإجهاضا للثورة في بدايتها.
2- تتبع الحدث
ولعل هذا التأويل لمسار الحدث المسرحي من قبل الخطاب النقدي هو الذي يحث على تتبع الوقائع والبحث عن شكل المتوالية السردية التي يخضع لها بناء الحدث الديني حيث تتميز بالتركيب و بالتداخل على مستوى الأمكنة : بين المغارة و مدينة طرسوس و القصرو بهو القصر ثم المغارة. والتعقد على مستوى الأزمنة :بين زمن الانبعاث وزمن الاندماج وزمن الصدمة وزمن الاستسلام أوبين زمن النوم وزمن اليقظة وزمن الموت مما يزيد من ذروات التشويق وينوع العقد مثل العقدة الزمنية و العقدة العاطفية والعقدة التاريخية والعقدة الدينية ويؤجج من جذوة الصراع بين العقل والإيمان والحواس من جهة وبين الرغبة والسلطة وبين البقاء والفناء وبين المشيئة والتخيير وبين الحرية والعبودية وبين الاتصال والانفصال وبين التدني والتسامي من جهة ثانية ويعدد أنواع الحوار: تداولي ودرامي مع هيمنة للبنية الحوارية الدرامية وتنويع أشكال التناص : الاجتراري وذلك بإعادة نواة قصة إخوة الإيمان الواردة في سورة الكهف والامتصاصي لمسار اتجاهات القديسين الدينية من خلال ركوب مغامرة فلسفة مواقفهم الوجودية وأنسنة قضاياهم الحياتية والحواري من خلال الاستنطاق و التقريب بين مصادر المحكي الرئيسي للمسرحية: » بعثة الله لفتية أهل الكهف لتحقيق المعجزة الزمنية » كما وردت في القرآن الكريم وبعض الأدبيات المسيحية ومصادر المحكيات الثانوية كقصة أوراشيما اليابانية للتأكيد على وحدة المصدر الإنساني لفكرة الصراع مع الزمن.
3- الرهان
تخضع أحداث المسرحية لنظام خطي تتابعي متوازي يجمع بين المسارات الدنيوية الخاصة والمسارات الدينية العامة للفتية الثلاثة تتولد عنه ارتدادات محكمة ترسم سياق ومساق الشخوص الموسومة بالعاطفية والنزعة الإيمانية عند مشلينيا وبحب الدنيا و التجمع العائلي والتذبذب الإيماني الذي يصل حد الجحود عند مرنوش وتيقظ الحواس والرغبة في استعادة الممتلكات والتسليم الفطري الإيماني عند يمليخا.
4-البرهان
يتحول الفتية الثلاثة في سيرة الأفضية وحوار الأزمنة والتواريخ الشخصية وفي لجة الصراع الدرامي ذي البعد الديني والوجودي الإنساني والتاريخي النقدي إلى رموز مقدسة تحيل على نماذج بشرية من طينة عليا فمشلينيا يرمز إلى حماسة الشعور الديني والبشري وإلى الإنسان المؤمن بالله الجاهر بالحق الرافض للاضطهاد الديني في عهد دقيانوس ولو على حساب مركزه وحياته لكن نقطة ضعفه نفسه الإنسانية المولعة بالمرأة جسر الإشباع والرضى العاطفي والثروة والجاه. ومرنوش رمز للعقلانية الإيمانية وللفتى المسلم بالأقدار على مضض والمقر بالمعجزة الزمنية بعد شك وجدل وجحود بفعل صدمة الانفصال عن الأهل الذين تحولوا إلى قبور ومجد .ويمليخا يرمز إلى النزعة الإيمانية الفطرية التي يحكمها الوازع الديني والحاجة البشرية إلى الامتلاك امتلاك القليل من المتاع الذي يربطها بالحياة الدنيوية . أما بريسكا الجدة فترمز إلى المرأة المحبة الهادئة الخجولة الموازنة بين العهد الإيماني والعهد العاطفي. أما بريسكا الحفيدة فهي رمز للأنثى أصل المشاعر الوجدانية ومركز الغواية فتفكيرها وتصرفاتها محكومة برغباتها النفسية هي الأولى والمشيئة الإلاهية في المحل الثاني وهي مستعدة للتنازل عن القداسة مقابل الحب المحرك للرغبة في الحياة.
ودقيانوس يرمزإلى الإنسان الوثني الجاحد بالمسيحية المفتون بالسلطة والجاه المتكبر عن التسليم بوحدة الوجود ووحدة الخالق وصدق رسالة عيسى عليه السلام فيطغى ويظلم شعبه وأتباع المسيح عليه السلام لتوهمه أنه يملك كل الحقيقة.
5- القوى الفاعلة :
ساهمت عدة قوى في صناعة الحدث الديني ومسرحته داخل عرض وجودي فلسفي ذي نزوعات نقدية تاريخية تقيس نبض إيمان النخب وتختبر التوجه الديني العام للمجتمع المصري الذي كان في حالة أسر وشل الإرادة وغزو ثقافي من قبل الانجليز في عهد الملك المتسلط الموالي للاحتلال وتكشف خطاطة الوضعيات عن طبيعة الوضع الديني والسياسي الذي تومئ إليه مسارات شخوص المسرحية ومؤشرات لغتها الوسيطة بين الفصحى والعامية بدءا من وضعية البداية :البعث وإيحاءاتها بميلاد صفوة متنورة تقود مكونات المجتمع المصري نحو التحرر وفك القيود ومرورا بوضعيات موازية :كالاندماج ثم الصدمة وما ترمز إليه من خيبة أمل الشعب في قيادته وعلى رأسها الملك فاروق والباشا إسماعيل صدقي سنة 1946 الذي أعاق التغيير نحو الحرية والاستقلال وشل مريديه وانتهاء بوضعية النهاية : امتثال أو معاكسة للقدر وما توحي إليه من نكوص للقوى الحية المريدة للحرية والتغيير وتتنوع هذه القوى بين :
1-الشخوص :سواء الذين يمثلون الاتجاه الايجابي وخفض التوتر على الصعيد التاريخي خاصة مرنوش ومشلينيا أو الذين يشكلون الاتجاه السلبي وضعف المقاومة كيمليخا والكلب قطمير والقديسة بريسكا الجدة والأميرة الحفيدة أو الذين يمثلون الحياد الايجابي أو السلبي كالمستشار غالياس والملك العادل ثيودوسيوس الثاني والصياد والراهب والملك دقيانوس.
2- الأماكن : إما منغلقة كالكهف الذي يفيد دلالات متباينة بين اللجوء بحثا عن أمان النفس والعقيدة والاستقرار الروحي ثم قبر الحرية و إرادة التغيير والاستسلام دون مقاومة أو المنفتحة كالقصر رغم أسواره لأنه منشد الخلاص والحلول السحرية والبهو ومدينة طرسوس التي تشكل الأمل في التغيير واستشراف يوم الكرامة و البقاء في كنف العزة .
3- جمادات : استعمل الحكيم عدة جمادات وبعث فيها الروح لتطبع الأحداث وتترك بصمتها على الشخوص كالصليب الذي يؤشر على تحول في العقيدة بين عهد وثني مضطهد وعهد إيماني متعايش و قطع النقود التي تدلل على تولي عهد متسلط بائد ونشوء عهد عادل متشبع بالعقيدة المسيحية. والرسالة التي وجهها مشلينيا إلى بريسكا سرا عن طريق وصيفة يخبرها بالذهاب لإحياء يوم الفصح إلى جانب زميله مرنوش ويذكرها في نفس الآن بهذه المناسبة المسيحية.
4-أفكار : يطرح متن الوقائع في نص مسرحية الحكيم قضايا دينية جوهرية تشكل الثيمة الأساسية التي تمس صميم إيمان المعتقد المسيحي بتداعياته الوجودية في الفكر الديني حيث تصنع الحال البشري وتتحكم في المآل الإنساني وتصرف القدرة الإلهية كفكرة البعث و المشيئة الإلهية في الإحياء والإماتة التي تعبر عن بسطة يد الخالق على الملكوت وتحكمه في مصير مخلوقاته مشلينيا ومرنوش ويمليخا وبريسكا… التي تخضع لقضاء الله وقدره و لنظام التسييرالالهي الذي يحد من القدرة الإنسانية و من هامش حرية الفعل ويقلل فرص التخيير الإنساني ومقاومة الزمن والفناء ومجابهة فكرة الصراع بين المقدس والمدنس والخير والشر والكفر والإيمان من أجل التعمير والخلود.
5-أحاسيس : يكشف الحقل العاطفي لمسرحية أهل الكهف عن مربع علاقات نفسي يتشكل من ثنائيات ضدية تكشف عن التمزقات النفسية للشخوص واستعدادها للتضحية خاصة مشلينيا ومرنوش وبريسكا الجدة والحفيدة وتعري التناقضات التي عاشها المجتمع المسيحي القديم وتجلي التباينات في المراحل التاريخية بين فترة دقيانوس وثيودوسيوس الثاني من جهة وبين العهد القديم والجديد للعقيدة المسيحية ومرحلة الملك فاروق والاحتلال الإنجليزي من جهة ثانية :
1- حب ونفور.
2- تعلق وتخلي.
3- إقبال وإدبار.
4- اتصال وانفصال.
6-الوقائع : يتضمن متن الأحداث مجموعة من الوقائع الدينية التي تحبك نسيج المعجزة الزمنية الخارقة كواقعة البعث والمشيئة وواقعة الاضطهاد الديني وواقعة الصراع من أجل الخلود وواقعة تبدل الأحوال الإيمانية وتأرجحاتها بين التسامي والتدني والتعلق بمتاع الدنيا والارتباط بعرض الآخرة والتصديق والتكذيب والتسليم و الإنكار والمجادلة . ومقاربة هذه الوقائع منطقيا تكشف عن المنظور السردي الذي قدم به متن الأحداث وعن الرؤية من الخارج التي تعرض الشخوص والأحداث بحيادية وصفية تزاوج بين السرد التصويري الذي يقوم على تظليل الحدث بالوصف والتخييل دون إبراز الطابع الذاتي للسارد وإحلال الحوار محل تلخيص الوقائع فيتسم السرد بزمن الماضي والمستقبل مما يسمح للحوار بتفعيل لغة الحاضر لصياغة الحدث الدرامي واستهداف خلق ردود فعل آنية عند شخصيات مقابلة في أفق تنمية الحوار وتطوير الحدث المسرحي وتشكيل الرؤية من الداخل لتسريب وجهة النظر. هذا ويمكن البرنامج العاملي من ضبط العلاقات المنطقية وحصر وظائف العاملين وتجلية عناصر الرؤية :
1-المرسل : الراوي العليم.
2-المرسل إليه : المتلقي والقارئ المفترض.
3- الذات الفاعلة : الفتية الثلاثة.
4-الحدث/الموضوع : الله يحمي الفتية الثلاثة اللاجئين إليه هربا من اضطهاد دقيانوس ويوحي لهم بالاعتصام بمغارة بالرقيم ثم يبعثهم بعد نوم عميق والنوم أخو الموت ويسلمون بشكل متفاوت بمعجزة البعث بعد اختبار الفاصل الزمني باحتكاكهم بواقعهم الشخصي وتعذر اندماجهم في الحياة الجديدة.
5- المساعد : الإيمان بالقدر.
6- المعيق : التسيير ومعاكسة القدر للتخيير بمنطق العقل أو بتدبير التخلي عن القداسة.
7-القناة :استعمال لغة عربية فصيحة وسيطة تتخللها إرشادات مسرحية مؤثثة بعلامات مشهدية.
8-الوظيفة : تحويل فكرة دينية » المشيئة » إلى حالة فنية واجتماعية لرصد تمظهرات سلوك عقدي ونقد أوضاع دينية وإسقاط الحالة على وضعية تاريخية مشابهة تكرس الطابع المشابه وترفع من درجة التطابق بين الوقائع والواقع على قاعدة عقد فني بين المؤلف المحرض على القراءة ومتلقي مفترض يطالبه بالمزيد من إشارات التفسير و التأويل لإنتاج نواة المعنى واستخلاص المغزى من مسرحة الحدث الديني من خلال تحريك شخوص نمطية تمثل القدوة كمشلينيا ومرنوش ويمليخا في مجالات التسليم بالمعجزات وإعمال العقل في مقاصدها وإخضاع وقعها وتأثيرها لمقاربة منطقية ومقتضيات الوضعية التجريبية التي تؤمن بالحس والمعرفة الواقعية وتوازن بين الولاء للعقد الإيماني والعقد العاطفي أو معاينة حركة شخوص جاهزة كدقيانوس وثيودسيوس الثاني وغالياس على ركح السرد التصويري والحوار الدرامي في مسعى يروم صنع الحدث أو تفسيره، أوتبادل شخوص مبتدعة كبر يسكا الحفيدة للملفوظ السردي في مقامات تواصلية تمجد الحب الإنساني وتضعه في مرتبة متقدمة على الحب الإلهي وترنو بعد إشباع رغبة الارتباط بالحبيب إلى سكينة العالم الآخر. أو شخصيات ديكورية مؤثثة لفضاء الكهف لكن لها رمزية دينية وتسامي سلوكي ولو في عالم الحيوان كالكلب قطمير الذي عرف بحراسة قطيع يمليخا وبعثه الله مع الفتية الثلاثة ليكون آية لجنسه ويدخل في دائرة القدسية ويسجل ضمن قائمة الحيوانات الموحى لها كحمار العزيز وناقة صالح وناقة محمد /ص/ وبقرة موسى ونملة سليمان وطير إبراهيم وكبش إسماعيل وحوت يونس وذئب يوسف وهدهد بلقيس وسليمان.
6-البنية النفسية:
نجح الحكيم في كشف أبعاد البنية الشعورية للشخوص الرئيسيين في المسرحية وفي سبر أغوار الترسبات النفسية والنفاذ إلى أسفل طبقات خطاب الرغبات واقتحام عنف المعيش العاطفي من خلال مناولة منهجية لموضوعات نفسية دقيقة تتبدى في الحب والتعلق بالدنيا والرضى بالقدر ثم معاكسة القدرو اشتغاله على حقل عاطفي يمتح من مرجعية دينية وإنسانية تحتفي بعلاقات نفسية راقية تروم الانتماء إلى النسب السماوي والانفكاك من النسب الأرضي تطبعها :
1- الألفة :
إن تردد الفتية الثلاثة في التسليم بالمعجزة الزمنية للوهلة الأولى وتصميمهم على خوض تجربة الخروج من الكهف والاندماج في حياتهم الشخصية واسترجاع ممتلكاتهم الخاصة : الأغنام /جو الأسرة/ الحبيبة…خير دليل على تعودهم على الشخوص التي وطنوا أنفسهم عليها وعلى المكان الذي يحمل بعضا من ذكرياتهم داخل فضاء مدينة طرسوس أوالقصرأوالإقامة الخاصة أومنزل أسرة مرنوش المخفي أو المرعى وعلى الزمان الذي يربطهم بعهد دقيانوس المتسلط فمشلينيا ظل مصرا على لقاء بريسكا واستعادة العرى العاطفية قبل الوعي بالفاصل الزمني وبعده مما ساهم في تشبيك خيوط الحدث الديني و طرح علامات استفهام حول مقتضيات القداسة وأحقية القديس في إشباع الرغبة العاطفية وأزم العقدة الدينية من خلال تفجير دال الصراع بين الحب الإلهي والحب الإنساني وتعميق الفجوة بين أخ الإيمان وحاطب الهوى ورفع ذروة التشويق حول العقدة العاطفية بسبب عدم تكافؤ حب أميرة من الطبقة الأرستقراطية الحاكمة وبنت الطاغية دقيانوس بوزير ينحدر من طبقة الأعيان وقديس من طبقة النبلاء هو مشلينيا الذي فر بعقيدته حيث كان من المفروض أن يغلب الرباط الديني على الرباط العاطفي مع بريسكا المرأة الجميلة المخفية لانتمائها للدين المسيحي ذات النزوعات الإنسانية الصرفة.مما حول أفق انتظار القارئ المفترض إلى أفق انتظار تغييري أكده تمسك مشلينيا بنسبه الأرضي رغم أن قداسته وإيمانه القوي بالله يمكنانه من نسب سماوي ويظهر ذلك بشكل جلي عندما أصر على استرجاع حبه الأول مع بريسكا الجدة وتعلقه بالحياة إلى آخر رمق من عمره ثم تجديده العقد العاطفي مع بريسكا الحفيدة التي سلمته الصليب الذي أهداه لجدتها فشعر بالمسافة الزمنية بين عهد دقيانوس المتسلط وعهد ثيودوسيوس الثاني العادل ومع ذلك تمادى في كسب ودها.
2- الولاء للعقيدة:
بعد صراع مع نزعة التملك ومجابهة قوية بحبل وريد الحياة الدنيوية تراجع أبطال المسرحية لصالح الولاء للعقيدة المسيحية التي تقر بالمشيئة الإلهية وتؤمن بقدرة الله على البعث . فإذا كان يمليخا أقل جدلا وجحودا وأكثرهم نزوعا نحو الإيمان بالفطرة باعتبارها ذاكرة تختزن وقع الاتصال بعالم الروح وتميل إلى التصديق بالحواس فإن مرنوش أكثرهم فلسفة للموقف ونزوعا نحو العقلانية وميلا للإنكار و إحساسا بالصدمة جراء افتقاده لولده وزوجه وتعذر مقاومته لصيرورة الزمن لاسترجاع المفقود. لكن الأزمة النفسية كانت عميقة ومزدوجة عند مشلينيا الذي عانى من مخلفات هزيمته في صراعه مع الزمن وتألم كثيرا بسبب عدم استعادته لحبه الأول الذي مثل دافعه الجوهري للحياة وحافزه الأول على البقاء بل وكان سر تجديد عقده العاطفي مع الأميرة الشابة.
3-التنصل من الولاءات:
تعلق مشلينيا بحبه العذري وتحوله إلى متيم مثالي و شهيد ليس للعشق الإلهي بل لبريسكا الأميرة الجميلة الهادئة جعله في الكثير من لحظات زمن اليقظة والاندماج يتنصل من ولائه للعقد الديني ويتخلى عن قيم القداسة وينحدر نحو نزوعاته الإنسانية الخالصة.فيربط الأخلاق بالعقل ويفصلها عن الإيمان الحقيقي. فيختزل العمل الديني في نشاط القلب البشري وميله نحو الهوى العاطفي .وكذلك الشأن بالنسبة لمر نوش الذي بلغ به الإحساس بالفقد حد إنكار العقيدة المسيحية التي تؤمن بالمشيئة والقدرة الإلهية على البعث مما أدى به إلى فصل الدين عن الإيمان وربط الأخلاق بالمجتمع ومتطلبات الأسرة.
4- عودة الرشد :
رغم اتساع مسافة التوتر بين الذات الحقيقية والذات المثلى بين الكائن وما ينبغي أن يكون بين الممكن والمستحيل فإن نواة الإيمان المتجذرة في قلب مشلينيا المتوجع من الأزمة العاطفية وقلب مرنوش المتألم من الإحساس بالتخلي والشعور بالفقد يلامسها الرشد فيعود سداد الرؤية إلى وعي الفتية الثلاثة الديني بتلقائية عند يمليخا وعلى مضض عند مشلينيا وبريبة وتمنع تتعارضان مع التسليم بالمعجزة الزمنية والخضوع لقدر الله عند مرنوش .
7-البنية التاريخية:
يخضع متن أحداث المسرحية لخطية تاريخية داخلية يحكمها قانون الاقتضاء والاستتباع تحيل على متوالية سردية مركبة من أربع مراحل :
1-مرحلة البعث : تتميز باستيقاظ الفتية الثلاثة داخل المغارة وتفاعلهم مع الحدث عن طريق الشعور بالتعب والحيرة من الآتي على نحو تتطابق فيه الوقائع مع الواقع ومضمون النص القرآني.
2-مرحلة الاندماج : يعبر فيها الفتية الثلاثة عن إرادتهم للرجوع لحياتهم الأولى وحيازة ممتلكاتهم لكنهم يجدون صعوبة في التكيف فتختلف مواقفهم بين النفور من الحياة الممددة والتعلق بها على أمل منشود ، مما يجعل درجة التطابق غير تامة.
3- مرحلة الصدمة : تتزامن مع اكتشافهم للفاصل الزمني وبداية وعيهم بالفرق بين العهدين : عهد دقيانوس وعهد ثيودوسيوس الثاني وهنا يختلف مسار الأحداث مع الواقع ومنطوق الآيات الكريمة خاصة في حالة مرنوش الذي أنكر معجزة البعث وحالة مشلينيا الذي صمم على التعلق بلقاء بريسكا في نسختها الأصلية /الجدة أو المعدلة/ الأميرة الحفيدة.
4- مرحلة الرقاد : يضطر الفتية الثلاثة إلى تسليم أرواحهم لبارئها تباعا وبشكل متباين بين الرضى التام وشبه التام وبين التبرم وهنا ينزاح مساق الأحداث عن مقاصد المعجزة الزمنية وتتغير صورة فتية الإيمان لدى المتلقي وتبتعد قليلا عن الرؤية القرآنية تجاه القديسين الثلاثة خاصة مرنوش ومشلينيا.
كما تخضع الخطية التاريخية لمنظومة سنوات غير موثقة وعليها خلاف كبير بين المؤرخين سواء في مظانهم التاريخية الإسلامية أو المسيحية نظرا لتوغلها في عمق التاريخ مما جعلها تحتمل عدة سيناريوهات منها :
1- خط زمني صاعد من سنة 112 م إلى سنة 412 م مدته 300 سنة شمسية وتعادل 309 سنوات قمرية وتصادف عهد الملك العادل المسيحي ثيودوسيوس الثاني الذي حكم مابين 408م و450م.
يفترض هذا الاتجاه أن الفتية الثلاثة عاشوا في عهد الملك الرومي الوثني طرا جان الذي حكم من سنة 98م إلى 117م وأصدر مرسوما بقتل أتباع عيسى عليه السلام سنة 112م مما اضطرهم إلى اللجوء إلى الكهف خوفا على عقيدتهم المسيحية .
2- خط زمني صاعد من سنة 250م إلى سنة 450م مدته 150 سنة شمسية. وهذا لايتوافق مع مضمون سورة الكهف التي تحدد مدة النوم في 309 سنوات. ويتشبت به الحكيم لارتباطه بعهد الملك الطاغية دقيانوس الذي حكم ما بين 249م إلى 251م و أوقع مجزرة كبيرة بالمسيحيين وفرض على شعبه عبادة التماثيل مما حدا بإخوة الإيمان إلى الاعتصام بالمغارة في الرقيم .
تتميز البنية الزمنية انطلاقا من البعد التاريخي الذي يشي بزمن الوقائع المحدد في الفترة الممتدة ما بين 249م و251م وزمن السرد المؤرخ في 1929 بالتوازي بين الاتجاه الخطي المهيمن والاتجاه الارتدادي العرضي العابر الذي يكشف عنه المربع التنسيقي :
1- التتابع : توالي شريط الأحداث من حدث الاستيقاظ فالاندماج ثم الصدمة وأخيرا العودة إلى الكهف والاستسلام للنوم العميق.
2-الإدماج : وتتميز بدمج المراحل الأربع ومسارات الشخوص الرئيسيين لاسترجاع وجودهم الأول.
3-التعارض : يتسم بتعارض الرغبة الإنسانية عند الفتية الثلاثة مع مقاصد القدرة الإلهية على البعث وبالاندفاع الشديد نحو تحريك شريط الاسترجاع.
4-التواري : يتميز بإخفاء الاستذكار لأحداث مأساوية من قبيل مجازر دقيانوس ضد المسيحيين وفقدان مرنوش لعائلته ومشلينيا لبريسكا الجدة وأخرى سعيدة من عيار إحياء عيد الفحص واستعادة ذكريات الارتباط بأفراد العائلة والأصدقاء والممتلكات والزمان والمكان.
وفي السيناريوهين معا إحالة على عهدين : وثني مضطهد لأتباع العقيدة المسيحية وإيماني منصف للفتية الثلاثة ومكبر لمواجهتهم لملك الروم الطاغية واعتصامهم بالكهف لحماية الدين المسيحي مما يجسد صراعا حقيقيا بين قوتين قوة الخير والتسامح والعدل وقوة الشر والتسلط والظلم ويمثلها دقيانوس الذي لم يتلاءم الفتية الثلاثة مع نهجه الوثني القاهر لأتباع المسيحية رغم قربهم منه وتقلدهم لمناصب سامية في سدة حكمه الجائر وتبلغ العقدة التاريخية ذروتها عند ملاحقته للموحدين وإبادته للمؤمنين فلم ينفع الفتية المسيحيين سوى الفرار من القصر واللجوء إلى راعي الغنم يمليخا ليدلهم على مكان آمن فتنفرج أزمتهم في الكهف ويحسون بالأمان والأمن وتحدث معجزة البعث الكبرى في قوم متمكنين من الطب يطالبون بالآيات الكونية والدلائل التكوينية . وتحل عقدتهم التاريخية نهائيا في عهد الملك الرومي ثيودوسيوس الثاني الذي رفع من شأوهم ولبى طلباتهم وشملهم بعدله وتسامحه وأحدث القطيعة الإيمانية مع العهد الوثني البائد. ويسقط الحكيم هذه المرحلة التاريخية الرمزية بواسطة تقنية القناع على فترة حكم الملك فاروق الممتدة من 1936 إلى 1952 المتميزة بتواطئه مع المستعمر الأنجليزي وتسليمه رقاب الشعب المصري للخونة المتعاملين مع الاحتلال كمصطفى النحاس فنهبوا ثروات البلاد ونكلوا بالوطنيين الشرفاء الأحرار وأخلوا بالأمن والأمان تماما كما فعل دقيانوس مع شعبه وعلى شاكلة ماوقع لمرنوش ومشلينيا ويمليخا الذين تفاعلوا بشكل سلبي مع مجزرة دقيانوس للمسيحيين فبدل الجهر بعقيدتهم ومواجهة الملك الوثني، وقد كانوا في مركز صنع القرار وامتلاك القوة، فضلوا المحافظة على أرواحهم وفروا من قهر الملك المتسلط ولجأوا إلى الكهف وبسبب هذا اللجوء ألقى محمود العالم باللائمة على الحكيم بقوله : » فمنطق العودة إلى الكهف منطق مفروض على المسرحية وليس مستمدا من ضرورة حية كامنة فيها ومنطق العلاقات الداخلية فيه من التأمل الفكري المجرد أكثر مما فيه من الصدق الإنساني ولاشك أن هذا مصدر العجز الفني أن فلسفة المسرحية مستمدة لا من نبض الواقع الحقيقي وإنما من فلسفة فئة تتأمل الواقع دون أن تتحرك معه ودون أن تشترك فيه ودون أن تضيف إليه » في الثقافة المصرية دار الأمان الرباط ط2 1988 ص 61 وفي نفس المنحى يتجه نقد محمد مندور : »لماذا عاد الحكيم ثانية بمشلينيا إلى كهفه على الرغم من تجدد أقوى صلة تربطه بالحياة وهي صلة الحب بل وجعل بريسكا الجديدة تلحق به في الكهف وإن يكن مشلينيا قد كان بالضرورة آخر من عاد إلى الموت باعتبار الأمل فــــــــــــــــــــــــــي
الحب قد أمسكه بعض الوقت في رحاب حياته الجديدة » مسرح توفيق الحكيم دار نهضة مصر للطبع والنشر القاهرة ط3 ص45. والتاريخ يعيد نفسه أثناء بعثتهم فعوض الصمود والمقاومة للاندماج في حياتهم القديمة أو خلق حياة جديدة يتحررون فيها من قيود الزمن وضغوطاته فضلوا الاستسلام للقدر ولجأوا للمغارة والعزلة من جديد. واعتبر الحكيم الذي اخترق عوالم شخوصه الداخلية من خلال تقنية السرد بالتماهي أو السرد بالالتفات أو السرد العاطفي هذا السلوك ضعفا في القدرة الإنسانية وانتقاصا من حرية الفعل البشري وتكريسا لمبدأ التسيير ونفيا لمبدأ التخيير ناسيا أن سياق الحدث الديني في المسرحية رغم تصرف الحكيم فيه فنيا يتجه نحو عرض المعجزة الزمنية من منظور القرآن الكريم ومن مساق أحداث قصة أهل الكهف كما وردت في السورة الكريمة لذلك كان التركيز على التدليل على القدرة الإلهية في الخلق والبعث وتمديد وتقصير الآجال لا البرهنة على حرية الإنسان في خلق أفعاله واستقلال إرادته . من هنا كان التحامل شديدا من قبل ناقد من قامة محمود أمين العالم الذي استهجن مساق مسارات الفتية الثلاثة واعتبره توليدا لإديولوجيا الاستسلام وشلا لإرادة الإنسان وقبرا لفعل المقاومة الوطنية في مصر يقول محمود أمين العالم محللا ومؤولا : »إن مسرحية أهل الكهف مأساة مصرية بحق ولكنها مأساة مصر من جانبها المهزوم الذليل مصر التي ترى الزمن عدما أسود لا حركة للتطور والنمو والنضوج مصر التي ترى الزمن ثقلا وقيدا لا تيارا دافعا خلاقا وعملية نامية مصر التي تؤمن بالبعث الخاوي من حركة الحياة لا مصر التي تؤمن بمفهوم الزمن جاف أعجف لا مصر التي تؤمن بحركة الواقع الحي وتكافح من أجل تثبيت سيطرة أبنائها على حياتهم لهذا كانت هذه المسرحية من الأدب الرجعي الذي وإن عكس جانبا من الحياة المصرية إلا أنه لا يشارك في حركتها الصاعدة بل يقبع عند علاقاتها وقواها الخائرة المهزومة ص 60 في الثقافة المصرية دار الأمان الرباط ط2 1988 .
8- البنية الاجتماعية:
تطرح مسرحية أهل الكهف من منظور الاجتماع الأدبي ثيمة الوعي الطبقي عند الشخوص داخل توليفة جدل التعالق بين الملفوظ السردي والإطار المرجعي داخل مساحة الحوار وبؤرة المواءمة بين مستويات اللغة وإحالات المجتمع الطبقية على طريق تسييد التفاعل بين اللغوي والاجتماعي من خلال تجاوب الشخصيات مع دال الرهبانية وهي التفرغ للعبادة والانقطاع عن ممارسة الحياة الآدمية بشكل طبيعي و هيمنة بنية الترهبن بمفهوم المغالاة بطريقة دينامية تتخذ لها تمظهرات على مستوى الاعتقاد في جانبه السياسي استبداد دقيانوس واستئثاره بالحكم وقهره لحرية التدين وفي جانبه الديني تطرف الفتية الثلاثة في موقف الانعزال وإخفاء خصوصيات حياتهم : الزواج وتكوين أسرة والارتباط العاطفي بالأخرى / الأنثى التي تتخلى عن أصلها وتتحول من الآدمية إلى القداسة لتحقق درجة عالية من التماثل بين البنية الجمالية والبنية المرجعية التي تتحكم في تحديد الرؤية نحو العالم : المسيحي والوثني للتعبير عن الوعي الجمعي الذي يحترم الانتماء إلى النوع الطبقي والهرمية السياسية فالزواج يتحقق بين النبلاء والصداقات يحددها الانتساب إلى الطبقات حيث توزع الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية انطلاقا من المنطق الطبقي حيث يتحول مرنوش إلى مناضل طبقي يكشف وعيا زائفا داخل المجتمع الإسرائيلي بعهديه القديم والجديد يسعى إلى تحقيق القطيعة بنزعته المادية و جنوحه نحو العقلانية مع أفكار ومبادئ وممارسات دينية… و يصور صراعا إنسانيا من أجل البقاء وتمزقا نفسيا يعكس الفجوة بين مطالب الجسد ومقتضيات الروح ويتحول مشلينيا إلى بطل إشكالي يصور مأساة إنسانية تتمثل في مصادرة حق الاختيار وحق الحياة لتأكيد آدمية القديس دون المساس بجوهر الإيمان.
9- البنية اللغوية
تنحت مسرحية أهل الكهف نموذجا لغويا فصيحا لنسج أحداث المسرحية ورسم أدق تفاصيلها من أمثلته : »الملك : ألا ترى أن تضع أجسادهم المقدسة في توابيت ثمينة ؟ ص187…. يتميز بالسردية التصويرية وتتمثل في هذه المقتطفات: »لمن هذا الأنين ؟ يمليخا…ص160 وقوله : »أمريض أنت يايمليخا؟ »ص161 … حيث تروم خلق التلاؤم بين الواقع ومستوى الشخوص ومقامات التلقي من خلال الانفتاح على أربعة حقول معجمية هي :
1-الإيمان :يظهر في الإيمان بالمشيئة الإلهية واستعمال قاموس لغوي ديني يضم من مفرداته :
2-التعلق:ويتجلى في تعلق الفتية الثلاثة بالدنيا الجديدة والعمر الممدد لاسترجاع الوجود الأول وإعادة علاقاته الإنسانية والعاطفية وتدل عليه:
3-اللوم: ويتمظهر في توجيه مرنوش العتاب لمشلينيا وللقدر وتوجيه الفتية الثلاثة اللوم لعهد دقيانوس وما تولدت عنه من مآس ويدل عليه:
4-الخيبة: يشترك في الإحساس بها الفتية الثلاثة بشكل متفاوت مرنوش ثم مشلينيا فيمليخا وذلك عندما عجزوا عن التأقلم مع الحياة الممددة بسبب عدم استيعابهم للفاصل الزمني.
10- البنية الأسلوبية :
يتميز التكوين النصي لمسرحية أهل الكهف بالتنوع بين البنية الحوارية وهي المهيمنة حيث تتولى عرض أحداث قصة أهل الكهف من تكثيف أسلوب الاستفهام :- مشلينيا : ألا ترى هذا الراعي يتجنب قربنا ،أين هو ؟ – مرنوش : لعله بباب الكهف يرقب طلوع النهار،شأن الرعاة. ص14 ثم البنية السردية ويستوعبها الفصل الأخير للاستدلال على عالمية الإطار المرجعي الذي تمتح منه المسرحية وقائعها إذ يعمد إلى تقديم المصدر الثالث لمسرحية أهل الكهف إلى جانب : سورة الكهف في القرآن الكريم وبعض الأدبيات المسيحية وهو التراث العالمي الياباني ممثلا في قصة أوراشيما:بريسكا :إنك لاتعرف شيئا، ألا تذكر أني سألتك أين كان أوراشيما مدى القرون الأربعة ، فلم تجب ؟ آه لو أنك قصصت علي ذلك ص179 .و تنضاف إليه بعض الإرشادات المسرحية التي صدرت بها الفصول وتتخلل بعضها( تقلب الصليب في يدها وكأنها تقول لنفسها) ص125 ( الكهف بالرقيم…ظلام لا يتبين فيه غير الأطياف ، طيف رجلين قاعدين القرفصاء،وعلى مقربة منهما كلب باسط ذراعيه بالوصيد) ص13 .
خاتمة:
تشكل مسرحية أهل الكهف باعتبارها نصا قرائيا بامتياز استفزازا للعقل الفني ولآليات النقد المسرحي يورط القارئ المفترض والمتلقي الأدبي على خوض مغامرة القراءة التأويلية وإسقاط القناع أوتجشم ألم الاستلقاء على سرير بروكست وتحمل عناء تمديد النص وقصه والتضحية بخيانته لتتطابق الوقائع مع الواقع ويتحقق التناغم مع مقصدية الخطاب القرآني.
Aucun commentaire