Home»International»غزو الإشهار… لموائد الإفطار

غزو الإشهار… لموائد الإفطار

0
Shares
PinterestGoogle+

طالب باحث: مرحلة الدكتوراه

Ahmedief@gmail.com

غزو الإشهار… لموائد الإفطار

ينتظر المغاربة كغيرهم من مسلمي العالم، رؤية هلال رمضان بكل شوق وحنين، لإعادة تمتين ونسج الروابط بينهم وبين الله تعالى، وللاغتراف من معين جوّه الروحاني الاشراقي، الذي تستقي منه الأنفس نسمات الخير، وتستولي عليها ومضات البركة، في حين أن فئة أخرى من مجتمعنا، تتلهف لهذا الشهر الفضيل، بالنظر إلى مكانته التجارية، وفرصته الذهبية، لتسويق وتتجير السلع والخدمات، بغية اقتناص عيون المشاهد واستهداف جيوب المستهلك-الصائم، المتسمر أمام شاشات التلفاز، في ترقب لحظي-درامي لإعلان « الله أكبر ».

قبل أن تُولي القنوات المغربية لاقطاتها، نحو صوامع المساجد، لنقل صوت أذان المغرب « حسب توقيت الرباط سلا+الدار البيضاء وما جاورهما »،  تفتح هذه الوسائط –مستغلة تجمع العوائل والأفراد أمام الشاشات- فيضها الإشهاري، وغيثها الإعلاني، في تسابق محموم مع الزمن، كي تقصفه بوابل من الومضات التجارية، التي تتقاطر على الأعين والآذان دون استئذان أو طرق، وتتطفل ببجاحة على الموائد، في صورة الضيف الثقيل، الذي يتلمس مشاركة الصائمين وجبات إفطارهم، وكسر جوهم الرباني، الذي ينتظرونه مرة في السنة.

ومع مرور الثواني النفيسة والدقائق المعدودة، تزداد حدة هذا الهجوم الإعلامي مع لحظات الإفطار، حيث تشهد نسبة المتابعة والتلقي، أعلى درجاتها حين تبلغ « زمن الذروة » أو النشوة-الرعشة بالنسبة للمعلنين؛ وهي فترة ممتدة من أذان الإفطار، إلى حدود ساعتين بعده، يرتفع معها نهم القائمين على الإشهار، حيث يُراجعون عدادات الأثمنة الخاصة بالبث، بما يتوافق مع إمكانيات التغطية، الموجهة للجمهور-المستهلك في جميع أنحاء الوطن، فتصل لائحة الأثمنة إلى ما يربو عن 16 مليون سنتيم للدقيقة الواحدة.   

وبما أن الشهر الأبرك أصبح في السنوات الأخيرة، يزورنا في عز أيام الوغرة والقيظ، فإن الصائمين يتربصون بوقت الأذان، لإرواء الظمأ وإطفاء نار العطش الملتهبة..؛ ولِما لا يكون مشروب غازي.. أو مشتق حليبي.. أو عصير فواكه..، هو المخلص من شدة العطش، والناقل إلى أجواء إيحائية-رمزية؛ يغدو معها الصوم نزهة ومتعة لا تعوض، ولا تتوفر إلا للمستهلك الذي يتقنيها دون غيره. أجواء مفروض فيها أن تكون مُتسمة بخصال الزهد، وُمزينة بثوب القناعة والتبتل الروحي.

كما أن المعلنين-الممولين، لا يقتصرون على نوع غذائي معين، بل يشرئبون إلى أنواع شتى، تتربع في قُلة المنتجات المعروضة، فتشمل عروض وهدايا الاتصالات الخاصة بالشبكات العاملة وطنيا (اتصالات المغرب، ميديتل، باين، إينوي) المتطفلة على المستهلك، الذي سيعاني روحيا، جراء فقدان أجواء رمضان التقليدية، حيث ستتوغل شركات الاتصالات، لتملأ الفراغ وتتكفل بربط صلات الوصل بين الأحباء والأقارب والأصدقاء… فمع خدمات الهاتف النقال والثابت والانترنت، وكثرة الساعات الحرة.. والمجانية..!! لنا ولأحبابنا.. نسمح لخيالنا بالتجمع والتحلق حول الموائد رغم تفرق الأبدان وبعد الأرواح..

 

لا نماري في أن الإشهار له فوائد جمة على المعلن، يقوم بالتعريف بمنتجاته ويرسخ مكانة علامته، وله في نفس الوقت، فوائد تعود على الوسائط الإعلامية، تكفل لها سلاسة تمويل برامجها، وتشكل دخلا ماليا مهما للبقاء على الساحة الإعلامية، ومن حقها أن تجاري إملاءات وتوجهات المعلنين، حتى تحافظ على استقطابهم والظفر بصفقاتهم. لكنها، وللأسف، لا تراعي ممولا أساسيا آخر، يشكل الطرف الأضعف في هذه المعادلة؛ بل إن تمويله ينقد، في كثير من الأحيان هذه الوسائط، وبالذات القنوات التلفزية، من شبح الإفلاس، عبر الضرائب التي يدفعها مباشرة كانت أم غير مباشرة، ويرنو من مساهمته هذه، مشاهدة ما يرمي إليه وما يحترم عقله ويوافق كيانه، رغم أنه من جهة ثانية، يمثل الكيان المستهدف بتلك الغزوات الإشهارية، بوصفه مستهلكا منظما أو محتملا.

 

إننا لا نرمي إلى قطع الإشهار في هذا الشهر أو غيره- وذالك من مستحيلات الإعلام المعاصر- وإنما نصبو فقط، إلى ضرورة احترام دفاتر التحملات المقطوع بها في القنوات التلفزية الوطنية؛ فالقناة الثانية مثلا، باعتبارها الأكثر متابعة حسب تصريحات مسؤوليها، ينبغي عليها ألا تتجاوز 16 دقيقة كحد أقصى خلال كل ساعة بث رمضانية. علما أن تقرير الهيئة العليا للسمعي البصري (الهاكا) للسنة الماضية، قد أوضح خروقات رقمية للقناتين الأولى والثانية من حيث مدة البث؛ سواء في الساعة الواحدة أم في المدة الفاصلة بين الوصلتين الإشهاريتين.

 

 

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. ماروك
    23/07/2013 at 11:36

    في الحقيقة ان هده الدعايات الاشهارية تصبب الملل والقهر للنفوس والجيوب خصوصا في شهر رمضان..نتمناو ينقصو منهم ويقلو منهم را بزاف ديال الفلوس ربحو حنا خسرنا وقتنا وحركنا دمنا..

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *